خالف العراق الإجماع العربي بإدانة "إرهاب" النظام الإيراني وتدخله في شؤون البلدان العربية وإطلاقه الصواريخ الباليستية ضد مكة المكرمة، ما استدعى إشادة الحوثيين بهذا الموقف، فيما اعتبر الرئيس صالح أمنَ السعودية والإمارات وأمن دول الخليج&أمنًا للعراق.

إيلاف: اعترض العراق على البيان الختامي للقمة العربية الطارئة التي اختتمت في مكة الليلة الماضية، والذي ندد بتدخل إيران في شؤون الدول الأخرى، والهجمات التي قامت بها جماعة "أنصار الله" الحوثية على المنشآت النفطية في السعودية، واستمرار إطلاق الصواريخ الباليستية على مدينة مكة ودعم إيران للحوثيين، مانحًا السعودية كل الحق في الدفاع عن أرضها.

وقد ثمّن المجلس السياسي الأعلى في اليمن الموقف العراقي هذا، وقدم عضو المجلس محمد علي الحوثي الجمعة شكره إلى العراق، مشيرًا إلى أن موقفه&في القمة العربية كشف عمق العلاقة التاريخية مع اليمن.&

وأكد الحوثي أن "الرئيس العراقي ونظامه لديه اعتزاز واستقلال واحترام لنفسه برفضه للاستهجان الذي مورس على الحاضرين لتأييد بيان أعدّ مسبقًا" على حد قوله. أضاف أن "موقف العراق أثبت أن بيانات القمم مكتوبة سلفًا، وهو ما يؤكد أن الاجتماعات شكلية"، على حد قوله.

واعترض العراق على البيان الختامي للقمة العربية الطارئة، والذي ندد بتدخل إيران في شؤون الدول الأخرى. وقال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في بيان إثر اختتام القمة إن "العراق يعارض البيان الختامي الصادر من القمة العربية الطارئة في مكة المكرمة، والذي ندد بتدخل إيران في شؤون الدول الأخرى".

أضاف أبو الغيط إن البيان العراقي في هذا الصدد ورد فيه "في حين أن العراق يعيد التأكيد على استنكاره أي عمل من شأنه استهداف أمن المملكة وأمن أشقائنا في الخليج، أود الإيضاح بأننا لم نشارك في صياغة البيان الختامي، وأن العراق يسجل اعتراضه على البيان الختامي في صياغته الحالية".

الرئيس صالح يحذر من حرب إقليمية دولية
وألقى الرئيس العراقي برهم صالح كلمة في جلسة انطلاق القمة مساء الخميس أشار فيها قائلًا "نعاودُ اجتماعَنا في ظروفٍ بالغةِ التعقيد، ومع الأسف إن حالَ منطقتِنا اليوم ليس أفضلَ من الأمس، حيثُ تمر دولٌ عديدةٌ في العالم العربي بتحولاتٍ عصيبة، قلوبنا مع أهلنا &في السودان والجزائر، وهم يتطلعون إلى حل المشاكل والتحديات التي تواجههم، والأمور في ليبيا الشقيقة لا تسرُ صديقًا، بينما تمرُّ سوريا الغائبة عنا بمخاض عسير، وكذا الحال في اليمن، والأقصى الشريف ينادي، ولا من مستجيب، ولا أنسى - بالطبع – بلدي العراق، فعلى الرغمِ من التقدم الحاصل والتفاؤلِ السائدِ، إلا إنني أؤكد لكم أنه لا تزال أمامنا تحديات خطيرة".

وأشار إلى أنه في خِضَمِّ هذا الوضع المتأزم والتطورات المتلاحقة، وفي بيئةٍ دوليةٍ وإقليميةٍ محتدمةٍ بالاضطراباتِ والأخطارِ، نشهدُ تفاعلَ أزمةٍ إقليميةٍ ودوليةٍ أمامَ أعُينِنا، تنذرُ بالتحولِ إلى حربٍ شاملةٍ، لا تبق ولا تذر، إنْ لم نحسنْ إدارتَها، فإننا سنواجهُ حينئذٍ خطرَ مواجهةٍ إقليميةٍ ودوليةٍ، وقد تجرُّ على بلداننا الويلاتِ والوَبال.

