بعد إنكار لنحو عامين، اعترف الداعية الإسلامي طارق رمضان، حفيد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، بـ"الزنا"، أو "ممارسة الجنس بالتراضي" مع اثنين من أربع نساء اتهمنه بالاغتصاب.

إيلاف من القاهرة: أصاب اعتراف رمضان صدمة للكثير من مريديه، لاسيما المسلمين&في أوروبا، بينما لم يحرك هذا الاعتراف مشاعر الدهشة، لدى العالمين ببواطن جماعة الإخوان المسلمين، لاسيما أن "رمضان الذي يمكن أن يطلق عليه وصف "راسبوتين الإخوان الجديد" ليس الأول في الجماعة، بل سبقه كثيرون.

تأليف القلوب ستارًا
يعتبر عبد الحكيم عابدين، زوج شقيقة حسن البنا، مؤسس الإخوان، صاحب أكبر وأول فضيحة إخلاقية في تاريخ الجماعة، استحق بها الحصول على لقب "راسبوتين الإخوان"، بسبب دأبه على التحرش بنساء الجماعة خلال الخمسينيات من القرن الماضي.

ووفقًا لدراسة صادرة من مركز الشرق الأوسط للدراسات، فإن "عبد الحكيم عابدين كان شخصًا شديد الالتزام في الظاهر لا يمكن أن تتطرق إليه أي شبهة أخلاقية، علاوة علي ذلك فهو من الرعيل الأول للجماعة ومن أوائل من بايعوا المرشد العام، وهو أيضًا زوج شقيقته، لذلك فما إن دعا عبد الحكيم عابدين إلى إنشاء نظام "التزاور" بين أسر الإخوان لتعميق الترابط والحب بين الإخوان وبعضهم البعض، فقد لاقى هذا المقترح ترحيبًا كبيرًا، وأوكلت إلى عبد الحكيم عابدين مهمة تنظيم هذه الأمور والإشراف عليها ومتابعتها، فكانت هناك لقاءات أسرية وزيارات متبادلة بين الإخوان وبعضهم البعض في المنازل بدعوى تأليف القلوب.

لملمة الفضيحة&
وفي العام 1945 بدا واضحًا للعيان أن هذا النظام حمل في طياته العديد من الفضائح الأخلاقية التي وصفها بعض الإخوان أنفسهم بأنه يشيب من هولها "شعر الوليد"، وأصبح "عابدين" معروفًا بـ "راسبوتين" الجماعة، ولم يكن أمام المرشد إلا الأمر بإجراء تحقيقات مكتوبة مع عابدين بمعرفة بعض كبار أعضاء الجماعة، تلك التحقيقات التي لا يعرف أحد أين ذهبت وثائقها، والتي قال بعض الإخوان عنها في مذكراتهم إن عابدين كان يتمرغ في الأرض، ويبكي وينهار، وهو يواجه بالتهم البشعة الموجّهة إليه، وبعد انتهاء التحقيقات، التي أكد الكثير من الإخوان أنها انتهت إلى إدانة واضحة لعابدين، اختار المرشد العام لمّ الأمر والتكتم عليه مع حل نظام الأسر وتصفيته، لكن مع ذلك ظل عبد الحكيم عابدين صاحب نفوذ واسع في الجماعة حتى بعد اغتيال حسن البنا.

أسفرت فضيحة عبد الحكيم عابدين عن خروج عدد كبير من الإخوان، وأحدثت شرخًا هائلًا في بنيان الجماعة، وأثارت التساؤلات لدى الكثيرين عن مدى مصداقية القائمين عليها، وكان على رأس الخارجين أحمد السكري وكيل الجماعة وبانيها الحقيقي ورفيق درب حسن البنا والممارس السياسي المحترف، والذي كانت فضيحة عابدين السبب الحقيقي لانشقاقه وخروجه، لكن المؤكد أن السبب الحقيقي لخروجه كان فقدان الثقة بينه وبين المرشد بسبب هذه الفضيحة.

بدأت فضيحة عابدين بالتحرش بنساء الجماعة في الظهور إلى العلن في العام 1945، والذي أُسِّس فيه "نظام التزاور" بين أسر الإخوان، بناء على طلب البنا، بدعوى تأليف القلوب، وتعميق العلاقات الأسرية والاجتماعية بين الأسر الإخوانية، وعقد لقاءات أسرية، وزيارات للإخوان في منازلهم، وهو ما استغله عابدين في للتحرش بنسائهم وإقامة علاقات نسائية مع العديد منهن في ذلك الحين.

وفي عهد مرسي أيضًا
أثناء حكم الجماعة في مصر، تولى الصحافي والقيادي في الجماعة، صلاح عبد المقصود منصب وزير الإعلام، وأطلق عليه لقب "المتحرش باسم الحكومة"، بسبب ارتكابه ثلاث وقائع تحرش جنسي لفظي بالصحافيات والإعلاميات، منهن الإعلامية السورية زينا يازجي.

