أسامة مهدي: اتهمت منظمة حقوقية دولية اليوم قوات الامن العراقية بإستخدام القوة القاتلة ضد المتظاهرين المحتجين منذ اسبوعين على تفشي الفساد والبطالة ونقص الخدمات العامة، واتهمت مليشيا بدر بإطلاق النار على المتظاهرين واكدت اغتيال محام يسعى لاطلاق المعتقلين ودعت السلطات الى تحقيق موثوق ومحايد في سقوط قتلى وجرحى.
وقالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن قوات الامن العراقية أطلقت النار على متظاهرين في محافظة البصرة الجنوبية وضربتهم خلال سلسلة من الاحتجاجات من 8 إلى 17 يوليو 2018 الحالي مستخدمة القوة القاتلة والمفرطة إلى حد كبير وغير ضروري ضد الاحتجاجات على نقص المياه والوظائف والكهرباء والتي أصبحت عنيفة في بعض الأحيان حيث قُتل 3 متظاهرين على الأقل وجُرح ما لا يقل عن 47 شخصا، من بينهم طفلان أُطلقت عليهما النار وطفل ضُرب بأعقاب البنادق.
واشارت المنظمة في تقرير لها الثلاثاء تابعته "إيلاف" في 8 احتجاجات، اطلقت في 6 منها قوات الأمن الذخيرة الحية، وأصابت ما لا يقل عن 7 متظاهرين.
كما ألقت قوات الأمن الحجارة وضربت 47 شخصا على الأقل، من بينهم 29 أثناء الاعتقال أو بعده.و قال شهود عيان إن المتظاهرين قاموا في 5 احتجاجات بإلقاء الحجارة والقنابل الحارقة وإطارات السيارات المشتعلة على قوات الأمن في المحافظة. واوضحت انه منذ 14 يوليو/تموز الحالي فرضت السلطات قيودا صارمة على الوصول إلى الإنترنت في كثير من مناطق وسط وجنوب العراق.
دعوة لتحقيق محايد موثوق
وطالبت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش السلطات العراقية بإجراء تحقيق موثوق ومحايد في ما يبدو أنه استخدام مفرط للقوة القاتلة في البصرة، حتى عندما تصبح الاحتجاجات عنيفة .. محذرة من انه طالما لم تعالج الحكومة مظالم المحتجين، فإن خطر المزيد من الاحتجاجات الدموية يبقى أمرا واقعا.
واشارت المنظمة الى انها قابلت 13 شخصا في 18 و19 يوليو/تموز قالوا إنهم شاركوا في احتجاجات البصرة، من بينهم 3 نشطاء و4 من أقارب 2 من المتظاهرين المصابين بجروح خطيرة، و3 صحفيين، وجبار الساعدي، رئيس اللجنة الأمنية لمجلس محافظة البصرة فقال المتظاهرون إن لديهم 3 مطالب رئيسية : يريدون تحسين الوصول إلى المياه المحلّاة لأن مياه الشرب في البصرة تصبح مالحة جدا خلال الصيف ويتفاقم ذلك كل عام؛ يريدون من الحكومة معالجة معدل البطالة المرتفع في البصرة في النفط والصناعات الأخرى؛ ويريدون زيادة في التغذية الكهربائية، خصوصا خلال أشهر الصيف الحارة.
الاحتجاجات بدأت بحقول نفط البصرة
وأقرّ المتظاهرون بالتعهدات التي قطعها رئيس الوزراء حيدر العبادي والسلطات الاخرى في 14 و17 من الشهر الحالي بتخصيص أموال لتحلية المياه وتحسين الوصول إلى الكهرباء والرعاية الصحية وخلق آلاف الوظائف الجديدة، لكنهم قالوا إنهم لن يتوقفوا عن الاحتجاج حتى يتم اتخاذ إجراءات فعلية.
واشاروا الى إن الاحتجاجات في محافظة البصرة بدأت في 10 يوليو/تموز في حقل نفط قرب بلدة القرنة، على بعد 75 كيلومتر شمال غرب مدينة البصرة، وانتشرت بسرعة إلى مناطق أخرى في البصرة، شملت حقول النفط بالبرجسية والرميلة، وفي جميع أنحاء مدينة البصرة ثم امتدت الاحتجاجات في أماكن أخرى بالعراق، شملت محافظات بابل وبغداد وذي قار وكربلاء والنجف والمثنى وميسان على نطاق واسع.
واوضحت المنظمة انها لم تتمكن من تأكيد ادعاءات الاعتقالات التعسفية والوفيات والإصابات أثناء الاحتجاجات خارج البصرة خلال تلك الفترة، ولا الحوادث في البصرة وأماكن أخرى بعد 17 يوليو/تموز.
اغتيال محام يسعى لاطلاق سراح المعتقلين
وبينت المنظمة انه مع الانتهاء من إعداد هذا التقرير فأنها تلقت معلومات تفيد بأن مهاجمين مجهولي الهوية أطلقوا النار على المحامي جبار محمد كرم البهادلي وقتلوه امس الاثنين بمدينة البصرة في هجوم من سيارة متحركة حيث كان البهادلي يسعى إلى الإفراج عن المحتجزين في الاحتجاجات.
وحدد الشهود وقدموا صورا ومقاطع فيديو لعناصر قوات وزارة الداخلية من شرطة مكافحة الشغب، والشرطة الاتحادية، والقوات الخاصة "السوات"، و"لواء القوة الضاربة"، وشرطة المنشآت النفطية، وجميعهم يمكن التعرف عليهم من الزي الرسمي وهم يواجهون الاحتجاجات.
وقالوا إنهم شاهدوا قوات الأمن هذه وهي تضرب عديدا من المتظاهرين بعصي وأنابيب معدنية وبلاستيكية، لتفريق الحشود. وفي حالتين، اكدوا إن قوات الأمن ضربت المتظاهرين في الحجز.
مليشيا بدر اطلقت النار ضد المتظاهرين
كما قال شهود عيان إن قوات الأمن هذه إلى جانب عناصر من قوات مليشيا "فيلق بدر" المدعومة من ايران وهي جزء من قوات "الحشد الشعبي" في العراق، أطلقت النار على المتظاهرين في 6 من 8 احتجاجات تم التحقيق فيها.
وثّقت هيومن رايتس ووتش وفاة متظاهرَيْن على الأقل بإطلاق النار حيث أكدت السلطات كلّا من هذه الوفيات ووفاة ثالثة.
واوضح شهود عيان إن المتظاهرين الـ47 الجرحى تعرضوا للضرب أو الرمي بالحجارة وإطلاق النار و قال أحد المتظاهرين إنه رأى متظاهرا تصدمه سيارة "همفي" مصفحة كانت تطارده فيما كان رجلان في حالة غيبوبة بسبب إصابات خطيرة في الرأس تسببت بها قوات الأمن. وباستثناء الاحتجاجات في حقل القرنة النفطي، قال المتظاهرون والصحفيون إنهم لم يسمعوا أي تحذير قبل أن تطلق قوات الأمن النار، أو تستخدم الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه لتفريق الحشود.
إطلاق نار ضد قوات الأمن
وقال جميع الشهود الـ 13 إنهم رأوا بعض المتظاهرين يرشقون قوات الأمن بالحجارة وشاهد أحدهم قنبلة حارقة، وشاهد آخر إطلاق نار ضد قوات الأمن.
وقال الساعدي، رئيس لجنة الأمن في المحافظة، إنه حتى 19 يوليو/تموز، قتلت قوات الأمن 3 متظاهرين وأصابت 12، بما فيه من خلال إطلاق النار واستنشاق الغاز المسيل للدموع موضحا إن المتظاهرين جرحوا ما لا يقل عن 10 من أفراد قوات الأمن.
واشار الى إن الشرطة ألقت القبض على 70 متظاهرا على الأقل وما زالت تحتجزهم، من بينهم طفلان على الأقل، سيتم اتهامهم بتدمير ممتلكات حكومية ومهاجمة قوات الأمن. حتى 19 يوليو/تموز، لم يتم الإفراج عن أي منهم أو توجيه تهم إليهم.
مطالبة قوات الامن بإستخدام أساليب غير عنيفة
وطالبت المنظمة قوات الأمن العراقية المشارِكة في مهام إنفاذ القانون التقيد الصارم بـ "مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون".
وبينت ان المبادئ الأساسية تنص على أنه على المسؤولين عن إنفاذ القانون تطبيق وسائل غير عنيفة قبل اللجوء إلى استخدام القوة.
واوضحت انه عندما يكون استخدام القوة أمرا لا مفر منه، يجب أن يستخدموا ضبط النفس ويتصرفوا بما يتناسب مع خطورة الجرم ويجوز لموظفي إنفاذ القانون استخدام الأسلحة النارية فقط لمنع التهديد الوشيك بالموت أو الإصابة الخطيرة. لا يمكن استخدام الأسلحة النارية القاتلة المتعمدة إلا لتفريق الاحتجاجات العنيفة عندما لا يمكن تجنبها لحماية الحياة.
وشددت على السلطات الوطنية وتلك المحلية في البصرة بضرورة إجراء تحقيق موثوق ومحايد وشفاف في استخدام القوة من قبل قوات الأمن في محافظة البصرة كما يجب أن يتم تأديب أو محاكمة أفراد قوات الأمن، بمن فيهم القادة المسؤولين عن الاستخدام غير القانوني للقوة المفرطة أو القاتلة، حسب الاقتضاء. واكدت على ضرورة تلقي ضحايا الاستخدام غير القانوني للقوة من جانب قوات الأمن تعويضا فوريا ومناسبا.
قطع الانترنيت مخالف للقانون الدولي لحقوق الانسان
وفي الختام ذكرت منظمة هيومان رايتس ووتش انه منذ 14 يوليو/تموزالحالي منعت السلطات العراقية الوصول إلى الإنترنت في كثير من مناطق وسط وجنوب العراق، بما يشمل وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الرسائل مثل "واتساب" و"فيسبوك".
ونوهت المنظمة الى ان "القانون الدولي لحقوق الإنسان" يحمي حق الأشخاص في البحث عن المعلومات وتلقيها وتقديمها بحرية من خلال جميع وسائل الإعلام، بما فيه عبر الإنترنت .. وقالت "يجب أن تكون القيود المتعلقة بالأمان قائمة على القانون وردا ضروريا ومتناسبا على تهديد أمني محدد".
واشارت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في المنظمة الى ان "حجب الإنترنت في جنوب العراق لا يحرم الناس من حقهم في تبادل المعلومات فحسب، بل يمكن أيضا أن يهدد حياتهم ولذلك فأن على السلطات رفع جميع القيود المفروضة على الإنترنت فورا إلا إذا كانت هناك مخاوف أمنية محددة تتطلب مثل هذا الرد".
يشار الى ان آخر المعلومات عن عدد القتلى والجرحى والمعتقلين خلال تظاهرات الاحتجاج التي يشهدها العراق منذ اسبوعين قد بلغ أكثر من 1200 شخص بينهم 18 قتيلا فيما اشارت الى ان بعض هؤلاء المتظاهرين تم ارغامهم على توقيع اعترافات مفبركة وتعهدات بعدم الاحتجاج مجدداً.
التعليقات