طهران: قللت طهران الاثنين من الآثار المحتملة للعقوبات الأميركية الاقتصادية الجديدة التي تستعدّ واشنطن لفرضها عليها، معتبرة أن إدارة الرئيس دونالد ترمب استنفدت كل الوسائل لمعاقبتها.

وبعد يومين من إسقاط إيران طائرة مسيّرة أميركية في منطقة الخليج الحيوية، توعّد ترمب السبت بإجراءات جديدة للرد على طهران تشمل "عقوبات إضافية مشددة"، بعدما زعم أنّه ألغى في اللحظة الأخيرة ضربات ضد أهداف إيرانية.

وأجرى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، قبيل الكشف عن العقوبات الجديدة على إيران، محادثات مع العاهل السعودي الملك سلمان عبد العزيز في جدة صباح الاثنين، قبل أن يتوجّّه إلى أبوظبي.

وقال العاهل السعودي لدى مصافحته الوزير الأميركي "أنت صديق عزيز". وأوردت وكالة الأنباء السعودية أنه تم خلال اللقاء "استعراض العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الصديقين، إضافة إلى مستجدات الأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية والجهود المبذولة تجاهها".

وغرّد بومبيو قائلا انه عقد "اجتماعا مثمرا" مع الملك سلمان، بحثا فيه "الحاجة للتأكيد على أمن الملاحة في مضيق هرمز"، مضيفا "أمن الملاحة مسألة هامة".

وفي أول رد فعل إيراني على إعلان ترمب حيال العقوبات، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي خلال مؤتمر صحافي في طهران "هل لا يزال هناك فعلاً عقوبات لم تفرضها الولايات المتحدة على بلادنا وأمّتنا مؤخراً أو خلال الأربعين سنة الأخيرة؟".

وأضاف "لا نعتبر أنه سيكون لها أي تأثير".

وتابع موسوي "لا نعرف فعلاً ما هي (هذه العقوبات الجديدة) ولا ماذا يريدون استهداف بعد"، مضيفا "نأخذ بجدية أي عقوبة (جديدة) ونعتبرها بمثابة خطوة معادية تتطابق مع الإرهاب الاقتصادي والحرب الاقتصادية التي تُشنّ ضد أمّتنا".

"غير قانونية"

وتنفي طهران على الدوام سعيها لحيازة السلاح النووي لكن ترمب، يؤكّد أنه يريد منعها من امتلاك هذا السلاح بشكل سري، ويتّهمها بأنها تريد "تقويض الاستقرار" في المنطقة.

وانسحبت واشنطن في أيار/مايو 2018 من الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني الذي تم التوصل إليه عام 2015. وأعادت واشنطن فرض عقوبات مشدّدة على إيران، خصوصا في قطاع النفط، لتحرم الجمهورية الإسلامية من مكاسب اقتصادية انتظرت الحصول عليها من الاتفاق.

وتعود العقوبات الأميركية الأولى ضد إيران إلى عام 1979 رداً على عملية احتجاز رهائن في سفارة الولايات المتحدة لدى طهران، بعد عشرة أشهر على انتصار الثورة الإسلامية.

ولدى إعلانه عزمه فرض عقوبات جديدة، كتب ترمب على تويتر &"لا يمكن لإيران أن تملك أسلحة نووية". وعاد وكرر الاثنين القول بأن على إيران "الكف عن السعي لحيازة السلاح النووي" وعن "رعاية الإرهاب".

لكن موسكو، حليف إيران، اعتبرت أن العقوبات الجديدة التي تستعدّ واشنطن لفرضها "غير قانونية".

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين "نعتبر أن هذه العقوبات غير قانونية. هذا كلّ ما يمكننا قوله"، في وقت تتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران.

وتأجّج التوتر بين طهران والولايات المتحدة مع هجمات لم يعرف مصدرها واستهدفت ناقلات النفط في الخليج في 12 من أيار/مايو و 13 من حزيران/يونيو. وألقت واشنطن باللوم على طهران التي نفت تورطها.&

"الإرهاب الالكتروني"&

وتكرّر طهران وواشنطن التأكيد على أنهما لا تريدان الحرب، إلا أن التصريحات العدائية المتبادلة والحوادث في منطقة الخليج تتضاعف، على غرار الاعتداءات المجهولة المصدر على ناقلات النفط وإسقاط إيران طائرة الاستطلاع الأميركية.

وقال قائد البحرية الإيرانية حسين خانزادي الاثنين أن "العدو أرسل طائرته الاستطلاعية (...) الأكثر تقدما، والعالم شاهد كيف تم اسقاطها"، مضيفا "أقول بكل ثقة ان هذا الرد (...) قد يتكرّر"، حسبما نقلت عنه وكالة "تسنيم" الايرانية.

من جهته، قال وزير الاتصالات الإيراني محمد جواد آذري جهرمي في تغريدة الاثنين "تتساءل وسائل الإعلام عن صحة الهجمات الإلكترونية المزعومة على إيران. لا بد لي من القول أننا نتعرض منذ زمن طويل للإرهاب الإلكتروني والنهج الأحادي" من قبل الولايات المتحدة.

وتابع "لم ينجح أي من هجماتهم في حين أنهم يبذلون جهودا كثيرة بهذا الصدد". وكشف أن "العام الماضي لم نحبط هجوما واحدا بل 33 مليون هجوم" بفضل نظام جديد للحماية الإلكترونية.

ووفقا لوسائل إعلام أميركية، نفذت الولايات المتحدة سرا هجمات إلكترونية ضدّ منظومة إطلاق صواريخ وشبكة تجسس إيرانية ردا على اسقاط الطائرة المسيرة. وذكر الإعلام الأميركي أن الهجوم عطل اجهزة كمبيوتر تستخدم في التحكم بمنصات اطلاق الصواريخ ومجموعة تجسس ترصد السفن في الخليج.&

وتؤكد "واشنطن بوست" أن قيادة الجيش اقترحت تنفيذ الهجمات الالكترونية أساساً كرد على اعتداءات 13 حزيران/يونيو حين استُهدفت ناقلتي النفط في مضيق هرمز.

وعززت الولايات المتحدة منذ أيار/مايو حضورها العسكري في الشرق الأوسط، مشيرةً إلى "تهديدات إيرانية" لأهداف أميركية. وقد طلبت واشنطن عقد جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي الاثنين لبحث الوضع مع إيران، بحسب مصادر دبلوماسية.
&