نصر المجالي: رأى مراقبون أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الساعي لعضوية الاتحاد الأوروبي، يستعد لتفجير صراع مع الغرب، بالضرب على وتر ديني في صراعه معه، وخصوصا اعتزامه تحويل "متحف آيا صوفيا" في إسطنبول، ليصبح "مسجد آيا صوفيا".
وقال أردغان في مقابلة تلفزيونية بثّت الليلة الماضية: إن "تحويل اسم آيا صوفيا إلى متحف كان خطأ كبيراً، وآن الأوان لتغيير هذا الوضع، وبناء عليه لن يتم ذكر آيا صوفيا كمتحف حيث ستخرج من وضعها هذا، وسنذكرها كمسجد".
واضاف: "آيا صوفيا لن تُسمّى متحفًا، سيتمّ تجريدها من هذا الاسم، سوف نسمّي آيا صوفيا مسجداً"، معتبراً أن هذا الإجراء يعدُّ "مطلبا يتطلع إليه الشعب التركي والعالم الإسلامي منذ أعوام".
ويربط المراقبون نية اردوغان بشأن آيا صوفيا، بالانتخابات المحلية التركية والمقررة بعد غد الأحد وهي الأولى بعد تحول نظام الحكم إلى الرئاسي، وتحتدم فيها المنافسة خصوصا بالمدن الكبيرة مثل إسطنبول وأنقرة، حيث يرون في تلك اللهجة سعيا من حزب العدالة والتنمية الحاكم لجذب أصوات أوسع قطاع من أنصار تحويل المتحف إلى مسجد.
وأضاف أردوغان في المقابلة التي أجراها معه تلفزيون "الخبر" التركي: "سيأتي السياح من كل مكان ليزوروا مسجد آيا صوفيا وليس متحف آيا صوفيا كما يزورون مسجدي السلطان أحمد والسليمانية بإسطنبول".
يشار إلى إن كنيسة آيا صوفيا كان تم تشييدهاعند مدخل مضيق البوسفور في القرن السادس الميلادي، وتعدّ صرحاً هندسياً وجمالياً باهراً، وتحولت إلى مسجد في القرن الخامس عشر بعد سقوط القسطنطينية بيد العثمانيين في منتصف القرن الخامس عشر، وإبّان عهد مؤسس تركيا الحديثة مصطفى أتاتورك تعرض الموقع للإهمال بعدها تمّ تحويله إلى متحف.
ورداً على سؤال يتعلق بردود الفعل المتوقعة للدول والمؤسسات الغربية على تلك الخطوة المتعلقة بـ"آيا صوفيا"، قال أردوغان: يطلب منا البعض ألا نفعل ذلك، وهم صامتون اتجاه ما يحدث من انتهاكات بحق المسجد الأقصى حيث يدخله الجنود (الإسرائيليين) بأحذيتهم ويلقون المصاحف على الأرض، ونحن مسلمون وهذه الأمور تثير مشاعر القهر في نفوسنا، لذلك على الصامتين اتجاه ما يحدث للأقصى ألا يعلموننا ما يجب أن نفعل وما لا يجب أن نفعله.
وكانت قضية صرح "آيا صوفيا" أُثيرت بعد الهجوم الذي استهدف مسجدين في نيوزيلندا أواسط شهر مارس الجاري والذي أدى مقتل 50 شخصاً وإصابة 50 آخرين.
المحكمة الدستورية
يذكر أنه في سبتمبر 2018 رفضت المحكمة الدستورية التركية طلب السماح للمسلمين بالصلاة في متحف آيا صوفيا في اسطنبول الذي كان كنيسة قبل ان يتحول إلى مسجد على مر التاريخ، حسب ما ذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية.
وكانت مؤسسة التراث التركي المستقلة تقدمت بالطلب وقالت إن منع المصلين من أداء الصلاة في آيا صوفيا هو انتهاك لحرية التعبير والرأي.
وفي ثلاثينات القرن الماضي أمر المؤسسون العلمانيون لتركيا الحديثة بتحويل آيا صوفيا إلى متحف يمكن للجميع دخوله. ويخشى العلمانيون الأتراك أي تحركات لأسلمة المبنى أو إعادة استخدامه كمسجد.
وتزايد النشاط الإسلامي داخل المتحف في السنوات الأخيرة في عهد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بحيث تتم داخله تلاوة القرآن في بعض المناسبات.
وبنيت كنيسة آيا صوفيا في القرن السادس في عهد الامبراطورية البيزنطية المسيحية وكانت مقرا لبطريركية القسطنطينية، الاسم السابق لاسطنبول.
وعندما غزت القوات العثمانية المدينة في 1453 أمر السلطان محمد الثاني بتحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد، وبنيت المآذن الاسلامية حول قبتها البيزنطية.
وبقيت آيا صوفيا مسجدا إلى ما بعد انهيار الامبراطورية العثمانية، وفي منتصف الثلاثينات أمرت السلطات التركية الجديدة في عهد مؤسسها العلماني مصطفى كمال أتاتورك بتحويل المسجد إلى متحف مفتوح للجميع.
واعربت اليونان المجاورة، التي ترصد وضع التراث البيزنطي في اسطنبول، مرارا عن قلقها على وضع آيا صوفيا كمتحف علماني.
التعليقات