إيلاف من لندن: فيما ظهرت قوات أميركية في بغداد وسط استغراب المواطنين، يحتفل العراق اليوم بالذكرى الثامنة والتسعين لتأسيس جيشه الوطني حيث يسجل له التاريخ أحداثا حافلة غيرت من مسيرته العسكرية والسياسية منذ التأسيس عام 1921 من خلال انقلاباته العسكرية ومشاركاته بمعاركها القومية خاصة في فلسطين ثم حربه ضد الارهاب وطرده من البلاد ليصبح الجيش السادس عربيا والتاسع والخمسين عالميا قوة وتسليحا ورجالا.&

وبهذه المناسبة يرعى رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي اليوم الاحد استعراضا عسكريا في بغداد تشارك فيه وحدات من الجيش وطلاب الكلية العسكرية، كما سيتم تخرج دورة من كلية الاركان.. كما يعطل العراق احتفالا بهذه المناسبة حيث تتوقف جميع الادارت والمؤسسات الحكومية والتعليمية عن العمل من أجل المشاركة بهذه المناسبة.&

قوات أميركية تظهر في بغداد.. مشاركة أم تحدٍ

ومع احتفال العراق بذكرى تأسيس جيشه الوطني، فقد لاحظ العراقيون بإستغراب امس ظهور العشرات من العسكريين الأميركيين بقيادة نائب قائد القوات الأميركية أوستن رينفورث وسط العاصمة العراقية وفي شارع المتنبي المشهور بالمكتبات يرافقهم قائد عمليات بغداد جليل الربيعي.

&

عسكريون أميركيون في شارع المتنبي بوسط بغداد

&

"إيلاف" سألت مصادرها في بغداد في غياب تفسير رسمي لهذا الظهور العسكري الأميركي وسط العاصمة، فأشارت الى انها تعتقد ان ذلك مرجعه إما الى حضور العسكريين الأميركيين الى الاستعراض العسكري العراقي اليوم بذكرى تأسيس جيش البلاد الوطني أو انه تحدٍ لمطالب القوى العراقية الموالية لايران الداعية لاخراج القوات الأميركية من البلاد.&

ومن جهته، طالب تحالف سائرون المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر رئاسة مجلس النواب باستضافة القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي وكبار القادة الامنيين بمن فيهم قائد عمليات بغداد ومساءلتـهم حول وجود الجنود الأميركيين&في بغداد.

وانتقد النائب عن تحالف سائرون جمال فاخر في بيـان صحافي تجوال نائب قائد القوات الأميركية في شارع المتنبي ببغداد امس وما سبقه&من الزيارة غير المعلنة للرئيس الأميركي دونالد ترمب الى قاعدة عين الاسد في محافظة الانبار. وأكد على "ضرورة مساءلة القائد العام للقوات المسلحـة والقادة الامنيين امام ممثلي الشعب داخل قبة البرلمان عن حقيقة الوجود العسكـري الأميركي داخل المدن العراقية وطبيعة عمل اولئك المستشارين في الوقت الحالي".

أولى تشكيلات الجيش العراقي

واليوم، شددت وزارة الدفاع العراقية على ان الجيش العراقي الذي تأسس عام 1921سيبقى "سور الوطن ودرعُه الحصين والحامي لأرض وسماء ومياه الوطن من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب".. وقدمت في بيان تابعته "إيلاف" تحية "أجلال لارواح الشهداء الابرار الذين كان&لدمائهم الزكية الدور الاكبر في تحقيق الانتصارات وخط حروف يوم النصر الكبير" على تنظيم داعش في التاسع من كانون الاول ديسمبر عام 2017.&

ويرجع تاريخ تأسيس الجيش العراقي الحالي إلى عام 1921 في عهد المملكة العراقية وفي ظل حكم الملك فيصل الأول، حيت تأسَست أولى وحَدات القوات المسلحة خلال عهد الانتداب البريطاني للعراق كما تشكلت أيضا وزارة الدفاع العراقية التي ترأسها الفريق جعفر العسكري والتي بدأت بتشكيل الفرق العسكرية بالاعتماد على المتطوعين فتشكل فوج الإمام موسى الكاظم.

وقد اتخذت قيادة القوات المسلحة مقرها العام في بغداد وكذلك شكلت الفرقة الأولى مشاة في مدينة الديوانية الجنوبية والفرقة الثانية مشاة في كركوك الشمالية تبع ذلك تشكيل القوة الجوية العراقية عام 1931 ثم القوة البحرية عام 1937.

وطيلة فترة عشرينات القرن الماضي الى منتصف الثلاثينات منه حافظ الجيش العراقي على عسكريته دون الدخول في المعترك السياسي حتى عام 1936 حيث اشترك في أول انقلاب عسكري بقيادة قائد الفرقة الثانية الفريق بكر صدقي.

