أكد وزير الثقافة السعودي، الأمير بدر بن فرحان، أن المملكة تواصل محاربتها للأفكار المتطرفة، وهي تكسب هذه المعركة، وقال الوزير في حوار مطول مع صحيفة "عكاظ" السعودية: "سمو سيدي ولي العهد أعلن الحرب على التطرف والأفكار المتطرفة، وأجزم أن المملكة تكسب هذه الحرب. لقد جففت السعودية منابع التطرف في رحلتها الدائمة لمجابهة الإرهاب وخطاب الكراهية، وفي وزارة الثقافة نؤكد أن مكافحتنا للتطرف عمل حضاري وثقافي بامتياز لتهيئة المناخات الطبيعية لأجيالنا وثقافتنا. لم نعرف في المملكة التطرف ولا الإرهاب إلا بعد بروز حركات «مستغلي الإسلام لأهداف سياسية»، والبداية كما قالها سمو سيدي الأمير محمد بن سلمان من ثورة الخميني في إيران عام 1979. عازمون للعودة إلى ما كنا عليه، وهنا اقتبس من حديث سيدي ولي العهد: «سنعود إلى الإسلام الوسطي المعتدل والمنفتح على جميع الأديان».

وتابع: "صحيح أن القطاع الثقافي تأذى من نيران التطرف لأعوام طويلة، ولكن في نهاية المطاف استمر في الإنتاج الإبداعي، ولم يتوقف عند تلك المحطات، ونجح السعوديون في هزيمة التطرف والأفكار الظلامية، سنمضي في رحلتنا الحضارية التي تؤمن بالانفتاح على العالم مع الاعتزاز بماضينا وتراثنا".

واكمل الوزير: "لسنا مستعدين -كما قال سمو سيدي ولي العهد- أن نضيع 30 سنة من حياتنا في التعامل مع أي أفكار متطرفة. ويبدو أن الأفكار المتطرفة وصلت إلى مرحلة اليأس والانتحار في المملكة؛ لذا فهي تحاول تشويه الإنجاز والإصلاحات السعودية. لن نسمح في وزارة الثقافة بأن تعطل تلك الأفكار تقدمنا لتحقيق الأهداف وتطلعات القيادة".

وعود

وحول الوعود الكثيرة التي أطلقتها وزارة الثقافة السعودية وأين وصلت في تحقيقها، قال الأمير بدر بن فرحان: "كما طيلة الشهور الماضية عملت وزارة الثقافة على مأسسة المبادرات الـ27 التي أطلقناها في أواخر مارس الماضي، وأسعى مع زملائي على تحقيق تطلعات قيادتنا الرشيدة، فسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، يقدمان دعماً منقطع النظير للقطاع الثقافي".

واضاف: "كما عملت الوزارة على استقطاب كفاءات من أبناء المملكة لإدارة تلك المبادرات، من منطلق التزامنا بأن أبناء الوطن لهم الأولوية الكاملة في فرص بناء القطاع وتطويره، فهم رهان نجاحها، وكما رأيتم يجري العمل على قدم وساق للخروج بما يليق بمكانة المملكة وثقافتها، ومستمرون في رحلة التمكين وخلق البيئات المحفزة للإبداع الثقافي".

أكاديميات الفنون

وبخصوص اختيار الوزارة البدء في الإعلان عن اكاديميات الفنون في مجالين، هما: التراث (الفنون التقليدية والحرف)، والموسيقى، أوضح الوزير أن ذلك جاء بعد دراسة السوق المحلية من حيث البرامج التعليمية والتدريبية الحالية والمتوقعة حتى 2030، إضافة إلى دراسة الطلب المتوقع من فرص العمل حتى عام 2030 وفق تطلعات ومشاريع ومبادرات الرؤية وإستراتيجية الوزارة. والدراسة أكدت الملاحظات التي تلقتها الوزارة من المثقفين والمهتمين من خلال اللقاءات المستمرة أو عبر وسائل التواصل المختلفة بخصوص الحاجة إلى بناء القدرات في القطاع مع التحديد الدقيق لأوجه الحاجة، إذ تصدر القائمة على سبيل المثال مجال الموسيقى لعدم وجود أكاديميات أو معاهد تقدم برامج تعليمية مرخصة وشهادات معتمدة لتعليم الموسيقى، في مقابل طلب عالٍ.

