الرياط: في مؤشر جديد على استمرار الخلافات بين مكونات الغالبية الحكومية بالمغرب، شهدت عملية انتخاب رؤساء اللجان النيابية الدائمة بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، في جلسة عقدت أمس، خلافات حول رئاسة لجنة مراقبة المالية العامة، بين حزبي "العدالة والتنمية" (مرجعية إسلامية) و"التقدم والاشتراكية" (الشيوعي سابقا)، اللذين يربطهما تحالف متين منذ الحكومة السابقة التي قادها عبد الإله ابن كيران.
ولم تفلح الوساطة التي قادها رؤساء الفرق النيابية بالمجلس في إقناع أحد الحزبين للتنازل للآخر عن رئاسة اللجنة، وتمسك الطرفان بحقهما في الترشح&ليتم اللجوء إلى التصويت، حيث حسم فريق "العدالة والتنمية" النتيجة لصالح مرشحه إدريس صقلي عدوي، ب 107 أصوات، مقابل 87 صوتا لرشيد الحموني مرشح المجموعة النيابية لحزب "التقدم والاشتراكية".
وتعليقا على الواقعة، قال نبيل بنعبد الله، أمين عام حزب التقدم والاشتراكية المغربي: "كان هناك اتفاق مبدئي من قبل الجميع على أن تعود لنا رئاسة لجنة مراقبة المالية العامة في مجلس النواب، ولم يتم احترام ذلك"، في إشارة إلى أن حزب العدالة والتنمية لم يفِ بالتزاماته إزاء هذه المسألة.
وأضاف بنعبد الله في اتصال هاتفي مع "إيلاف المغرب": "أمام ذلك أردنا أن نمارس حقنا إلى النهاية ولم ننجح وانتهى الكلام"، نافيا أن تكون الواقعة تمثل مؤشرا على وجود أزمة بين حزبه وحليفه" العدالة والتنمية".
وشدد أمين عام "التقدم والاشتراكية" على أن حزبه يبرهن من خلال ترشيحه على "استقلالية قرارنا، وهي ممارسة جديدة لتفردنا، ومارسنا حقنا وذهبنا إلى نهاية الأمر. وكان ترشيحنا ونحن نعرف أننا لن ننجح"، الأمر الذي يمثل محاولة لإحراج حزب العدالة والتنمية.
وأعادت الواقعة طرح سؤال التحالف الذي يجمع بين الحزبين المتناقضين إديولوجيا، ومدى استمراريته وصموده في المستقبل، إذ عرف اهتزازات كبرى منذ وصول سعد الدين العثماني، لرئاسة الحكومة وأمانة حزب العدالة والتنمية، خلفا لابن كيران، الذي كان يتلقى انتقادات من طرف أعضاء حزبه بسبب "محاباته لحزب التقدم والاشتراكية"، وفي أحيان كثيرة على حساب حزبه.
ويرى عبد الحفيظ اليونسي، المحلل السياسي وأستاذ القانون العام بجامعة الحسن الأول بمدينة سطات، أن واقعة انتخاب رئيس لجنة مراقبة المالية العامة في مجلس النواب "تعطي دليلا جديدا على أن العلاقة بين الحزبين ليست على ما يرام".
وأفاد اليونسي، في تصريح لـ"ايلاف المغرب" بأنه "سواء لم يكن هناك توافق أو كان وتم الانقلاب عليه، فالحاصل هو أننا كنا أمام مرشحين اثنين لحزبين حليفين"، الأمر الذي يبين أن العلاقة بين حزبي العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية "تعرضت لاهتزازات في مراحل سابقة وهذا الحدث امتداد لترسيم هذه العلاقة ووضع حدود في ما بينها".&
وشدد اليونسي على أن العلاقة القائمين بين الحزبين "هي تحالف وهو ما يقتضي نوعا من التوافق من حيث المواقف والرؤى والتنازل في المحطات الخلافية"، مؤكدا أنه برغم ذلك، "لا يمكن القول إن العلاقات بين الحزبين دخلت مرحلة الأزمة، ولكنها مقدمة قد تؤدي إلى الأزمة"، حسب تعبيره.
وزاد المحلل السياسي ذاته، موضحا أن مستقبل العلاقة بين الحزبين الحليفين سيتجه إما نحو "استفحال سوء الفهم وبالتالي فك التحالف، وإما أنه سيعطي مضمونا جديدا لهذا التحالف غير الذي كان في مرحلة ابن كيران".&
وبخصوص نتائج انتخاب باقي اللجان الدائمة في مجلس النواب، انتخب عبد الله بوانو ، المنتمي لفريق العدالة والتنمية، رئيسا للجنة المالية والتنمية الاقتصادية، وتولى زميله في الحزب يوسف غربي، رئاسة لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج. كما انتخب كل من هشام المهاجري وتوفيق الميموني، المنتميين&لفريق حزب الأصالة والمعاصرة المعارض رئيسين للجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة، ولجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، على التوالي، فيما أسندت رئاسة لجنة القطاعات الاجتماعية، للنائبة سعيدة أيت بوعلي المنتمية لفريق حزب الاستقلال.
وانتخب أيضا، سعيد شبعتو ، المنتمي لفريق التجمع الدستوري رئيسا للجنة القطاعات الانتاجية، فيما عادت رئاسة لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة للنائب سعيد التدلاوي، المنتمي لفريق الحركة الشعبية، ورئاسة لجنة التعليم والثقافة والاتصال للنائب محمد شملال المنتمي لفريق الاتحاد الاشتراكي .