الرباط: خرجت النقابات المغربية اليوم إلى الشارع لتنظيم مهرجاناتها الخطابية ومسيراتها التقليدية بمناسبة الاحتفال بعيد العمال وسط تباعد في المواقف عقب توقيع ثلاث نقابات على اتفاقية مع الحكومة والاتحاد العام لمقولات المغرب يوم 25 أبريل الماضي.

وغابت عن المشهد الفيدرالية الديمقراطية للشغل، التابعة لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (مشارك في الحكومة)، التي قررت عدم المشاركة في الاحتفال هذه السنة احتجاجا على أوضاع العمال.
وحضر سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة وأمين عام حزب العدالة والتنمية (مرجعية إسلامية) ، مهرجان نقابة الاتحاد الوطني للشغل التابعة لحزبه. وتصدر العثماني رفقة الأمين العام للنقابة مسيرتها التي نظمت بحي درب ميلا في الدار البيضاء، غير أن بعض المشاركين عبروا عن غضبهم من قيادة الحزب والنقابة بالصفير، فيما أطلقت نقابة الشاحنات التابعة للحزب منبهات الشاحنات خلال إلقاء الأمين العام للنقابة خطابه، الشيء الذي أجبره على التوقف وطلب تدخل اللجنة التنظيمية.

وعبر العثماني عن سعادته بالتوصل إلى اتفاق مع النقابات الثلاث، واعتبرها خطوة أولى، مشيرا إلى أن الحكومة عازمة على مواصلة الحوار الاجتماعي مع جميع الشرائح الاجتماعية المغربية وليس مع العمال فقط. وانتقد العثماني النقابات التي لم توقع على الاتفاق، متهما إياها بمحاولة إفشاله.
في السياق ذاته، وصف عبد الإله الحلوطي، الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الاتفاقية بأنها تشكل حدثا تاريخيا مهما. وقال "وقعنا على هذه الاتفاقية حتى لا نكرر الخطأ الذي ارتكبته النقابات في 2016 عندما رفضت التوقيع على اتفاقية، كانت جيدة، مع عبد الإله ابن كيران (رئيس الحكومة السابقة والأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية)".&
وأضاف الحلوطي أن النقابة ختمت السنة بإنجاز جيد لصالح الطبقة العاملة من خلال التوقيع على الاتفاق مع الحكومة واتحاد مقاولات المغرب، والذي تضمن زيادات في أجور الموظفين وعمال القطاع الخاص. وأضاف أن الاتفاقية وجهت رسالة قوية مفادها "أننا في المغرب قادرون على أن نجلس حول طاولة الحوار، وأن نتفق رغم الخلافات الموجودة. في حين أن مثل هذا الأمر غير متاح في بلدان أخرى".
غير أن نقابات أخرى لا تنظر إلى هذه الاتفاقية من نفس الزاوية. ففي خطابه بمناسبة مهرجان اول مايو، قال عبد القادر الزاير، أمين عام الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، إن حكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامي تآمرت على الطبقة العاملة، مشيرا إلى أنها جمدت "الحوار الإجتماعي" وعوضته بالتشاور مع النقابات.&

وقال الزاير إن نقابته تطالب بحوار اجتماعي حقيقي، مهيكل في إطار مؤسسة، وليس مجرد تشاور. وشكك في نية الحكومة تنفيذ ما اتفقت عليه مع النقابات الموقعة، وقال "إنهم سينفدون جزءا منه فقط". واتهم حكومة "العدالة والتنمية" بالتملص من التزاماتها والتنكر للاتفاقيات السابقة المبرمة مع النقابات.
واتهم الزاير النقابات التي وقعت على الاتفاقية مع الحكومة بأنها أجرت مفاوضات سرية موازية لجلسات الحوار، والتي أبرمت خلالها اتفاقيات تتعلق بمنحها امتيازات ومقاعد إضافية في انتخابات مناديب العمال.
وأعلن الزاير عن قرب الإعلان عن جبهة اجتماعية مع الأحزاب السياسية اليسارية بهدف مواجهة ما أسماه " الهجوم على مكتسبات وحقوق الطبقة العاملة". وأشار الزاير إلى أن التحدي الكبير الذي يواجه النقابات المغربية هو تأطير العمال، مشيرا إلى أن نسبة التأطير النقابي للطبقة العاملة المغربية لا يتجاوز 5 في المائة. ودعا النقابيين إلى رفع تحدي رفع نسبة التأطير النقابي إلى 10 في المائة خلال سنة. وقال "علينا أن نناضل من أجلهم ومن أجل تحقيق مطالبهم لكي يأتوا عندنا".
من جانبه، اعتبر الميلودي مخارق، أمين عام الاتحاد المغربي للشغل، أن توقيع الاتفاقية مع الحكومة شكل انتصارا بالنسبة لنقابته. وأوضح المخارق أن الاتحاد المغربي للشغل رفض الاقتراح الأول للحكومة وقاطع جلسات الحوار، الشيء الذي دفع بالحكومة إلى تحسين عرضها وتقديم اقتراح أفضل. وقال إن هذا الاتفاق "يلبي جزءا من مطالبنا خاصة المتعلقة بالشق المادي، داخل القطاعين العام والخاص" ، معتبرا أنه يشكل "مجرد مرحلة من أجل انتزاع المزيد من الحقوق والمكتسبات".&
وأضاف مخارق "إن الاتحاد، إذ يسجل هذا النصر الأولي، ويهنئ الطبقة العاملة بالمكتسبات التي جاء بها، رغم جزئيتها، فإنه يجدد التأكيد على أن العمال في معركة لا تنقطع، وأن مركزيتنا النقابية واثقة من انتزاع ما تبقى من مطالبها، عبر سيرورتها التنظيمية والنضالية، الخاصة، والمشتركة، مع مكونات الحركة الاجتماعية والسياسية".