واوضح أن الوزارة ستحرص في أكاديمية «الفنون التقليدية» على تطوير الفنون وعلى سد حاجة السوق الحالية؛ لذا ستركز أولى الأكاديميات على الفنون التقليدية وعلى الهوية الوطنية السعودية كأول أكاديمية من نوعها، وقال: "فنحن نملك إرثاً ثقافياً وفنياً ممتداً لآلاف السنوات في مجالات الفنون المتنوعة والآثار التي نفخر بها والتي خرجت من المواقع العظيمة في السعودية مثل العلا والفاو وثاج، أو تلك الرسوم الصخرية في جبة وآبار حمى. تلك الآثار والفنون دليل ملموس على عمق ممارستنا للفنون".

وتابع: "وستدعم الأكاديمية العمل الفني السعودي سواء أكان فناً محلياً أو حرفة أو فنون أداء تقليدية تحتاج إلى محافظة أو تطوير لتكون منتجاً فنياً سعودياً قابلاً للتسويق في المنصات الدولية، كما سيقوم المعهد بإعادة إحياء تعليم الخط العربي بنمط ممنهج، وهو الفن الذي يعتبر أحد أهم الفنون في ثقافتنا وتاريخنا ومنبعه هذه الأرض الطيبة".

وواصل حديثه: "وسيعمل زملائي على إثراء وتعزيز مستوى وجودة الفنون التقليدية السعودية ورفع الوعي العام وتعزيز الثقافة وطنياً ودولياً بهذه الفنون المحلية من خلال توفير برامج تعليمية مميزة في مجالات ثقافية عدة متنوعة نطور ونحافظ فيها على التراث المادي وغير المادي".

الموسيقى&

وردا على سؤال: لماذا الموسيقى الآن؟ أجاب الوزير السعودي: "أكدت الدراسة - كما ذكرت - الحاجة العالية لتأهيل متخصصين لسد الحاجة في فرص العمل الحالية والمستقبلية، ولا ننسى أن الأغنية السعودية تجاوز مدى تأثيرها وانتشارها النطاق المحلي، ووصلت إلى المستمع العربي، وكذلك العالمي. وفي المملكة لدينا نماذج شقت طريقها وبرزت وأبرزت الفن السعودي الغنائي والموسيقي خلال السنوات السابقة بجهودهم، وفي أحايين كثيرة من خلال العمل في مدن خارج السعودية. لقد آن الأوان لنضع منصة بناء قدرات محلية للمواهب المبدعة في هذا المجال، سواء أكان من خلال العزف أو الغناء أو الأدوار الأخرى المكملة لقطاع الموسيقى، إضافة إلى تطوير الموروث المحلي من فنون الأداء كالألوان الفلكلورية المتنوعة والغنية في بلادنا".

وحول الهدف&الأساس لوزارة الثقافة من تبنّي «أكاديميات الفنون»، قال: "التأكيد على رسالة الوزارة في تمكين وتشجيع القطاع الثقافي السعودي، وأهم مقوماته الاستثمار في بناء القدرات في القطاع الثقافي والفنون، نريد أن يكون المنتج الثقافي السعودي مشبعاً بالهوية ويعكس ثقافتنا، كما نريد أن نخلق فرص عمل للمبدعين في كافة مجالات الفنون للمساهمة في البناء الحضاري والثقافي للوطن".

وبين أن الفئات العمرية التي ستستقطبها الأكاديميات، لا سقف له، وقال: "ستوفر الأكاديميات تعليماً يناسب الكثير من الفئات، بطبيعة الحال سيكون للشباب من خريجي وخريجات المرحلة الثانوية النصيب الأكبر، لكن لأن تعلم الفنون يعتمد على الموهبة والهواية في بعض الأحيان، ونظراً لتأثير تعليم الفنون في جوانب إثرائية ومهارية متعددة، سنحرص على توفير فرص تعليم مستمر وبرامج تدريبية قصيرة المدى لجميع الفئات العمرية".

الابتعاث الموسع

وفيما يتعلق بالابتعاث الموسع في المجالات الثقافية، قال الأمير بدر: "نضع الآن اللمسات الأخيرة لأهداف مبادرة الابتعاث الثفافي، وهي تركز على الابتعاث النوعي للتخصصات الثقافية، ودعم المواهب الواعدة. ولكن في الوقت نفسه بدأت الوزارة بتنفيذ مبادرة أخرى، مبادرة «إقامة الفنان» التي كانت قد أطلقتها الوزارة مع حزمة من المبادرات في مارس المنصرم، وجزء من أهداف المبادرة توفير فرص التدريب وتبادل الخبرات بين الفنانين السعوديين ونظرائهم الدوليين داخل وخارج المملكة".

