الرباط: أجمع سياسيون ومثقفون وحقوقيون على رفض اعتماد اللغة الفرنسية في التدريس بالمغرب، معتبرين أن القانون الإطار لإصلاح التعليم الذي يرتقب أن يتم التوافق عليه مساء اليوم، داخل لجنة الثقافة والتعليم بمجلس النواب الغرفة الأولى في البرلمان، "جريمة دستورية وقانونية ينبغي التصدي لها".

وقال فؤاد بوعلي، رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية في لقاء صحافي نظمه حول مستجدات قضية لغة التدريس، اليوم الأربعاء، في الرباط، إن ما يحدث في البرلمان "جريمة مكتلمة التوصيف في حق المدرسة المغربية ولصالح اللوبي الفرنسي".

وأضاف بوعلي أن التوافقات الجارية في البرلمان حول القانون الإطار لإصلاح التعليم تمثل "شرعنة سياسية ليسطرة اقتصادية وثقافية للوبي الفرنكوفوني"، معتبرا أن التدريس بغير العربية "اجترار للفشل والنكسات التي عرفتها المدرسة العمومية".

وأشار رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية إلى أن ما يجري "مشهد سريالي لم نكن قبل عقود نتصور ان نصل اليه، وأصبحنا نتحدث عن لغتنا التي أسست لوجودنا المشترك ولانتمائنا وتقدمنا ، ونتساءل هل مازالت تصلح لندرس بها"، مؤكدا أن هذا المشهد "يفرض علينا أن نقاوم. وأصبح الكل معني باللغة وتطورها وحقه فيها".

وزاد مبينا أن "الاصطفاف السياسي والحزبي والإيديولوجي خلف حالة من الإرباك في الموضوع"، مبرزا أن الاشكال اللغوي عندما يصبح "إشكالا سياسيا يصير كارثيا على المجتمع المغربي خاصة حين يغلب عليه الاصطفاف السياسي".

وأفاد بوعلي بأن التنزيل السليم لنص الدستور "لا يمكن أن يتم إلا من خلال توافق وطني مجتمعي حول النقاش الهوياتي، واللغة نعتبرها ليست قضية طيف سياسي ولا إيديولوجي"، مشددا على أن الأمر لا يتعلق بجولات للصراع وإنما ب"استعادة اللحظة الدستورية"، وفق تعبيره.

ودعا بوعلي إلى التحقيق فيما سماه "التدليس الذي وقع بين نسخ مشروع القانون الإطار لإصلاح التعليم التي عرضت في المجلس الوزاري والموجودة الآن في البرلمان"، متهما بعض الجهات بالعمل على الترويج وإشاعة أن "فرنسة التعليم قرار سيادي"، مؤكدا أن لغة التدريس هي عنصر هوية ولا يمكن التنازل عنها.

من جهته، اعتبر محمد الخليفة، القيادي السابق في حزب الاستقلال المعارض ، والوزير الأسبق ، أن المعركة التي يخوضها المدافعون عن اللغة العربية "معركة وجود ومعركة شعب ستستمر حتى الأبد"، وأكد رفضه للتوافق الذي يجري الحديث بشأنه حول القانون الإطار.&

وقال الخليفة إن اللغة الفرنسية "مثلها مثل جميع اللغات تحاول بكل قوتها أن تفرض وجودها في الدول التي استعمرتها، ونحن لسنا حقل تجارب للفرنكوفونية أو غيرها"، وأضاف "تتوافقون على انتهاك الدستور وعدم احترامه، وعلى أن هذه الأمة تخرج من هويتها، هذا لا يحق لكم".

وزاد الخليفة مخاطبا النواب البرلمانيين "الشعب صوت لكم لتطبيق الدستور، وتفسيره لا يمكن أن يكون إلا ضيقا، ووحده الدستور الذي لا يفسر إلا تفسيرا ضيقا"، مشددا على أنه "لا يمكنكم أن تتوافقوا ضد الدستور، وكيف تتصورون أن تقولوا إنكم تطورون لغة، وأنتم تدمرونها"، لافتا إلى أن الفصل الخامس من الدستور "يشير الى حماية اللغة العربية وتطويرها وتنمية استعمالها".

ومضى الخليفة مبينا "لم نكن مغفلين حين قمنا بالحملات لنترافع من أجل هذا الدستور، وإما أن يكون دستورا نحترمه جميعا"، وأضاف "أننا نعيش ردة يجب أن تتوقف ولن نقبل توافقا ضد إرادة الأمة".

وحذر المتحدث ذاته حزبا "الاستقلال" و"العدالة والتنمية" من السماح بتمرير القانون الإطار في البرلمان، حيث قال: "التوافق ضد إرادة ودستور الأمة موقف لن يغفر لنا وإذا لم نعارض في مثل هذه الأمور ماذا سنعارض".&

وأضاف "لا أريد أن أخجل أمام المجتمع لأنني استقلالي، الحزب خاض معركة 60 سنة لكي لا تنتصر هذه الأفكار الفرنكفونية، واليوم يبحثون عن توافق، عن أي توافق يبحثون؟ فبتوافقهم سيفقد المغرب هويته، وهذه بداية الإجهاز العلمي المتقن على هوية المغاربة".&

بدوره، هاجم عبد الرحمن بن عمر، النقيب والحقوقي اليساري، مخطط الإجهاز على اللغة العربية في البلاد، وقال ان الدستور يوجب استعمالها بنص صريح في التعليم بمختلف مستوياته، وأكد أن الانفتاح على اللغات "يمنع استعمال الفرنسية في مختلف المجالات".

وقال الحقوقي المغربي إنه عوض أن يمضي المغرب في تعريب الإدارة لجأ إلى الفرنسة ، مشددا على أن "الحل لا يكون بفرنسة التعليم الثانوي والإبتدائي بل يكون بالعكس"، معتبرا أن مشروع القانون الإطار "خرق لمقتضيات الدستور ويترتب على ذلك جزاء مدني وجزاء تأديبي منصوص عليه في قانون الوظيفة العمومية".

وأفاد بأن المشروع فيه مس بالحقوق الوطنية في الدستور ومخالف للرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم التي نصت على أنه يجب أن يكون استعمال اللغات الأجنبية في حدود تدريس بعض المجزوءات وهذا لا يعني تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية".&

وأكد بن عمر أن مشروع القانون الإطار "مسألة غير شرعية ومآلها الجزاءات التأديبية ويمكن أن نتوسع وأن تكون جزاءات جنائية إذا كان هناك تواطؤ مجموعة من المتفرنسين الموجودين في الإدارة والمؤسسات على خرق القانون ضد إرادة الأمة"، مشددا على أن أي تواطؤ "مصيره الفشل".&

&وذكر نقيب المحامين السابق بالأحكام القضائية التي صدرت بمختلف درجات التقاضي تنتصر للغة العربية ورتبت عقوبات على الإدارات التي استعملت الفرنسية وأصدرت أحكام بالبطلان، ملوحا بأن المعركة ستكون قانونية وقضائية في حال المصادقة على القانون الإطار المخالف لإجماع الأمة والدستور.