وقف الشعب العراقي مع جويل سعادة اللبنانية التي عزفت "موطني" على كمانها في كربلاء، في وجه المتشددين الذي رأوا في عزفها هتكًا لقدسية المدينة.

إيلاف من بيروت: وجهت جويل سعادة، عازفة الكمان اللبنانية التي عزفت لحن النشيد الوطني العراقي على كمانها في ملعب كربلاء خلال افتتاح بطولة غرب آسيا، رسالة إلى الشعب العراقي، تزامنًا مع جدل واسع النطاق أثاره حفل الافتتاح الذي عده منتقدون هتكًا لقدسية المدينة، بسبب عازفة الكمان وبعض المؤديات اللواتي قدمن عرضًا افتتاحيًا للبطولة، ما أثار غضب جمع من رجال الدين والسياسيين الشيعة.

شكرًا للعراق

قالت سعادة على حسابها في إنستاغرام: "الشكر الكبير للعراق الحبيب وشعب العراق المضياف الذي غمرني بحفاوته ولطفه، واستضافني على أرضه، وزارني بكل محبة ورحابة صدر".

فقد شهدت حسابات سعادة على إنستاغرام وفايسبوك غزوًا عراقيًا غير مسبوق، بعدما صارت مالئة العراق وشاغلة العراقيين في وسائل التواصل الاجتماعي بسبب تألقها في عزف نشيد "موطني" الوطني العراقي على ملعب كربلاء الدولي أمام أكثر من 30 ألفًا احتشدوا لحضور افتتاح بطولة غرب آسيا.

فقد تزايد متابعة صفحة سعادة على "إنستغرام" بسرعة فارتفع عدد المتابعين إلى أكثر من 61 ألف شخص في ساعات قليلة، والعدد مستمر في التزايد.

والفنانة سعادة عضوٌ سابق في فرقة الفنانة اللبنانية إليسا، انفصلت عنها وانفردت في العزف على مدار عام ونصف لتحيي حفلاتها الخاصة.

درست سعادة عزف الكمان في الكونسرفتوار الوطني اللبناني عشرة أعوام، وهي تتقن عزفَ أغانٍ قديمة باللغات العربية والفرنسية والإنكليزية والإيطالية، كما تعزف على الكمان موسيقى نمطها سريع أو هادئ، وتهوى عزف أغاني فيروز.

استنكار شيعي

الجدل ما زال متصاعدًا، فـ"كربلاء" من المواقع المقدسة لدى الشيعة، فيها مرقدا الإمام الحسين بن علي وأبي الفضل العباس. في عام 2012، سنّ قانون محلي هو قانون "قدسية كربلاء"، دخل حيز التنفيذ بنهاية عام 2017، مثيرًا القلق العام على الحريات وطبيعة الحياة في كربلاء، لأنه يجرّم لعب القمار والجهر بالأغاني وبيع الأفلام المخلة بالآداب العامة وعرض الملابس النسائية في واجهات المحال بشكل فاضح وشرب الخمر والزنا.

من مستنكري ما حصل في اقتتاح بطولة غرب آسيا الأمين العام لحزب الدعوة العراقي ورئيس الحكومة السابق نوري المالكي. قال: "نستنكر وندين بشدة ما حصل في ملعب محافظة كربلاء المقدسة خلال افتتاح بطولة غرب آسيا، التي رافقها حفل موسيقي راقص يعدّ تجاوزاً على حرمة المدينة وهتكاً لقدسية مدينة الإمام الحسين عليه السلام"، مطالبًا الحكومة العراقية بفتح تحقيق عاجل لمحاسبة المقصرين ومن يقف خلف هذا التجاوز الفاضح على حرمة المدينة المقدسة، "سواء كانت الحكومة المحلية أو وزارة الشباب والرياضة أو الاتحاد العراقي لكرة القدم"، مشددًا على ضرورة ضمان عدم تكرار هذه الأفعال مجددًا.