واضاف: "وستبدأ الوزارة نشاط المبادرة بإرسال فنانتين إلى فرنسا نهاية شهر سبتمبر الجاري للبدء في دراسة الفنون المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في مدرسة لوفغنوي في مدينة توركوان بفرنسا، كما تواصلت الوزارة مع عدد من أفضل البرامج التدريبية والتعليمية في العالم لاختيار ما يناسب رؤيتها وتوجهاتها، كما أن اتفاقية التعاون بين الوزارة ومدرسة لوفغنوي تقضي بإرسال فنانين من عام 2019 وحتى عام 2021 للدراسة فيها، على أن تنهي كل مجموعة دراستها في سنتين. وسيحصل كل فنان على شهادة علمية موازية للماجستير تحت اسم شهادة مدرسة لوفنغوي، وستقوم وزارة الثقافة في سياق مبادرة «إقامة الفنان» بإرسال فنانين آخرين لمدارس عالمية أخرى للدراسة والتدريب في مجال الذكاء الاصطناعي وغيرها في برامج علمية تمتد لستة أسابيع، هذا فقط بدايات العمل في مبادرة «إقامة الفنان».

وكشف الوزير أن عدم الإعلان عن ملامح الفرقة الوطنية للموسيقى يرجع إلى أنه منذ تأسيس الفرقة كان الهدف أن تكون مؤهلة أكاديمياً من حيث دراسة قواعد الموسيقى النظرية والعملية تحت إشراف متخصصين، ما سيفتح الطريق أمام الراغبين لدراسة الموسيقى؛ ليكونوا مؤهلين أكاديمياً وقادرين على التعامل مع المناهج العربية والعالمية. وكان لا بد من وضع المنهج الذي يتناسب مع متطلبات الفرقة، وهذا ما تم. وضع الزملاء المناهج الدراسية وفق الخطط الإستراتيجية لبناء قدرات العازفين. صحيح أن الفرقة لم تظهر إلى العلن حتى الآن، ولكن ملامحها تشكلت بعد دراسة مستفيضة، والمهم أن المبادرة ستكون الواجهة العالمية لتقديم الأعمال الموسيقية السعودية، إلى جانب تمثيل المملكة في المحافل الدولية والمهرجانات.

المسرح أبو الفنون

وشدد وزير الثقافة السعودي كذلك على أن المسرح «أبو الفنون»؛ لذلك فهو جزء أساسي في الخطة الإستراتيجية للوزارة.

وقال: "قد كان المسرح السعودي يعمل طيلة الـ 40 عاماً تقريباً من دون بنية تحتية محترفة، ومن دون خطة وأهداف إستراتيجية لتطويره والعناية به رغم الجهود الكبيرة التي بذلها المسرحيون السعوديون، ولا تنسَ أن الفرقة الوطنية للمسرح مبادرة ضمن الحزمة الأولى من المبادرات الثقافية، ولأهمية المسرح، حددت الوزارة «المسرح والفنون الأدائية ضمن قطاعاتها الـ 16 التي ستركز عليها جهودها وأنشطتها، وكل ذلك يصب في تطوير العمل والثقافة المسرحية وتقديم عروض مسرحية سعودية متطورة تليق بطموح المجتمع السعودي والمسرحيين السعوديين على السواء، وتساهم مع المبادرات الأخرى في تعزيز دور المواهب السعودية وتحقيق جودة الحياة ضمن رؤية المملكة".

واضاف: "ويجري العمل حالياً في المبادرة على إعداد التصورات والخطط التنفيذية لعملها، وتوفير الكوادر المتخصصة لها لبدء إنتاجها في 2020. ونسعى إلى أن تكون الفرقة الوطنية منطلقاً للعمل المسرحي المحترف الذي يجسد ثقافة وتاريخ وإبداع السعوديين".

معرض الرياض الدولي للكتاب

وفيما يتعلق بمعرض الرياض الدولي للكتاب وسر الإعلان المبكر عنه وتغيير موعده، اكد الأمير بدر أن مكانة معرض الرياض الدولي للكتاب مرموقة بين المعارض العربية، إذ يحتل المرتبة الأولى عربياً من حيث المبيعات، ولأن طموح قيادتنا يعانق «عنان السماء»، فإن الهدف هو تعزيز مكانة المعرض دولياً.

