رأى الصحافي الأميركي نيكولاس بلانفورد أن حزب الله اللبناني لن يقف على الحياد في حال وقوع صراع أميركي - إيراني.

إيلاف من نيويورك: بلانفورد، الذي عمل لسنوات عديدة في لبنان، كمراسل لمجلات عالمية، والمعروف بكونه خبيرًا في شؤون حزب الله، اعتبر في مقال نُشر على موقع المجلس الأطلنطي، أن "حزب الله هو أعظم نجاح حققته إيران من خلال تصدير الثورة الإسلامية، وأن طهران ستعمل على الاستفادة منه كحالة ردع".

كمين ضد قافلة إسرائيلية
كتب بلانفورد يقول: "في 28 يناير 2015، كنت وزميلي في وادي البقاع، لإعداد تقرير عن آخر التطورات المتعلقة بالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، والتي كانت تسيطر على سلسلة جبال على امتداد الحدود اللبنانية السورية. قبل وقت قصير من منتصف النهار، تلقينا أنباء تفيد بأن حزب الله قد نفذ كمينًا ضد قافلة عسكرية إسرائيلية على الحدود الجنوبية للبنان، فعدنا أدراجنا على الفور".

قواعد اللعبة
أضاف: "منذ نهاية حرب 2006 كان من النادر أن يشنّ حزب الله هجمات ضد إسرائيل من جنوب لبنان، لكن هذه لم تكن مفاجئة، فقبل عشرة أيام، هاجمت طائرات إسرائيلية بدون طيار موكبًا في مرتفعات الجولان، مما أدى إلى مقتل جنرال إيراني بارز، وستة من أعضاء حزب الله، من بينهم نجل عماد مغنية، القائد العسكري لحزب الله الذي اغتيل في دمشق قبل سبع سنوات".&

أكمل مسترسلًا: "سمحت قواعد اللعبة بين إسرائيل وحزب الله للطرف الأول بضرب الأخير في سوريا من دون عقاب، لكن أي هجمات إسرائيلية داخل لبنان ستقابل بالانتقام. ومع ذلك فإن الضربة القاتلة التي نفذتها طائرات بدون طيار على الأراضي السورية، ومقتل جنرال في الحرس الثوري الإيراني ونجل مغنية كانت فظيعة للغاية، كي لا يتجاهلها حزب الله".

وتابع: "بينما كنا نتوجّه باتجاه الجنوب، رن الهاتف مرة أخرى، وأخبرنا صديق من بيروت أن حزب الله قضى على قافلة عسكرية إسرائيلية بكاملها. إنهم يتحدثون عن مقتل عشرين جنديًا على الأقل. في تلك اللحظة توقفنا عن القيادة جنوبًا، واتجهنا غربًا نحو بيروت. 20 قتيلًا من الجنود يعني أن إسرائيل وحزب الله في طريقهما إلى الحرب، وكانت علينا العودة إلى العاصمة اللبنانية قبل أن تدمّر الغارات الجوية الإسرائيلية، التي لا مفر منها، الجسور، لكن كما تبيّن قتل اثنان فقط من الإسرائيليين، وحتى عندما كانت صواريخ الكورنيت التابعة لحزب الله تتجه نحو هدفها، كان قادة الحزب يبعثون برسائل إلى إسرائيل عبر مكتب الأمم المتحدة في بيروت وقوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان، تفيد بأن الحدث قد انتهى، ومع ذلك إذا اختار الإسرائيليون الرد الانتقامي، فعندئذ سيكون حزب الله مستعدًا لمواصلة القتال".

حرب لا يسعى إليها الطرفان
قال: "مع أكثر من ثلاثة عقود من الخبرة، طوّر حزب الله والجيش الإسرائيلي فهمًا حادًا غير معلن لأفعال وسلوكيات الآخر، وقد عوّض مخاطر الحوادث وسوء التقدير من أفعالهم الهادفة في بعض الأحيان منذ عام 2006، والتي كان من الممكن أن تؤدي إلى حرب لا يسعى إليها أي من الطرفين".&

أضاف: "هناك ديناميكية مماثلة من حافة الهاوية جارية في الخليج بين راعي حزب الله، إيران، والولايات المتحدة، وكما هي الحال مع حزب الله وإسرائيل، لا تسعى واشنطن ولا طهران إلى حرب شاملة. ولكن على عكس الديناميكية المتبادلة بين حزب الله وإسرائيل، والتي تساعد على التخفيف من أي تصعيد، لا إيران ولا الولايات المتحدة لديهما فهم واضح لدوافع الآخر وجدول أعماله وسلوكه".