وأصدر ديوان الوقف الشيعي بيانًا معتبرًا ما حصل فعلًا شنيعًا تجاوز الحدود الشرعية وتعدى الضوابط الأخلاقية. وقال البيان: "تلقينا ببالغ الأسف نبأ الانتهاك الصارخ لقدسية كربلاء المقدسة بما تضمنه احتفال افتتاح دورة رياضية في ملعب كربلاء".

فخورون بها

في مقابل المالكي ولفيف من رجال الدين الشيعة، هم العراقيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالدفاع عن العازفة سعادة التي تلام لوقوفها مكشوفة الذراعين في ملعب وسط كربلاء، مؤكدين فخرهم بها، كما دعوها الى عدم الالتفات للمنتقدين. وما تصاعد أعداد متابعيها إلا رد شعبي بليغ على دعوات التشدد في العراق.

وبرزت أصوات تدعو إلى وقف هذا التشدد الديني. وفي مقابلة صحفية، وصف الصحفي مصطفى ناصر، رئيس جمعية الدفاع عن حقوق الصحفيين، انتقاد بعض السياسيين ورجال الدين حفل بطولة غرب آسيا بأنه انخفاض لمقبوليتهم، "بسبب تنامي الأمل، وزيف قواعدهم الشعبية التي يتبجحون بها في كل دورة انتخابية، لذلك يوهمون الناس أن بديلهم يعني تحول كربلاء إلى ديسكوات".

كما نقلت وسائل إعلام عراقية أن الناشط والصحافي العراقي سامر نجاح نشر عبر حسابه على فايسبوك: "رسالة إلى من يتحدث عن القدسية، الرياضة رسالة سامية، لا تسيء إليكم، بل تجمع الشعوب في بلدكم وتؤكد عودة الروح للعراق بعيدًا عن أفكاركم الحجرية. اذهبوا إلى المستشفيات التي تمص دماء الفقراء وهنالك أثبتوا قدسيتكم من أجل وطنكم بدلًا من البحث عن أمور هي المتنفس الأول للجماهير العراقية".

جبان.. وصوت كمان

على تويتر، قال عماد سهيل: "جويل سعادة العازفة في ملعب كربلاء، انتِ أجملُ من خطبة معمم لا تنفع، وأجملُ من عمامة لا تركع، فسلامٌ على خدُكٍ الأنصع".

وغرد عزّ: "أوتاركِ هَزَّت قَداسَتَهُم. في بَلَدي يُحَرِّمون الموسيقى ويُحِلّون العُهر الفِكري، لو أنها وَهَبَت نَفسها لاستنكحوها وَفي نَفسِ المكان الذي عَزَفَتْ فيهِ. إِضرِبي أكثر كي تَهتَز ضَمائِرهم".

وغرد رامي توما: "اعزفي يا حبيبتي، قد أصابنا الملل من صوت منابرهم الكاذبة".

وكتب محمد الفرهاد: "ما أعظمك ايتها العازفة فلقد ضجت الكهنة من عزف أناملك!!!".

وغردت زينة الحلبوسي: "ضاغطة الظلاميين ورافعة سكر رجال الدين المتخلفين المتأخرين المتسببين بهجمان العراق، الجميلة جويل سعادة، شكرًا".

وقال كرار إبراهيم: "السلام على من أدخلت الرعب في قلوب الكهنة، من ذاك الجبان الذي يخيفه قوس كمان".

وكتب محمد منتش: "مدعو الدين والتدين &استفزهم وأغضبهم مشهد عزف &المبدعة جويل سعادة في كربلاء، ولم يستفزعم في يوم من الأيام مشهد الفقر والحرمان في كربلاء. رجال الدين أغلبهم لا يقدرون على المشي من التخمة هم من يدخلون النار لا غيرهم".

أما حساب "أهل المغنى" فغرّد تحت صورة سعادة تعزف في ملعب كربلاء: "قُل للمَليحَةِ بالكَمَانِ الأَسّوَدِ، ماذا فَعلتِ بِمُعَممٍ مُتَعبدِ".