واكمل حديثه: "معارض الكتب من مكونات صناعة النشر والمعلومات، وجاء الإعلان المبكر عن المعرض لضمان تحقيق أهدافه المتمثلة في أن يكون مكاناً يجمع العاملين والمهتمين والخبراء والوكلاء التجاريين بقطاع صناعة النشر والمعلومات (تقليدي/‏ رقمي) والمؤلفين والمنتجين. إضافة إلى دوره كمنصة للشركات والمؤسسات والأفراد العاملين والمهتمين بقطاع صناعة المعلومات والنشر لعرض منتجاتهم وخدماتهم".

ومضى قائلا: "إضافة إلى الدور التقليدي في تعزيز وتنمية العادات والمهارات القرائية للمجتمع، وزيادة الوعي المعرفي والثقافي والأدبي والفني بتحفيز الأفراد على زيارة معارض الكتب للاطلاع واقتناء المصنفات الثقافية والأدبية والتعليمية، وحضور المؤتمرات وورش العمل والندوات والمحاضرات الثقافية والأدبية والفنية والمبادرات المصاحبة للمعرض.

واسهب: "لتغيير موعد المعرض أكثر من سبب أهمها مصادفته لمعارض دولية مصنفة ضمن أفضل 10 معارض عالمياً كمعرض لندن وباريس".

التفرغ الثقافي

وحول أهداف مبادرة «التفرغ الثقافي» قال الوزير في حواره مع "عكاظ": "أعمل مع الزملاء في المبادرة منح المثقف والمبدع سواءً كان مستقلاً أو بالاشتراك مع غيره تفرغاً ثقافياً لمدة محددة، بغرض إنجاز مشروع ثقافي في أحد المجالات الثقافية التي تحددها اللائحة التنظيمية، ونستهدف من خلال هذه المبادرة دعم الحركة الثقافية والإبداعية في مجالات الآداب والفنون والدراسات الإنسانية وغيرها، إضافة إلى رعاية المبدع السعودي بمنحه الفرصة الكاملة لمواصلة الإنتاج والتميز. وتعمل الوزارة حالياً مع الجهات ذات العلاقة على إصدار ومواءمة الأنظمة بما يحقق مستهدفات الوزارة الرئيسية".

وبخصوص تأسيس سجل وطني للاعمال الفنية والهدف منه، قال: "منذ عقود، تدعم الجهات الحكومية القطاع الفني بشراء أعمال فنية، ولا يوجد سجل يحفظ هذه الأعمال ويوثقها من الضياع وفقدان معلوماتها إذ تشكل إرثاً ثقافياً. وبهذا السجل الذي تفضل مجلس الوزراء على التوجيه بإعداده ليكون قاعدة بيانات متكاملة للأعمال الفنية، إضافة إلى كونه حافظاً وموثقاً لتلك الأعمال، سيكون منطلقاً للتعريف بها، وتسهيل الوصول إليها من قبل الدارسين والباحثين، ولولا دعم القيادة الرشيدة لكانت مهمتنا صعبة".

السينما السعودية

وردا على سؤال: " أعلنتم مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، هل سنشهد عصراً جديداً للسينما السعودية الوليدة؟، قال وزير الثقافة السعودي: "من خلال هذا المهرجان نهدف إلى خلق قطاع سعودي مبهر ومنافس، فلدينا مبدعون سعوديون يستطيعون المنافسة دولياً، وآخرها، إعلان اسم المخرجة السعودية هيفاء المنصور ضمن الأسماء المنافسة في مسابقة مهرجان فينيسيا الدولي للسينما في إيطاليا، وكذلك فوز فيلم المخرجة السعودية شهد أمين بجائزة «فيرونا» للفيلم الأكثر إبداعا في أسبوع النقاد في المهرجان نفسه، ما يعد دليلاً واضحاً أن بلادنا الحبيبة تزخر بالمبدعين، فمن خلال المهرجان، ومن خلال معمل البحر الأحمر للأفلام، فإن المهرجان سيخلق فرصاً ثقافية ووظيفية واقتصادية تعود بالنفع على المملكة".

