اعتبرت وزارة الدفاع العراقية اليوم الظهور الأخير للبغدادي زعيم داعش تأكيدًا على فقدان التنظيم لاستراتيجيته الأصلية حول إدارة التوحش والتمكين التي تقود إلى نشوء دولة أو خلافة، مستعيضًا عنها بلغة الثأر والاعتماد على حرب الاستنزاف بمهاجمة المقار العسكرية والاقتصادية والأهداف اللوجستية، وقوله إنها معركة تطاول للعدو، وإن الجهاد ماضٍ ولن يتوقف، يعني أنه يئس&من استمرار دولته. &&

إيلاف: أشارت الوزارة إلى أن شريط البغدادي قد جرى تصويره في ملجأ تحت الأرض، وأنه خضع ثلاث مرات للمونتاج لحجب بعض الكلمات، ما يدل على امتلاك التنظيم كفاءات عالية المستوى في مجال التصوير والإضاءة وهندسة الصوت والإخراج التلفزيوني، وأن العاملين في هذا المجال لهم خبرات وذو اختصاص من خلال ما قدموه من إنتاج لخطبة هزيلة.

تحليل عسكري
قال المستشار الإعلامي للوزارة الفريق محمد العسكري في تحليل عسكري واستخباري الجمعة تابعته "إيلاف" لشريط الفيديو الذي ظهر به أخيرًا زعيم تنظيم القاعدة أبو بكر البغدادي إن المطلوب الأول على قائمة الإرهاب هذا قد ظهر في تسجيل مصور دعائي لمؤسسة الفرقان التابعة للتنظيم، ومدته 18 دقيقة و22 ثانية، في مكان يبدو أنه ملجأ تحت الأرض، ولإخفاء ملامح المكان تم وضع ستائر على الجدران مع مجموعة من قيادات داعش لدى توليهم مناصب بدلًا من قتلاه في المعارك الأخيرة والهاربين من قيادته.

كفاءات تقنية عالية لداعش &
وأشار العسكري إلى أنه يبدو أن جهودًا كبيرة بذلت في عملية إخراج هذا التسجيل من ناحية تقنية الكاميرات الحديثة واتخاذ زوايا وأبعاد توحي بقيمة كبيرة للاجتماع والمجتمعين وكذلك الاهتمام الشديد بهندسة الصوت والموسيقى التصويرية وإدخال الأناشيد الداعشية الحماسية، وهذا ينم على أن تنظيم داعش لديه كفاءات عالية المستوى في مجال التصوير والإضاءة وهندسة الصوت والإخراج التلفزيوني، وأن العاملين في هذا المجال لهم خبرات وذو اختصاص من خلال ما يقدمونه من إنتاج لخطبة هزيلة.

الفريق محمد العسكري المستشار الإعلامي لوزارة الدفاع العراقية

وأوضح أنه من الملاحظ أن التسجيل مصور حديثًا بعد انتهاء معركة الباغوز السورية، حيث تطرق إلى الأحداث في الجزائر والسودان والانتخابات في إسرائيل وكذلك الأحداث الدامية الأخيرة في سيرلانكا. وقد يتسأل الكثيرون لماذا&لم يظهر البغدادي طيلة الفترة الماضية، وانتظر حتى يوم الاثنين 29 إبريل الماضي، بعد أيام عدة من أحداث سيرلانكا الدموية.&

حيرة البغدادي&
أضاف أنه من الواضح أن الإرهابي البغدادي في حيرة من أمره بعد الخسائر الكبيرة التي مني بها، حيث إن الكثير من قيادته المهزومة في المعارك تسأل عنه وعن دوره، بعدما قتل الكثير من قياداته، وهرب أكثر منهم، وهذا حسب اعترافه في التسجيل الأخير. لذا كل هذه المسببات وغيرها جعلته يظهر في هذا التسجيل المطول". &

وعن استراتيجية البغدادي بعد الهزائم الجديدة لتنظيمه، أوضح العسكري أنه قد عقد هذا الاجتماع لإعادة التنظيم وبث الروح المعنوية من جديد وتعيين ولاة وأمراء بدلًا من الذين فقدهم، حيث اعترف بهزيمته عسكريًا في الباغوز، وقبلها في بيجي والموصل، وغيرها، واستذكر قتلاه، الذين صنفهم إلى ثلاثة أصناف، وهم الأمراء والولاة، وذكر منهم عبد الرحمن العنكري والطالبي وأبو الوليد السيناوي وأبو مصعب الحجازي، والقسم الثاني ممن فقدهم من الإعلاميين، وهم كل من أبو عبد الله الأسترالي وخلاد القحطاني من السعودية وأبو جهاد الشيشاني وأبو أنس بابيان الفرنسي وأبو عثمان الفرنسي، والقسم الأخير من الهيئة الشرعية، وذكر منهم أبو رغد الجعداني من السعودية وأبو ياسر البلجيكي وأبو طالب العراقي.

