في مدينة تشتهر بكبد البط المسمّن وشرائح لحم الفيليه، اجتمع عدد من أشهر الطهاة في باريس حيث قدموا جملة أطباق توفق بين فن الطهو والحفاظ على البيئة في مسعى للتركيز على الدور الذي يمكن للطهاة تأديته في حماية الكوكب.

وربما يعني هذا الأمر استبدال لحم البقر باللوبياء ولحم العجل بدقيق الحنطة السوداء، لكنّ عدداً متزايداً من الخبراء في قطاع الأغذية ينضمّ إلى خبراء المناخ في الدعوة إلى تدابير جذرية، لتكون هناك استدامة في مصادر الطعام الكافية لعدد السكان المتزايد.

ويعتبر إنتاج الأغذية حالياً أكبر مسبب لانبعاثات الغازات المسببة للاحترار المناخي، وأكبر محرك لفقدان التنوع البيولوجي؛ إذ تستهلك الزراعة وحدها 70% من إمدادات المياه العذبة في العالم.

ومن المتوقّع أن يصبح عدد سكان الأرض 10 مليارات نسمة بحلول منتصف القرن الحالي، لذلك دعا خبراء، في يناير&الماضي، إلى خفض كميات اللحوم والأسماك ومنتجات الألبان والأجبان التي تستهلكها الدول الغنية بشكل كبير للقضاء على سوء التغذية والعيش ضمن الموارد الموجودة.

والمطلوب واضح، لكن خبراء يقولون إن إعادة تنظيم السلسلة الغذائية العالمية تتطلب التزاماً مشتركاً غير مسبوق من الحكومات والأعمال التجارية الزراعية والمزارعين والمستهلكين، بالانتقال من اللحوم إلى نظام غذائي أكثر مراعاة للبيئة.

وفي هذا السياق، أطلق عملاق الأغذية "كنور" و"الصندوق العالمي للطبيعة"، الثلاثاء، دليلاً مشتركاً يظهر أهمية الدور الذي تلعبه مكونات مثل العدس والملفوف في إطعام البشرية.

ولعرض تلك الإمكانات، أعدّ الطاهي الفرنسي غريغوري مارشان الحاصل على نجمة من دليل "ميشلان"، قائمة تذوق تتضمن 7 أطباق تدخل فيها تلك المكونات.

وقال للحاضرين في العشاء الذي نظم في الطابق العلوي لمركز بومبيدو في باريس: "بصفتنا طهاة وعاملين في مطاعم، علينا دعم الاستدامة وتقديم قوائم طعام ترتكز بشكل رئيسي على قاعدة المزروعات، وهذا الأمر قد يشكّل تحديا".

وأضاف: "عندما تسلمت لائحة المكونات أدركت أن هناك جزءا منها استخدمناه سابقاً في مطابخنا والجزء الآخر حصلنا عليه من مورّدين متخصصين في تلك المكونات".

ورغم عدم وجود منتجات اللحوم، تمكّن مارشان وفريقه من تجهيز التالياتيللي بنبتة السلسفي والريزوتو بالحنطة والفاصولياء بصلصة الراغو مع مرق الخضر المحمرة والمضاف إليها هريس العدس الأخضر المحلى وتارت البطاطا بحليب الصويا والبانا كوتا.

ويستهلك الأشخاص في البلدان المتقدمة حالياً ما يصل إلى 8 أضعاف الكمية الموصى بها أسبوعياً من اللحوم الحمراء.

وهناك نحو 800 مليون شخص يعانون من سوء التغذية، ونحو مليارين يعانون من زيادة في الوزن أو البدانة.

وبين الاستهلاك المفرط للطعام في أجزاء من العالم والجوع المنتشر في أجزاء أخرى منه، يقول خبراء في قطاع الأغذية: إن أفضل مكان للبدء في الحل هو إعادة تثقيف البشر حول الكلفة الحقيقية للطعام الذي نستهلكه.

وقال فيرجيليو مارتينيز فيليز، رئيس الطهاة في مطعم "سنترال" في ليما "بيرو" الذي يعد بين أفضل 10 في العالم: "هناك انقطاع كامل بين الناس والحيوانات والنبات، لذلك علينا إعادة التفكير في علاقتنا مع الطعام".

أما بالنسبة إلى الطاهي الكاميروني كريستيان أبيغان، فقال: يجب أن يتضمّن أي نظام غذائي في المستقبل المكون الأساس وهو المذاق الطيب.