وقام الجيش بعد ذلك بدور بارز في الحروب العربية الاسرائيلية منذ عام 1948 وفي حرب&يونيو1967 وحرب&اكتوبر 1973.. م خاض وحرب الثماني سنوات مع ايران عام 1980 ثم تضاعف حجمه وقوته اثر ذلك ليبلغ عدده اكثر من مليون رجل حيث صنف رابع أكبر جيش في العالم من حيث عدد الأفراد وكان يتشكل من 50 فرقة من القوات البرية.

وقد أدخل النظام السابق الجيش العراقي بمغامرة غزو دولة الكويت في الثاني من&أغسطس عام 1990 والتي انتهت بتحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة وإعلانه الحرب على العراق لتحرير الكويت وسميت العملية بعاصفة الصحراء التي انهكت جيش العراق وانتهت بفرض حصار اقتصادي على البلد.

حل الجيش العراقي.. نكسة على يد داعش ثم الانتصار عليه

وبعد احتلال القوات الأميركية للعراق وسقوط النظام السابق ربيع عام 2003 أعلن الحاكم المدني الأميركي السابق للعراق بول بريمر حل ما تبقى من الجيش العراقي وتم تشكيل جيش جديد مكون من 17 فرقة لكل فرقة 4 ألوية، بالإضافة إلى قوات للبحرية والجوية.&

ثم تم تشكيل أول لواء في الجيش الجديد نهاية عام 2003 وهو اللواء الأول للتدخل سريع الذي يعتبر نواة الجيش الجديد الذي يبلغ تعداده حاليا حوالي 350 الف عسكري. ومنذ ذلك الوقت يخوض الجيش حربا ضد مجاميع مسلحة تخوض حرب عصابات.

&ثم مني الجيش في&يوينو عام 2014 بنكسة عسكرية كبيرة حين استطاع تنظيم داعش احتلال مدينة الموصل الشمالية وتمدده منها الى محافظات صلاح الدين والانبار وكركوك وديالى.. لكن الجيش وبدعم من تحالف دولي يضم حوالي 60 دولة عربية واجنبية استطاع ان يقضي على التنظيم ويطرده من البلاد ويعلن النصر العسكري عليه في التاسع من&ديسمبر عام 2017.

يحتل المركز السادس عربيا والعاشر شرق اوسطيا والتاسع والخمسين&عالميا

وبحسب موقع "Global Fire Power" لتصنيف القوة العسكرية لدول العالم معتمدا على أكثر من 50 عاملاً فقد جاءالجيش العراقي في المركز السادس عربيا والعاشر شرق اوسطيا والتاسع والخمسين عالميا في قائمة تصنيف القوة العسكرية لدول العالم، موضحا ان الترتيب لا يعتمد على العدد الإجمالي للأسلحة الموجودة لدى أي دولة ولكن يركز بدلا من ذلك على تنوع السلاح.

وجاء الجيش العراقي في الترتيب التاسع والخمسين بين جيوش العالم والسادس عربياً والعاشر شرق اوسطيا بناء على المعطيات التالية: عدد السكان: 38 مليون نسمة.. تعداد الجيش: 318 ألف مقاتل.. تعداد الاحتياطي: 150 ألف شخص.. من يصلحون لأداء الخدمة: 13 مليون شخص. وايضا لامتلاكه : الدبابات: 301.. المدرعات: 5,173.. الطائرات الحربية: 151.. طائرات الهليكوبتر: 161.. القوة البحرية: 60.. ميزانية الدفاع: 6 مليارات دولار.

وسيرة الجيش العراقي منذ تاسيسه على مدى العقود التسعة الاخيرة تشير الى مشاركات وطنية في الحياة السياسية وادوار قومية في معارك العرب الخارجية، لكن هذه الادوار لم تخل من ممارسات تخريبية لقيادات تسلطت على شؤونه فقادته ومعه الشعب العراقي لنكسات عسكرية وسياسية من اقساها احتلال العراق وحل جيشه عام 2003 ثم تعرضه لنكسة في مواجهة داعش في&يونيو عام 2014.&

&ويشير مراقبون الى تناقضات تواجه الجيش العراقي وحيث تتقدم&المشهد الساعي لاعادة بنائه وتسليحه الدولتان العدوتان ايران والولايات المتحدة الضالعتان حاليا في قيادة وتقديم النصح والمشورة والمشاركة العملية في بعض مهماته.. وهو امر يقود الى تنازع الولاءات واساليب القتال في وقت يحتاج فيه العراق الى قيادة عسكرية وطنية مخلصة بعيدة عن أي ولاء حزبي او طائفي او قومي داخليا، ورافضة لاي تبعية خارجيا.&

ويرتبط العراق حاليا مع الولايات المتحدة بمعاهدة التعاون العسكري الاستراتيجي الموقعة بينهما عام 2008 وبوثيقة تفاهم عسكرية مع ايران وقعها وزير الدفاع العراقي السابق مع نظيره الايراني في طهران عام 2014 تقوم القوات الايرانية بموجبها بتدريب نظيرتها العراقية.