واشنطن: بعد أسابيع من جدل حاد، تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن إصراره على إدراج سؤال عن الجنسية في التعداد السكاني المقبل الذي سيجري في 2020 في الولايات المتحدة.

قال ترمب في حديقة البيت الأبيض "سنختار طريقًا آخر للتأكد من إجراء إحصاء كامل للسكان غير المواطنين". يشكل هذا التراجع انتكاسة للرئيس الأميركي الذي خاض مواجهة حول هذه القضية ووصل به الأمر إلى الحديث عن إمكانية إصدار مرسوم رئاسي أو إرجاء طباعة الاستمارات التي يفترض أن تستخدم في الإحصاء الذي يجري كل عشر سنوات حسب الدستور.

يرى معارضو إدراج السؤال في التعداد السكاني الذي أسقط منذ 1950، أن دوافع هذه الخطوة سياسية، وستدفع مهاجرين سريين إلى الامتناع عن المشاركة في التعداد خوفًا من القبض عليهم.

كان ترمب رأى أن "هناك فارقًا كبيرًا في نظري بين أن تكون مواطنًا للولايات المتحدة وأن تكون (مقيمًا) غير شرعي"، مؤكدًا أنه يريد تحديد وضع كل شخص بفضل تعداد السكان.

لكن المحكمة العليا عرقلت إضافة السؤال على الإحصاء الذي سيجري في 2020، معتبرة أن التبريرات التي قدمتها إدارة ترمب "مصطنعة". وقال ترمب بعد ذلك في الأسبوع الماضي إنه تخلى عن إدراج هذا السؤال المثير للجدل في استمارة التعداد السكاني.

ردًا على قرار المحكمة العليا، قال ترمب إنه طلب من وزارتي التجارة والعدل "القيام بكل ما هو ضروري لإدراج هذا القرار الأكثر حيوية والمهم جدًا".&

إلا أنه تراجع عن إصراره، وصرح الجمعة الماضي أنه يفكر في إصدار أمر تنفيذي لتجاوز حكم المحكمة العليا بعدم إضافة سؤال "هل يحمل هذا الشخص الجنسية الأميركية؟".

كانت إضافة سؤال عن الجنسية أسقط منذ نحو ستين عامًا، ستدفع على الأرجح بين 1.6 و6.5 ملايين مهاجر إلى الامتناع عن المشاركة أو إلى الكذب عند كتابة الاستمارة خوفًا من ملاحقتهم، حسب خبراء في مكتب الإحصاء.

وبعد تخليه عن السؤال عن الجنسية، أعلن ترمب توقيع مرسوم يفرض جمع كل المعلومات المتوافرة في "قواعد البيانات الفدرالية" لمختلف الوزارات.

صورة واضحة
قال الرئيس الأميركي الخميس "لا نتراجع عن جهودنا". وأضاف "من الضروري أن تكون لدينا صورة واضحة عن عدد المواطنين وغير المواطنين الذين يتألف منهم سكاننا"، بدون أن يرد على أسئلة الصحافيين في هذا الحدث الذي قدم على أنه "مؤتمر صحافي".

وكان إدراج سؤال عن الجنسية في استمارة التعداد السكاني سيؤدي إلى انعكاسات كبيرة. فتعداد السكان يشكل الأساس لمنح 675 مليار دولار من المساعدات المالية الفدرالية ولعدد المقاعد التي تخصص لكل ولاية في مجلس النواب تبعًا لعدد المقيمين.

كتب زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر في تغريدة على تويتر أن "هزيمة" الرئيس ترمب في قضية التعداد السكاني تمثل "انتصارًا كبيرًا للديموقراطية وللتمثيل العادل". أضاف شومر "يجب احتساب كل شخص ويجب ألا يتم ترهيب أي شخص من قبل الرئيس وسلوكه المتقلب".

من جهتها، أكدت منظمة الدفاع عن الحقوق المدنية التي تتمتع بنفوذ كبير أنها ستواصل مراقبة محاولات إدارة ترمب المتعلق بإحصاء المهاجرين.

وكتبت المنظمة في تغريدة على تويتر "عندما تكشف تفاصيل المشروع الجديد لترمب لجمع المعطيات المتعلقة بالمواطنة في إطار التعداد - وكذلك خطط استخدام هذه المعطيات -، فسندرسها بدقة ونحلل مدى تطابقها مع القانون".

وكان المرشح الديموقراطي الأوفر حظا للرئاسة الأميركية جو بايدن نائب الرئيس السابق رأى أن "إدارة ترمب أضافت السؤال عن الجنسية في التعداد لتسكت عمدًا أصوات المهاجرين ومجتمعات الملوّنين". أضاف "هذا خطأ ومخالف لقيمنها الأساسية كأمة".
&