نكث البيعة
لاحظ الفريق العسكري أن المخرج والمشرف على الشريط المتلفز حاول بكل الطرق حجب بعض الكلمات من خلال ظهور القطع في المونتاج لثلاث مرات أو أكثر، وهذا دليل على أن هناك كلمات&واعترافات حرصوا على عدم إظهارها، لأنها تتعلق بنكثان البيعة وعدم الثبات في القتال والهروب من ساحات المعارك.&

وأشار إلى أن الاعتراف الكامل بالهزيمة والانكسار واضح في خطابه والنبرة البطيئة في صوته والهدوء المفتعل دلالة على الخسارة الكبيرة، كما ركز في كلامه على مسألة الثأر لقتلاهم في العراق والشام ومناطق أخرى، من خلال استهداف كما يدّعي القوات الصليبية في مناطق مختلفة، وهذا يدل على أن التنظيم فقد استراتيجيته الأصلية، والتي كانت تعتمد على مرتكزات، منها إدارة التوحش والتمكين وغيرهما من المصطلحات التي تؤدي إلى نشوء دولة أو خلافة، ويبدو أنه تخلى عنها، وبدأ يتحدث بلغة الثأر وهذا دليل على عدم التخطيط والتنفيذ للأهداف كما كان سابقًا.

حرب الاستنزاف
وقال العسكري إن أهم ما في كلمة البغدادي هو عندما تحدث عن استراتيجيتهم المقبلة، وهي "حرب الاستنزاف"، حيث دعا إلى مهاجمة المقار العسكرية والاقتصادية والأهداف اللوجستية. وقال إن معركتنا معركة استنزاف ومطاولة للعدو، وإن الجهاد ماضٍ ولن يتوقف، وهذا يعني أنه يئس&من استمرار دولة الخلافة المزعومة، وسيستمر في حرب الإرهابية على شكل حرب استنزاف. &

وقال إن البغدادي أقر في حديثه باحتمالات كبيرة بعدم النصر لتحقيق أهدافه، من خلال تذكيره بالجالسين وبأن الله أمرهم بالجهاد ولم يأمرهم بالنصر، حيث بدأ يستجزء بعض الآيات والأحاديث التي تساعده على الإقناع، وتغافل أن الله سبحانه وتعالى عندما أمر المسلمين بالجهاد بشّرهم بالنصر، وخير دليل "إذا جاء نصر الله والفتح".

انكسار واضح
واعتبر العسكري أن حديث البغدادي الأخير، ورغم من أنه رسالة تشجيعية ودعائيه لأنصاره المحيطين به، إلا أن مظهره البائس ولحيته الطويلة البيضاء المرصعة بالحناء والغدرة السوداء على رأسه وجلوسه مفترشًا الأرض مقارنة بخطبته في جامع النوري في يوليو 2014، والذي كان ظاهرًا خلالها بأبهى حالاته وأناقته تُظهر أنه خسر كل شيء من دولة وخلافة ومرتكزات أساسية، وهذا الانطباع يأتي من خلال وضعه المنكسر الذي ظهر به في الأسبوع الماضي، وهو الأول منذ منتصف عام 2014، حين أعلن من الموصل عن خلافته الإسلامية.

ظهر البغدادي الاثنين الماضي في تسجيل مصور وهو جالس على الأرض، ويتحدث إلى قادة ومساعدين يستمعون إليه، فيما كانت وجوههم مغطاة.

يشار إلى أن أبا بكر البغدادي، الذي سيطر على دولة العراق في عام 2010، نقل تنظيمه تمردًا سريًا ضد تنظيم القاعدة إلى "دولة خلافة تسيطر على نحو 10 ملايين شخص في العراق وسوريا".

ومنذ آخر مرة ظهر فيها علنًا، فإن الخلافة التي حكمها البغدادي قد انهارت تمامًا، وقد قُتل الآلاف من مقاتليه، أو وضعوا في زنازين السجن.


&