موقع حزب الله
واعتبر أنه "وفي خضم ما يجري بين الولايات المتحدة وإيران، يتساءل كثيرون في لبنان بقلق عن كيفية رد حزب الله، إذا انتقلت التوترات إلى صراع"، واستعان بتصريح الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله منذ شهر تقريبًا، والذي تحدث علنًا عن إمكانية اشتعال المنطقة في حال وقوع حرب على إيران.&

ولفت إلى أنه "في حين أن الولايات المتحدة لديها ميزة عسكرية هائلة على إيران، فالأخيرة طهران لديها قدرات غير متماثلة، وقد تم استخدام بعضها في الأسابيع الأخيرة - مثل إسقاط طائرة استطلاع أميركية بدون طيار، وهجمات التخريب ضد ناقلات نفط عدة، وزيادة الهجمات الصاروخية وطائرات بدون طيار القتالية من اليمن إلى المملكة العربية السعودية. كما تمد إيران نفوذها وتدعم حلفاءها في معظم أنحاء الشرق الأوسط، الحوثيون في اليمن، الجماعات الشيعية المرتبطة بالحشد الشعبي في العراق، وميليشيات مماثلة تدعمها إيران في سوريا؛ والأهم من ذلك كله حزب الله في لبنان".

أعظم نجاح
بلانفورد أعرب عن اعتقاده بأن "حزب الله هو أعظم نجاح حققته إيران في تصدير الثورة الإسلامية. لقد تطور ليصبح قوة عسكرية غير حكومية كبيرة في العالم مع ثلاثين ألف مقاتل مدرب، كثير منهم اكتسب خبرة قتالية لا تقدر بثمن في ساحات القتال الدموية في سوريا منذ عام 2012، وتقدر إسرائيل أن ترسانة حزب الله تشمل ما يصل إلى 150000 صاروخ، كما يُعتقد أن حزب الله يحوز قدرات متطورة مضادة للطائرات، إضافة إلى جناح جوي للمراقبة وطائرات بدون طيار ووحدة حربية برمائية يُعتقد أنها مُجهزة بمركبات شبه غاطسة ومركبات لعمليات التسلل المحتملة عبر البحر إلى الأراضي الإسرائيلية. لدى حزب الله أيضًا وحدات قتالية مدربة على اختراق الأراضي الإسرائيلية في حالة نشوب حرب أخرى، وخلال العامين الماضيين، صنفت إسرائيل حزب الله كتهديد أول".

استخدام الحزب
وأكد أن "حجم القدرات العسكرية لحزب الله يعتبر صفقة واحدة بالنسبة إلى إيران. إذا قام حزب الله بمهاجمة إسرائيل دعمًا لطهران، فإن ذلك سيؤدي إلى حرب مدمرة، قد تستمر أسابيع وتسبب دمارًا لكل من لبنان وإسرائيل. وبناءً على نتائج هذه الحرب، ليس هناك ما يضمن قدرة حزب الله على إعادة بناء قوته السابقة التي كانت قبل الحرب ومواصلة تهديده لإسرائيل، وبالتالي يكون بمثابة عامل ردع لطهران. إن قيادة إيران تتفهم هذا، وستستفيد من حليفها اللبناني بحكمة".

هجوم مباشر
عن دور حزب الله في حال وقوع صراع عسكري، قال: "بدون صراع كامل، من المحتمل أن يكون دور حزب الله سريًا وقابلًا للإنكار. تم نشر كوادر حزب الله بالفعل في سوريا، وبدرجات أقل في العراق واليمن، وهي في وضع جيد لدعم المجهود الحربي الإيراني، من خلال تقديم المساعدة والتوجيه إلى مختلف الكيانات المدعومة من إيران لمهاجمة أهداف تابعة لأميركا وحلفائها في جميع أنحاء المنطقة. ومع ذلك إذا حسبت طهران أن حجم الحملة الأميركية يشكل تهديدًا وجوديًا محتملًا للجمهورية الإسلامية نفسها، فإن حزب الله يمكن أن يصعد مهمة الدعم إلى هجوم مباشر على إسرائيل، بغضّ النظر عن العواقب على لبنان".

لا خيار أمام نصرالله
وتابع: "غالبًا ما يُطرح السؤال عمّا إذا كان نصر الله سيكون لديه القرار من أجل رفض دعوة طهران لشن هجوم واسع النطاق ضد إسرائيل، وذلك بسبب الدمار الذي سيشهده لبنان والتأثير اللاحق على شعبية حزبه المحلية. باختصار، نصر الله ليس لديه خيار، وعلى المستوى العملي، فإن التهديد الوجودي ضد إيران يهدد حزب الله بالقدر نفسه، كما إن ضعف إيران أو انهيارها، سيتركان&حزب الله يتيمًا على الساحل الغربي للشرق الأوسط، ويكون عرضة بمرور الوقت للدغة العقوبات الدولية المتزايدة، وفريسة العداء للسنة في لبنان وأماكن أخرى في المنطقة، والأهم من ذلك هو أن حزب الله ملتزم باتباع أوامر الولي الفقيه، المتجسدة حاليًا في المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي".