فيما يشهد العراق ظاهرتين مخيفتين هما تصاعد حالات الانتحار والطلاق، فقد عزاهما المرجع الشيعي آية الله السيد علي السيستاني إلى اليأس والإحباط من أوضاع البلاد، داعيًا إلى مواجهتهما والتعامل مع الواقع وعدم الهروب بالتخلص من هذه الحياة.

إيلاف: قال معتمد السيستاني الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) اليوم، وتابعتها "إيلاف"، إن سبب ارتفاع حالات الانتحار والطلاق في البلاد هو اليأس من المستقبل، والشعور بالإحباط من أوضاع البلاد

وشدد على أهمية الاهتمام بمعالجة الصعوبات والأزمات والمشاكل التي يواجهها المجتمع حاليًا، والخروج منها بنجاح.. موضحًا أن هذه المعالجات مطلوبة بإلحاح في ظاهرة تزايد حالات الانتحار بين الشباب أخيرًا، وحالات الطلاق والتفكك الأسري والمشاكل الأسرية والاجتماعية.

أرجع هاتين الظاهرتين الاجتماعيتين الخطيرتين إلى "الخوف والحزن واليأس من المستقبل والإحباط من عدم القدرة على مواجهة المشاكل وفقدان العزيمة على حلها".

وأشار الكربلائي إلى أن "الحل يكون في تعزيز الجانب الروحي والمعنوي، والتوجّه إلى الله، ومواجهة المشاكل والأزمات بعزيمة وقوة، والسعي إلى حلها، والتعامل مع الواقع، وعدم الهروب بالتخلص من هذه الحياة".

لكنه لوحظ عدم تقديم الكربلائي حلولًا علمية مجتمعية ورسمية لهاتين الظاهرتين الخطيرتين أو التأكيد على الجهات المختصة بالتصدي لهما بسرعة، وتقديم الحلول اللازمة للحدّ من تصاعدهما لما تشكلانه من تهديد للمجتمع بالتفكك والانهيار والتفاقم.

تزايد حالات الانتحار&
وكشفت مفوضية حقوق الإنسان في العراق في الأسبوع الماضي عن أن عدد المنتحرين خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي بلغ 132 شخصًا.. موضحة أن محافظة كربلاء تصدرت القائمة بعشرين حالة خلال الأشهر نفسها. وجاءت البصرة ثانية بوقوع 9 حالات انتحار، ثم شهدت كركوك 15 حالة.

تصدر الشبان والمراهقون لائحة المنتحرين، وتنوعت بين تناولهم مواد سامة وإلقائهم أنفسهم من أعالي المباني والجسور أو إقدامهم على شنق أنفسهم في منازلهم، أو إطلاقهم النار على رؤوسهم.

وفق إحصائية رسمية صادرة من وزارة الداخلية، فإن حالات الانتحار بلغت ألفي حالة، وبدوافع مختلفة، في الفترة بين عامي 2015 و2017، وهي مرتفعة بشكل كبير عن الفترة بين عامي 2003 و2013، والتي سجلت 1500 حالة.

ترى مفوضية حقوق الإنسان في العراق أن أسبابًا عدة تقف وراء زيادة حالات العنف والانتحار في المجتمع العراقي، أبرزها الوضع النفسي، وكثرة حالات الحروب التي مرت في البلاد، وفقدان الأشخاص أحلامهم، إضافة إلى البطالة والفقر.

ويؤكد مهتمون أن ظاهرة الانتحار في العراق آخذة في الارتفاع، وتتراوح أعمار الذين يقدمون على الانتحار بين 20 و42 عامًا، يتفاوتون من حيث الوضع الاجتماعي والمالي والوظيفي.

يشير تقرير لمفوضية حقوق الإنسان عن معدلات الانتحار في العراق خلال العام الماضي إلى أن محافظة ذي قار الجنوبية قد تصدرت القائمة بـ 119 منتحرًا ومنتحرة، مرتفعة بذلك عن معدلات سابقة بنسبة 60 بالمائة. وأضافت أن 439 حالة انتحار مسجلة بشكل رسمي في العراق خلال عام واحد فقط، هو العام الماضي، غالبية ضحاياها من الشباب، توزعت بواقع 119 في ذي قار، و76 في ديالى، و68 في نينوى، و44 في بغداد، و33 في البصرة، و16 بالمثنى، و15 في ميسان، و12 في واسط، فيما تراوحت طرق الانتحار بين الشنق والغرق واستخدام السلاح الناري والحرق.

.. وتصاعد حالات الطلاق
من جهته، أكد مجلس القضاء العراقي الأعلى خلال الأسبوع الماضي ارتفاع حالات الطلاق في العراق في العام الماضي إلى حوالى 74 ألف حالة، بسبب التطور التكنولوجي والانفتاح الثقافي والصراعات السياسية التي أثرت على الاسرة، وكذلك المسلسلات الغرامية وزواج القاصرات وانتشار تعاطي المخدرات وارتفاع الجرائم المجتمعية.

وفي تقرير لها، فقد أكدت السلطة القضائية العراقية في إحصائية لها تابعتها "إيلاف"، أن ارتفاع حالات الطلاق في العقد الأخير سببه ما شهده البلد من تطور تكنولوجي وانفتاح ثقافي، إضافة إلى الصراعات السياسية التي أثرت على الأسرة.&

قال قاضي محكمة الأحوال الشخصية أحمد الصفّار إن "المحاكم سجلت تزايدًا في ‏حالات الطلاق، لاسيما خلال العقد الأخير".. مبيّنًا أن "الدوافع متنوعة ومتعددة، ‏بسبب المتغيرات الاجتماعية، وانفتاح المجتمع على عصر التواصل الالكتروني، وكثرة ‏الصراعات السياسية وأثرها على الأسرة، وهذا التغيّر السريع أصبح يهدد غالبية ‏المجتمعات ومن مختلف الفئات العمرية".‏
&
أضاف الصفار أن "الآونة الأخيرة شهدت ارتفاع حالات الطلاق بسبب الرسائل ‏والصور أو المسلسلات الغرامية أو الألعاب الالكترونية، كلعبة "بابجي"، وهذا كله ‏من الأخطار المجتمعية".. لافتًا إلى أن "قضايا الابتزاز الالكتروني إحدى الصور التي شكلت نسبة من حالات ‏الطلاق"، لافتًا إلى أن "عوامل عدة أخرى تقف وراء أسباب تنامي هذه الظاهرة في ‏العراق، بينها زواج القاصرات وانتشار تعاطي المخدرات وارتفاع الجرائم المجتمعية".

‏وأشار إلى أنه "من العوامل المعروفة أيضًا تدخل الأطراف الأخرى في الشؤون الزوجية ‏والعوامل الاقتصادية وعدم توافر فرص العمل والوظائف، وكذلك انخفاض مستوى دخل ‏الأسرة، وتباين مستوى الوعي الفكري والثقافي بين الزوجين والتحصيل الدراسي".

تكشف الأرقام التي سُجلت خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الماضي وقوع نحو 10 حالات طلاق في العراق خلال كل ساعة كان النصيب الأكبر منها من حصة العاصمة بغداد، حيث سجلت الأخيرة أعلى نسبة من حالات الطلاق مقارنة مع المحافظات العراقية الأخرى خلال السنوات الـ15 الماضية بلغت 44%.
&