فيما يتعلق بوصول &المخرجة السعودية هيفاء المنصور لمهرجان عريق مثل فينيسيا ممثلةً للسينما السعودية، وان كانت وزارة الثقافة السعودية ستدعم صناع الأفلام السعوديين، قال الأمير: "لدينا تجارب لافتة ومدهشة في صناعة الأفلام، رغم غياب السينما عن المملكة لفترة طويلة، ما يثبت قدرة السعوديين على الإبداع تحت كل الظروف، كما أن التجارب السعودية وصلت إلى محافل دولية. صحيح أن عمر تجربتنا في صناعة الأفلام قصير مقارنة بالتجارب الدولية، إلاّ أن نتاجها مشجع، ومع الوقت ستكون على قدر أعلى من التنافسية. وأنا شخصياً متفائل جداً بما سيقدمه المبدعون السعوديون. وفي لقاءاتي مع المهتمين بصناعة الأفلام والخبراء الدوليين عادة ما أدعوهم لمشاهدة التجارب السعودية. ولكن هل سندعمهم؟ بالتأكيد وسنشجعهم وسنعمل معهم على خلق مناخات واسعة لإبداعهم".

وتابع: "والأمر ينطبق على دعم الفنون السعودية بأشكالها كافة لتسهيل مشاركتها في المعارض الخارجية، إذ دعمت الوزارة فنانين سعوديين في بينالي «بينالسور» للفن المعاصر، وفي الدورة 58 لمهرجان البندقية للفنون (بينالي البندقية)، وفي معرض «الذكاء الاصطناعي والحوار بين الثقافات» بمتحف «هيرميتاج» في روسيا. سنمد أيدينا لكل مبدع. وكما أكرر دائماً الوزارة مشرعة أبوابها لشركائها ورأسمال عملها، وأعني هنا المثقفين والفنانين السعوديين".

منصة عامة

وردا على سؤال: "ما ملامح بيوت الثقافة؟، قال: "بيوت الثقافة منصة عامة تديرها وزارة الثقافة لتقديم الأنشطة الثقافية والفنية ودعم المبدعين، وتأهيل الموهوبين، وتوفير خيارات ثقافية متنوعة للمجتمع، بما يحقق تطلعات الوزارة ومستهدفاتها، إذ تكون بيوت الثقافة مصدراً للإثراء الثقافي لمختلف فئات المجتمع عبر تكوين مجتمع متفاعل مع النشاط الثقافي متذوق للآداب والفنون".

واضاف: "ونهدف من خلال هذه البيوت لخلق بيئة قادرة على تقديم الأنشطة المتنوعة، ودعم المبدعين وتشجيعهم عملياً على المنافسة والابتكار، ورعاية الموهوبين ووضع الخطط والبرامج لتأهيلهم وتنمية إمكاناتهم، وتحفيز الأفراد والكيانات على الاستثمار في القطاع الثقافي، ونهدف - أيضاً -إلى الوصول إلى أن يكون هناك بيت للثقافة في كل محافظة من محافظات بلادنا".

تطوير القطاع

وعرج اللقاء كذلك حول ما يشاع من أنباء حول إلغاء «الأندية الأدبية» و«الجمعية السعودية للثقافة والفنون»، فقال الوزير: "من أهم أهدف الوزارة هو تطوير القطاع الثقافي، وأحد أهم هذه الأهداف هو إعادة هيكلة هذه الأندية إضافة للجمعية، كما تؤمن الوزارة بدور مؤسسات المجتمع المدني، والقطاع غير الربحي، في دفع عجلة التنمية الثقافية، ونشر ثقافة المشاركة المجتمعية والمتخصصة؛ لذلك تعمل الوزارة على دراسة وضع هذه المؤسسات والتحفيز على تأسيس جمعيات ثقافية متخصصة بالتنسيق مع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية".

واضاف: "وستعمل الوزارة على تكوين جمعيات مركزية متخصصة في القطاعات الـ 16 التي ترعاها الوزارة، إضافة إلى تشجيع المثقفين والمبدعين في كافة المناطق على تكوين جمعيات متخصصة بحسب اهتماماتهم وفق نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية الصادر بمرسوم ملكي والذي ترعاه وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وبالتنسيق مع وزارة الثقافة، وهذا سيحقق شمولية وزيادة في الإنتاج الثقافي التطوعي وزيادة عدد مؤسسات المجتمع المدني، ونرى أن هذا النظام يستطيع أن يستوعب هذه الأنشطة ويكون بديلاً للأنظمة المعمول بها في الأندية الأدبية وجمعية الثقافة والفنون وبقية الجمعيات، بل إن الجمعيات الجديدة ستكون استمراراً لها وستتبنى ما حققته من منجزات طوال السنوات الماضية، كما أنه سيساعد على إحياء الجمعيات التي صدرت لها تراخيص ولم تتمكن من العمل بشكل فاعل حتى الآن.

