أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن الدولة المصرية تصدت خلال الشهور الثلاثة الأخيرة لـ 21 ألف شائعة، الهدف منها إثارة البلبلة داخل المجتمع، لافتًا إلى أن أكبر خطر تواجهه دول المنطقة هو استهدافها من الداخل من خلال نشر الشائعات.

إيلاف من القاهرة: تعرّضت مصر خلال الأيام الأخيرة لسيل من الشائعات، عبر تناقلها من خلال رواد مواقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك وتويتر"، مستغلين الأوضاع الاقتصادية الملتهبة التي تعيشها البلاد، والتي بلغت ذروتها بعد قرار الحكومة برفع أسعار المنتجات البترولية والكهرباء والمواصلات.

التواصل الاجتماعي كوسيلة
وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن الدول العربية، ومن بينها مصر، تواجه خطر التفجير من الداخل نتيجة انتشار الشائعات الرامية إلى تقويض الاستقرار. وقال، خلال حفل تخريج دفعات جديدة من الكليات العسكرية، إن "السلطات رصدت 21 ألف شائعة خلال ثلاثة أشهر".

وكانت دراسة حديثة أشرفت عليها لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مجلس النواب المصري قد كشفت أن هناك 53 ألف شائعة تم إطلاقها داخل مصر خلال 60 يومًا في شهري سبتمبر وأكتوبر من عام 2017، تم بثها من خلال وسائل مختلفة. وكانت النسبة الأكبر من خلال "السوشل ميديا"، وأن بعض وسائل الإعلام نقلت نسبة تصل إلى 30% من هذه الشائعات على أنها أخبار حقيقية من دون أن تتأكد من صحتها.

خبز يصيب بالعقم!
وشهدت الفترة الماضية تعمّد جماعة الإخوان نشر مجموعة من الشائعات ضد الوزارات والقطاعات الخدمية في الدولة، وذلك في محاولة منهم لفقد ثقة المواطن في النظام السياسي والحكومة، أملًا في خروج الشعب ضدهم، ومن أبرز الشائعات التي روّجتها أخيرًا الجماعة ضد الدولة عبر كتائبها الإلكترونية المنتشرة، هي شائعة أن "وزارة التموين قررت إضافة مادة إلى أرغفة الخبز، من أجل إضعاف خصوبة الرجال"، وهو ما نفته الوزارة. كما تناولت كتائب الإخوان شائعة عن عودة انقطاع التيار الكهربائي في محافظات مصر، وهو ما تم نفيه من قبل وزارة الكهرباء.

حاول الإخوان كذلك ضرب الطيران المصري، من خلال تداول شائعة تقول إن العناية الإلهية تنقذ طائرة مصر للطيران الآتية من لندن. 

البنوك بدورها لم تسلم من شائعات الإخوان وفبركاتهم، فروّجوا شائعة "إفلاس البنوك المصرية بعد رفع أسعار المحروقات"، كما روّجت الجماعة شائعة "بيع أرض مصر حول قناة السويس لعدد من المستثمرين الأجانب"، وهو ما نفته الحكومة. 

أسماك بلاستيكية؟
كما انتشرت شائعة "قيام وزارة الزراعة باستيراد البيض من الصين"، وهو ما نفته الوزارة. وأكدت أن مصر تصدّر البيض، ولديها اكتفاء ذاتي منه، كما تم ترويج شائعة "انتشار أسماك صينية مصنوعة من البلاستيك"، فسارعت وزارة الزراعة إلى نفي الخبر. 

وأكدت الدكتورة منى محرز، نائب وزير الزراعة للثروة الحيوانية والسمكية والداجنة، أن استراتيجية وزارة الزراعة تستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسماك والوصول بالإنتاجية إلى 2 مليون طن بنهاية عام 2022.

