إيلاف من القاهرة: تتعرض المحاصيل الزراعية&المصرية لخطر شديد، بعد مهاجمة "دودة الحشد الخريفية" المعروفة بـ"الحشرة الفتاكة" للعديد من المزروعات على مساحات شاسعة.

وكشف تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة "فاو"، خطورة دودة الحشد الخريفية على الزراعة، مؤكدا أنها تترك أثرا مدمرا وسببًا لانتشار الجوع في إفريقيا.

أضاف التقرير الذي تلقت "إيلاف" نسخة منه، أن الحشرة أصبحت أحدث أعداء المزارعين في إفريقيا في الفترة الأخيرة، والاسم العلمي لها يأتي من اللغة اللاتينية Spodoptera frugiperda، وتعني كلمة frugiperda "الفاكهة المفقودة" بسبب قدرة هذه الدودة على تدمير المحاصيل، وأصل هذه الدودة هو القارة الأميركية.

أوضح التقرير، أن الحشرة وصلت إلى إفريقيا لأول مرة عن طريق السفن أو الطائرات في مطلع 2016، وبعد ذلك نشرت أجنحتها في جميع أنحاء القارة وتنقلت من بلد إلى آخر حتى اجتاحت أكثر من 40 بلدا، وأصبحت هذه الدودة تنتشر بسرعة وتلتهم المحاصيل ولا يمكن التخلص منها، وتتغذى على أكثر من 80 محصولا من بينها الأرز، والذرة الرفيعة، الدُخن، قصب السكر، ومحاصيل الخضروات والقطن، ولكنها تفضل الذرة.

وأشار إلى أنه في إفريقيا أصابت دودة الحشد الخريفية ملايين من الأفدنة، وفي معظم مناطق أميركا الشمالية، تصل دودة الحشد الخريفية موسميا، وبعد ذلك تموت في أشهر الشتاء الباردة، ولكن في معظم أنحاء أفريقيا التي لا تشهد انخفاضا كبيرا في درجات الحرارة، تعيش دودة الحشد الخريفية على مدار العام مسببة قلقا دائما للمزارعين.

لفت التقرير، إلى أن دودة الحشد الخريفية تؤثر على أضعف فئات السكان وهم صغار المزارعين الذي يجدون صعوبة أصلا في تلبية احتياجاتهم اليومية، وتوفير ما يكفي من الطعام لأسرهم، وتهدد هذه الحشرة، الأمن الغذائي لأكثر من 300 مليون شخص في أفريقيا، وتتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة تصل إلى 4.8 مليار دولار من إنتاج الذرة لوحده، وتطير بسرعة كبيرة، ويمكن ليرقاتها أن تقطع ما يصل إلى 100 كلم في الليلة الواحدة، كما أنها قادرة على الهجرة لمسافات طويلة، وتتوالد بشكل كبير حيث يمكن لليرقة خلال حياتها أن تضع ما يقرب من ألف بيضة.

وأعلنت وزارة الزراعة المصرية حالة الطواريء لمواجهة الحشرة الفتاكة، من أجل التحكم والسيطرة على نشاطها، للحد من تأثيرها على الإنتاج الزراعي، بعد سحب عينة حشرية من أحد حقول الذرة الشامية في قرية العقبة بمركز كوم أمبو في أسوان، والتأكد من البصمة الوراثية للحشرة.

وقال رئيس لجنة المبيدات، الدكتور محمد عبد المجيد إن وزارة الزراعة اتخذت خطوات مهمة، لمواجهة الحشرة، تتمثل في "المنع والحماية بالوسائل الزراعية، وإزالة العوائل المصابة والمنزرعة في غير الميعاد المناسب، ثم المتابعة والملاحظة.

وتتمثل في متابعة المحصول ورصد ما يحدث به من تغييرات، وتشخيص المشكلة وتحديد الأهمية الاقتصادية للآفة والحد الاقتصادي للضرر، ثم اتخاذ قرار المكافحة.

وأكد ضرورة التدخل بتحديد الوسيلة المثلى للمكافحة باستخدام الأعداء الحيوية مثل التريكوجراما والمتطفلات والمفترسات والفيروس المتطفل على دودة الحشد الخريفية.