وشدد على أن "أمنَ المملكة العربية السعودية الشقيقة هو أمنُ العراق، وأمنُ الإمارات، وأمن دول الخليج هو أمنُنا، ونحن في العراق حريصون على أمن المملكة ودول الخليج، وأي استهداف لأمنها هو استهداف لأمننا، بل استهداف لأمن الدول العربية والإسلامية جميعًا، ونستنكر أي عمل عدائي موجّه إلى أشقائنا، لأن واقعًا الإخلال بالأمن في المنطقة هو إخلال بأمن العراق واستقراره أيضًا".

وعن إيران قال صالح "إن جمهوريةَ إيران الإسلامية هي دولةٌ مسلمةٌ جارة للعراق والعرب، ويقينًا لا نتمنى أن يتعرّض أمنُها إلى الاستهداف، وتربطنا وإياها 1400 كم من الحدود، ووشائجُ وعلاقاتٌ متعددة، ويقينًا إن أمنَ واستقرارَ دولةٍ إسلامية جارة هو من متبنياتِ ومصلحة الدول العربية والإسلامية".

وأكد أن المنطقة بحاجةٍ إلى استقرار مبني على منظومةٍ للأمن المشترك، يعتمدُ احترامَ السيادة وعدمَ التدخلِ في الشؤون الداخلية، ونبذَ العنف والتطرف، فأمننا مشتركٌ ومتلازمٌ على صعيد المنطقة.

أضاف "إن مساعينا لا تتجه فقط إلى بناءِ منظومة اقتصادية وسياسية متكاملة مع إخوتنا في المملكةِ والخليجِ وعمقِنا العربي وجوارِنا الإسلامي، بل إلى أن تسهمَ دولُنا عبر الممراتِ الدبلوماسية في تحقيق السلامِ والاستقرار الدائمين في المنطقة وحلِ الأزمات المتراكمة فيها".

وبيّن أن أمن العراق يعد مرتكزًا لأمن المنطقة، فالعنفُ والاضطرابُ الامنيُ والسياسي في العراق قد أخلّ بموازين الأمن في الشرق الأوسط، وهدد الأمن والسلم الدوليين، وقاد وانتهى إلى ما انتهى إليه من نتائجَ كارثية، أربكتِ المنظومةَ الأمنية والسياسية في المنطقة، وأيضًا أصاب الأمن القومي العربي في الصميم.

وقال إن ترسيخَ الاستقرارِ في العراق يتطلب تعاونًا وتفهمًا من الأشقاء والجيران والأصدقاء، مما يحتِّمُ على كلِ الأشقاءِ دعَمنا والوقوفَ إلى جانبنا، لأن العراق إحدى&أهمِّ ركائز المنطقة، فإن تعافى تعافت، وإن وهنَ وهنت.

وأوضح أن العراق يرى أن "أيَّ تصادمٍ في منطقتِنا سيعرّض أمن العراق للتهديد، ومن هذا المنطلق، منطلقِ مصلحتنا العراقية، ومنطلقِ حرصنا على أمنِ المنطقة، ومنطلق حرصنا على أمن أشقائنا والأمن القومي العربي، فالعراق سيعمل على بذل قُصارى جهدهِ لفتحِ بابِ الحوارِ البنّاء، ويشدّدُ على ضرورة تبنّي الحوار المباشر، ونبذِ العنفِ والحرب، سبيلًا لحلِّ الأزمةِ المُحْدِقَة بنا، إذ إنّه من المهمّ أن يؤدي هذا الحوارُ إلى بلورةِ نظامٍ إقليميٍّ مستقر، يكونُ حجرَ الأساسِ في إنهاءِ الصِّبغةِ التي صُبِغَت بها منطقتُنا كمنطقةِ أزمات، لتكون منطقة تكاملٍ وتفاهم".

وكان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز قد دعا خلال القمة الخميس إلى اتخاذ إجراء حاسم لوقف "الأنشطة التخريبية للنظام الإيراني" في المنطقة في أعقاب هجمات استهدفت ناقلات نفط قبالة سواحل الإمارات ومحطتين لضخ النفط في المملكة.

وجاء في البيان الختامي للقمة أيضًا أن السعودية لديها كل الحق في الدفاع عن أراضيها في أعقاب هجمات بطائرة مسيّرة شنتها جماعة الحوثي اليمنية على محطتين لضخ النفط في المملكة خلال هذا الشهر. كما أكد بيان لدول مجلس التعاون الخليجي وآخر منفصل صدر بعد القمة العربية على حق السعودية والإمارات في الدفاع عن مصالحهما بعد تلك الهجمات.