إلى أي مدى تعزز "صفقة القرن" فرضية توطين الفلسطينيين في لبنان، وكيف يقرأ اللبنانيون هذه الصفقة ومفاعيلها وفق الخطة المعدة للسلام في الشرق الأوسط؟.

إيلاف من بيروت: استغرب المسؤولون اللبنانيون والفاعليات السياسية من إصرار مستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنر على توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وفق خطة يعدها للسلام في الشرق الأوسط.&

ما دعاهم إلى الاستهجان زعمه أن دمج اللاجئين يحقق ما يطمح إليه لبنان، ويسميه "الحل العادل" للقضية، وتجاهل رفض المسؤولين اللبنانيين المساهمة في أعمال ورشة البحرين. وأعربوا عن أملهم في أن يتفهم كوشنر موقف لبنان، وأن تكون الحلول المقترحة التي وعد بها "براغماتية وقابلة للتطبيق"، وفق ما تنطوي عليه هذه العبارات بالنسبة إلى لبنان الرسمي والقيادة الفلسطينية وليس كما يراها كوشنر.

والسؤال كيف يقرأ اللبنانيون صفقة القرن ومفاعيلها من توطين الفلسطينيين في لبنان؟.

عودة الفلسطينيين
يشير خليل أبو جودة إلى "أننا نعلم في قرارة أنفسنا أن إسرائيل لن تقبل بعودة الفلسطينيين إلى بلدهم، وكانت مخاوف التوطين والشكوك تراودنا دائمًا، مع تزايد الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي تعقيدًا. أما اليوم فقد تحوّلت هذه الهواجس والمخاوف إلى حقيقة تقطع الشك باليقين بأن احتمال توطين الفلسطينيين أصبح واقعًا".

السوريون
زياد خاطر يشير إلى أنه "أمام انشغال لبنان بأزمة النازحين السوريين، يغفل المسؤولون قضية أهم، وهي أزمة اللاجئين الفلسطينيين، خصوصًا أن البعض يتردّد على مسامعه أن هناك من الدول الكبرى من يقترح المساعدة على إعادة النازحين السوريين مقابل توطين الفلسطينيين، وبالتالي فإن المعلومات في هذا الشأن تؤكد أن لا نيّة لدى المجتمع الدولي لحلّ أزمة النازحين واللاجئين، خصوصًا أن هذا الموضوع مرتبط بعوامل إقليمية وخارجية".&

تنفيذ المخطط
تانيا الحلو تشير إلى "أن توطين الفلسطينيين في لبنان هو في عمق وصلب السياسات الدولية، والواقع أن أصحاب القرار الدولي وبعض المتفقين معهم يخططون لتنفيذ هذا المخطط، كما إن هناك من يعمل مخابراتيًا على نشر فوضى في المخيمات الفلسطينية، لا سيما في مخيم عين الحلوة، حتى تنهار الأوضاع برمتها، وتقوم أوضاع ديموغرافية وسياسية جديدة، تنتهي بالتوطين.&

تضيف: "إن التسيب الأمني في مخيم عين الحلوة ليس مختصرًا ومحدودًا وسطحيًا، لكن مفاعيله الأمنية والسياسية تنذر بكارثة حقيقية على الوجود الفلسطيني في لبنان كله، لذلك على الدولة اللبنانية أن تتصرف بوعي تام لما تقتضيه المسؤولية الوطنية والأخلاقية في ما خص موضوع الشعب الفلسطيني في لبنان".

حق العودة
زاهي طنوس يؤكد أن "اعتراض اللاجئين الفلسطينيين المحموم على إعادة التوطين يفسر مدى تمسكهم الكبير بحق العودة الذي كان وما زال من أهم المبادئ المحورية للحركة الوطنية الفلسطينية منذ عام 1948 عندما غادر كثير من اللاجئين الفلسطينيين ديارهم معتقدين أنهم سيعودون إليها قريبًا، ونتيجة لذلك الاعتقاد، لم يأخذوا معهم إلاَّ قليلًا من مقتنياتهم، ومع أن الأحداث على أرض الواقع قضت تمامًا على هذه الخطط المباشرة، لم يفقد الفلسطينيون الأمل في احتمالية عودتهم في المستقبل، بل على العكس من ذلك، ظلت رغبة الفلسطينيين في العودة قوية، مستندة في ذلك إلى تأييد الأمم المتحدة الرسمي لحق العودة من خلال القرار 194، وتعالت الأصوات المنادية بتفعيل هذا الحق، الذي أصبح محور الخطاب السياسي الفلسطيني، وما زال القرار 194 الصيحة الشعبية الفاعلة التي تنادي بها أصوات الفلسطينيين اليوم.&

ولكن، يضيف طنوس، تأتي "صفقة القرن" اليوم لتعزز من جهة أخرى فرضية توطين الفلسطينيين في لبنان وتكريس الموضوع كأمر واقع.
&