أيضًا تضمنت الشائعات التي نالت من الدولة المصرية خبر "وقف حركة الملاحة في قناة السويس بعد تصادم 6 سفن"، وهو ما نفته الحكومة تمامًا. وأكدت أن تلك الأخبار عارية تمامًا من الحقيقة، وأنها استهدفت إثارة الرأي العام ليس إلا. كما جاء ضمن الشائعات المنتشرة أيضًا خبرًا كاذبًا حول "بيع صندوق مصر السيادي لأصول وممتلكات الدولة"، وشائعة أخرى حول "فرض زيادات جديدة على فواتير الكهرباء".

جر إلى المستنقع السوري والليبي
من جانبه يرى اللواء محسن هاشم، الخبير الأمني في مجال الاتصالات، أن الدراسات الأمنية أثبتت أن مواقع التواصل الاجتماعي مثل "فايسبوك" و"تويتر" تساعد على نشر المعلومات المغلوطة ونظريات المؤامرة والشائعات.

وأكدت الدراسات أن الأشخاص يميلون إلى التواصل ومشاركة الأخبار مع من يتفقون معهم في المواقف، عبر صفحات بعينها، وأن المواطن يتفاعل مع نوعين من الأخبار، الأول العلمي، والثاني نظريات المؤامرة والمعلومات المغلوطة، حيث تبيّن أن المستخدمين أكثر عرضة لمواجهة وتقبل المعلومات المضللة غير معلومة المصدر، وتداولها في ما بينهم بطرق انتشار الشائعات نفسها، أكثر من أي معلومات أخرى، لأنها تأتي من دوائر الثقة المحيطة بهم.

وقال اللواء هاشم لـ"إيلاف" إنه "بخلاف تورط جماعة الإخوان في نشر نسبة كبيرة من الشائعات التي أعلن عنها الرئيس السيسي أخيرًا، فإن هناك جهات مخابراتية وأمنية تابعة لدول عربية وأجنبية تتعمد ترويج الشائعات ضد مصر بهدف إسقاط نظامهم وعودة نظام الإخوان، وتكرار ما يحدث حاليًا في سوريا وليبيا".

المراقبة الالكترونية هي الحل
في السياق عينه طالب الدكتور أحمد سعيد، أستاذ الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في جامعة عين شمس، طالب الحكومة والأجهزة المعنية في الدولة بضرورة الرد السريع على كل شائعة يتم الترويج لها، وإلا ستكون في موقف رد الفعل فقط، والحرص على الشفافية في نقل كل المعلومات إلى المواطن، بحيث لا يكون مستعدًا لسماعها من وسيلة إعلامية أخرى، إلى جانب ضرورة أن تتعجل الحكومة في إصدار قانون تداول المعلومات.

وقال الدكتور سعيد، لـ"إيلاف" إن "هناك دولًا كثيرةً فرضت قيودًا على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، من بينها دول عظمى، مثل الصين، وبالتالي يجب على الحكومة المصرية محاسبة الصفحات التي تروّج للأكاذيب، وإلا يكون العقاب الغلق فقط، كما يجب على الأجهزة الأمنية وضع مراقبة على جميع صفحات الشخصيات السياسية وغيرها، والمعروف مسبقًا انتماؤها فكريًا أو عاطفيًا إلى جماعة الإخوان المسلمين خاصة، وأنهم منتشرون في الجهاز الإداري للدولة.

جيل رابع
وقال اللواء كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب، إن "الشائعات أقوى بكثير على المجتمع والدولة من الحروب النظامية، وهي إحدى الوسائل المستخدمة في حروب الجيل الرابع، وتستخدم في تجنيد الشباب، وتحركهم ضد الدولة".

وشدد على أن الحكومة، ممثلة في وزارة الاتصالات، بدأت باتخاذ الإجراءات الفنية اللازمة لمعاونة أجهزة الأمن في ذلك، وهناك جهود واضحة يقوم بها مركز المعلومات واتخاذ القرار في نفي تلك الشائعات بشكل دوري، وإيضاح الحقائق للناس.

وأكد اللواء عام، لـ"إيلاف" أن "الشعب المصري يدرك جيدًا التحديات التي تواجه الدولة منذ عزل الإخوان من الحكم، وهناك تلاحم كبير في مواجهة تلك الشائعات، ولن ينجح الإخوان في نشر الفتنة بين المصريين".