لقاء المثقفين

وحول جدوى&اللقاء مع المثقفين، قال الأمير بدر: "المثقفون رأسمال وزارة الثقافة، وهم وقود نجاحاتها، وحرصت على معرفة احتياجات القطاع من المثقفين أنفسهم، عبر لقاءات دورية شبه منتظمة، وتأخذ الطابع العملي. وأكدت على الزملاء أن تكون هذه الأسماء متنوعة ومتجددة، في كل لقاء حتى أستطيع أن أتناقش مع المثقفين وجهاً لوجه؛ لمعرفة احتياجاتهم. وهذه اللقاءات - كما قلت سابقاً- مستمرة ودورية بكل تأكيد، فعملنا يحتاج دائماً إلى المواءمة مع المبدعين؛ كي نحقق رؤية 2030، فأنا مؤمن بالعمل التشاركي، لإنجاز الأهداف المنوطة بالقطاع الثقافي. والجميع محل ترحيب في إثراء رحلتنا الثقافية وتأسيس بنيتها التحتية وستتكرر هذه اللقاءات مثلما ذكرت سالفاً بشكل دوري وبأسماء متجددة، حتى نصل إلى أكبر قدر ممكن من البحث والنقاش. كما أؤكد مجدداً أن أبواب الوزارة مشرعة للمثقفين والمبدعين، والاستماع إليهم وتدوين ملاحظاتهم وخلق بيئة محفزة لإبداعهم من صميم عمل الوزارة".

جدة التاريخية

وحول رؤية الوزارة لجدة التاريخية ورؤية تطويرها، قال الوزير الشاب: "في رمضان الماضي تكفل سمو سيدي ولي العهد بترميم 56 مبنى تاريخياً آيلاً للسقوط، وهذا كرم ودعم منقطع النظير من سمو سيدي الأمير محمد بن سلمان. كما أنه قد تكفل أيضاً بترميم قصر الأميرة نورة بنت عبدالرحمن في حي الشمسية القريب من حي المربع بالرياض على نفقته الخاصة، والذي يعود تاريخ تأسيسه إلى عام 1354 للهجرة، وهو القصر الذي بناه الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- للأمير سعود بن عبدالعزيز بن فيصل الكبير، وأخته الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الفيصل آل سعود".

وتابع: "صدقني أن القطاع الثقافي والتراثي في المملكة يعيش أزهى عصوره، في ظل دعم لا محدود من القيادة الرشيدة. ويمكنني القول إن القطاع الثقافي على موعد مع مستقبل أكثر ازدهاراً بدعم من سيدي خادم الحرمين الشريفين وسمو سيدي ولي العهد. وعندما يكون تعزيز ودعم الثقافة ضمن أولويات رأس الهرم في المملكة، فنحن نجني ثمار العطاء".

واضاف: "وبالعودة إلى جدة التاريخية فإنها إرث ثقافي يجب المحافظة عليه، وتطويره، والعناية به، كما أنها أحد المواقع السعودية المدرجة في قائمة التراث العالمي، فهي جوهرة في جبين البحر الأحمر تزهو بالمعالم التاريخية والثقافية، بعضها يعود إلى 1400 عام مضت بالحجر المنقبي والطين البحري والأخشاب، ونهدف بالعمل مع زملائي في جدة التاريخية إلى تحويلها إلى وجهة ثقافية وسياحية مهمة، وكانت أولى الخطوات هي احتضان دار كريستيز للمزادات، إذ يعد مزاداً خيرياً، فقد بيعت الأعمال الفنية كافة بمبلغ يصل إلى 4.8 مليون ريال سعودي. فوجود هذا المزاد في منطقة تاريخية، يعطي زخماً وأهمية للمنطقة كونها ذات طابع خاص ومتفرد في العمارة، ما يجعل الصورة الثقافية متكاملة، والقادم أجمل إن شاء الله".