وأوضح أن برنامج المكافحة باستخدام المبيدات يتم من خلال أربعة إجراءات، وهي: مراعاة اختيار المبيد، العمر النباتي والعمر اليرقي في حالة البادرات والنموات الحديثة، ووجود لطع البيض أو فقس حديث، أو العمر اليرقي الثاني.

وأضاف أنه يتم استخدام أحد المبيدات الحيوية مثل "BT"، وفي الأعمار الوسطية يستخدم مبيد "الأماميكتين بنزوات"، وفي حالة وجود أعمار متقدمة (الرابع حتى السادس) يستخدم مبيد "الكلوروبيريفوس"، مشيرًا إلى أنه في جميع الأحوال لا يسمح بجمع كيزان الذرة، أو دخول حيوانات المزرعة إلى الحقل قبل مرور أسبوعين من الرش.

وذكر أن عمليات إطلاق طفيل "التريكوجراما" تمت في حقول قصب السكر والذرة فورا مع إمكانية استخدام بعض الوسائل الميكانيكية في حالة الإصابات المحدودة.

ووجه وزير الزراعة باتخاذ كل الإجراءات والتدابير اللازمة لمكافحة هذه الحشرة مع التوعية المستمرة للمزارعين والتواجد الميداني معهم لمساعدتهم في أعمال المكافحة.

وقال نقيب الفلاحين، حسين عبد الرحمن أبوصدام، أن دخول دودة الحشد الخريفية "الحشرة الفتاكة" مصر يضع مستقبل الزراعة كله على المحك، موضحًا أن الحشرة تقضي على أكثر من 80 صنفا من المحاصيل الزراعية أبرزهم الذرة الشامية والرفيعة والقصب والأرز والقطن والخضروات والفواكه.

وأضاف لـ"إيلاف" أن الأزمة في مواجهة هذه الحشرة، تتمثل في &قصر دورة حياتها الذي لا يتعدى شهرا ونصفا ومع صعوبة القضاء عليها في طور اليرقة، بالإضافة إلى سرعة طيرانها في طور الحشرة حيث تطير أكثر من 100 كيلو في الليلة الواحدة، مما يقلل فائدة الرش الهوائي، وعدم توفر الأعداء الطبيعية لهذه الحشرة لحداثتها في القارة الأفريقية.

وأوضح نقيب الفلاحين، أن كل هذه العوامل يجعل من الصعوبة السيطرة عليها مما يهدد مستقبل الزراعة في مصر، وقد تؤدي هذه الحشرة إلى مجاعة في أفريقيا بل قد يمتد خطرها لآسيا وأوروبا.

ولفت إلى أن المراهنة على وزارة الزراعة وحدها للتصدي لهذه الآفة رهان خاسر، وطالب الدولة كلها حكومة وشعبا التصدي لهذا الخطر المدمر بكل الأساليب المتاحة مع سرعة العمل لجلب خبرات المكافحة والتوعية المستمرة للمزارعين بالمكافحة الميكانيكية عن طريق جمع الأعواد المصابة والتخلص الآمن منها.

وشدد نقيب الفلاحين، على أهمية جمع اليرقات والتخلص الآمن منها للحد من انتشار هذه الآفة المدمرة مع جلب الفورمونات الجاذبة لذكور الحشرة والأعداء الطبيعيين لها من مفترسات ومتطفلات ومسببات أمراض، وتوفير المبيدات اللازمة بأسعار مناسبة، لافتا لضرورة دعم المزارعين لمكافحة هذه الحشرة.

وكشف أن هذه الحشرة دخلت أفريقيا في يناير 2016 ورُصدت لأول مرة في مصر في مايو 2019، مشيرا إلى أن ضرر هذه الحشرة قد يصيب الصادرات الزراعية المصرية، ويتوقع أن تفرض الدول المستوردة من مصر معايير وقيود جديدة على المحاصيل الزراعية المصرية.

ودعا نقيب الفلاحين على ضرورة عدم تهوين المشكلة، متخوفًا من طريقة معالجة وزارة الزراعة لهذه الكارثة.

وأضاف أن تاريخ معالجة الأزمات في وزارة الزراعة لا يطمئن الفلاحين، راجيا أن تعالج هذه الكارثة بما تستحقه من جهد لإنقاذ البلاد من خطر قد يؤدي لدمار الثروة الزراعية بمصر.