وبسبب تماديه في التحرش الجنسي، أطلقت حركات نسائية حملات لإقالته من منصبه، ونظمت وقفات احتجاجية، من أجل الضغط على الرئيس الراحل محمد مرسي، لعزله، لكن لم يستجب أحد، إلى أن اندلعت ثورة 30 يونيو 2013، وأسقط الشعب المصري حكم الجماعة.

وفي منتصف العام 2012، أثناء تولي الإخوان السلطة، انتشرت مقاطع فيديو جنسية لقيادي في الجماعة هو رشاد عبد الغفار، ظهر فيها مع فتاة في أوضاع إباحية، إلا أنه خرج نافيًا تلك الاتهامات، وقال في بيان له وقتها: " أؤكد لأهلي وأسرتي وكل من يعرفونني أن تلفيق هذا المقطع إنما هو محاولة ابتزاز خسيسة ودنيئة لن أستجيب لها، وأطالب الجهات المعنية بسرعة ضبط هؤلاء الذين شوّهوا اسمي بين أبناء مدينتي، كما شوّهوا اسم الحزب الذي أنتمي إليه، وقبل ذلك تشويه صورتي أمام أبنائي وأسرتي وحسبنا الله ونعم الوكيل".

شعارات زائفة
وقال مرصد الإسلاموفوبيا، التابع لدار الإفتاء المصرية، إن اعترافات طارق رمضان، عضو التنظيم الدولي للإخوان، وحفيد حسن البنا، مؤسس الجماعة، بممارسة الزنا مع سيدتين من السيدات الأربع، اللواتي اتهمنه بـ«الاغتصاب»، توضح «مدى زيف الشعارات التي يدعيها أعضاء تلك الجماعة».

أشار المرصد في تقرير، أمس الثلاثاء، إلى أن «الاعتراف غير الكامل من قِبل طارق رمضان وإقراره بوجود «علاقات حميمية بالتراضي التام» مع المدعيتين الرئيستين عليه، واعترافه أنه كذب «لحماية نفسه وأسرته»، هو بمثابة تعرية جديدة لأفراد وقيادات تنظيم الإخوان، الذي أساء أشد الإساءة إلى الإسلام وإلى الجاليات المسلمة في الغرب، وعاث فسادًا في مجتمعات الشرق»، مشددًا على أن «الحياة المزدوجة والمضطربة التي لا تتماشى مع معايير الأخلاق الإسلامية التي يدّعيها رمضان وأعضاء الإخوان أصبحت لا تنطلي على أحد بعد انكشاف حقيقة التنظيم".

حملات تشويه
تابع مرصد الإفتاء أن «تناول الصحافة الغربية والفرنسية خاصةً القريبة من اليمين المتطرف والتي عملت في السابق على الإساءة إلى الإسلام كان غير بريء، إذ اتخذت من أكاذيب رمضان غطاءً لها لمواصلة حملتها المسيئة إلى الإسلام والمسلمين".

أضاف المرصد إن «اعترافات رمضان غير الكاملة قالها أثناء مقابلة تلفزيونية بثت على الهواء مباشرةً، ومدتها 30 دقيقة، صباح 6 سبتمبر الماضي عن الاتهامات الموجّهة إليه بالاغتصاب والاعتداء الجنسي على 4 سيدات في فرنسا، هاجم خلالها المدعيات والإعلام والقضاء الفرنسي، متخذًا دور «الضحية» في مؤامرة ذات أبعاد سياسية».

اختتم مرصد الإفتاء بأن «المقابلة التي عرضت على قناتين تلفزيونيتين فرنسيتين، أجريت بناء على طلب رمضان الذي امتنع منذ بداية تداول الاتهامات بحقه في أكتوبر عام 2017، وبعد اتهامه رسميًّا في فبراير عام 2018، عن الإدلاء بأي تصريح. ويأتي هذا الظهور في إطار «هجوم مضاد» من رمضان قبل نشر كتابه الجديد في 11 سبتمبر المقبل".

سجن وإفراج
عرض التليفزيون الفرنسي، فيلمًا وثائقيًا بعنوان «الشيطان في جسد»، وقام الفيلم بعرض شهادات من تم اغتصابهن من قبل طارق رمضان حفيد حسن البنا.

وكان طارق رمضان قد أنكر في البداية التهم، ثم غير أقواله فجأة، واعتراف بإقامة علاقات جنسية مع تلك السيدات، وبأن العلاقات كانت برضاهن، ليسجن احتياطيًا لمدة 9 أشهر، ويفرج عنه بكفالة قدرها 300 ألف يورو.