&قبل مائة عام كان البدو يشكلون نصف سكان إيران، عاش معظم الناس في بلاد فارس حياة بدوية، ولعبوا دورًا رئيسيًا في تاريخ البلاد، إلا أن التاريخ لم ينصفهم.

"إيلاف" من بيروت: تُعرف سلسلة جبال زاغروس غرب إيران بجمالها الأخاذ وطبيعتها الساحرة، إلا أن لهذه البقعة من العالم تاريخ مليء بالحوادث لم يُسلط الضوء عليها من قبل.

يروي الصحافي البريطاني أنطوني ساتين في "إكونوميست" البريطانية رحلته إلى جبال زاغروس، العمود الفقري لإيران، وزيارته مجموعة رعاة من البدو الرحل، الذي كان لهم دور كبير في تشكيل العالم، ولم يذكرهم التاريخ.

بدو زاغروس

قد يكون هناك مليون من البدو الرحل بين سكان إيران البالغ عددهم 80 مليونًا أو ربما ضعف هذا العدد. لا يمتلك أحد الرقم الدقيق. بالنسبة إلى معظم التاريخ الفارسي والإيراني، عاش معظم الناس حياة بدوية، ولعبوا دورًا رئيسيًا في تاريخ البلاد.

قبل 100 عام، كان البدو يشكلون نصف سكان إيران. عندما حاول الشاه الاستيلاء على السلطة المطلقة في عام 1909، انطلق البدو الرحل من الجبال إلى المدن لاستعادة الدستور. ولكن في العقود التالية، حاول نظام الشاه تحديث البلاد من خلال حظر هجراتهم الداخلية.

بختياري هي واحدة من أكبر القبائل البدوية، يدعي أفرادها فخر النسب إلى أباطرة بلاد فارس الساسانيين الذين حكموا بين الحقبة الرومانية ومجيء الإسلام. وهم أيضًا ورثة لتقليد الهجرة الموسمية التي تعود إلى آلاف السنين، وتم تدجين الماعز لأول مرة في المنطقة منذ حوالي 9000 عام.

مدينة سوسا

خلال رحلته الأخيرة إلى جبال زاغروس، تنقل ساسين مع قبيلة بختياري، بين الأراضي المنخفضة الغربية التي تفصل زاغروس عن الخليج، وما تبقى من سوسا، عاصمة إيلام القديمة، وهي المدينة التي تنافست في كثير من الأحيان مع بابل ونينوى.

قضى الفرس الشتاء في سوسا، إحدى عواصم الإمبراطورية الأربعة، وقد ذكر أحد ضباط الإسكندر الأكبر أن الجو في هذه المدينة كان حارًا للغاية حتى في ديسمبر. في عام 331 قبل الميلاد، هزم الإسكندر داريوس الثالث، المعروف الآن باسم آخر ملوك بلاد فارس.

حدود بختياري

يشير ساتين إلى أن مدينة لالي القريبة بدت وكأنها نقطة حدود لقبيلة بختياري، حيث يذهب البدو لشراء الحبال وأوتاد الخيام وعصي المشي من خشب البلوط والجرس والدقيق وأي شيء آخر مطلوب لرحلة طويلة إلى الجبال.

عبر بعدها ساتين الطريق إلى كارون، أحد الأنهار التي قيل إنها خرجت من جنة عدن. وانتهى الطريق بمشهد من التكوينات الصخرية البرية إلى وادي المرتفعات التي كانت على امتدادها مخيمات بدوية مبعثرة وخيام ومنازل حجرية أساسية وبعض المباني الأكثر تفصيلًا.

ترحيب حار

أثناء تجوله في المنطقة، سمع ساتين رجلًا قصيرًا يُدعى فريدون يتحدث مع قبيلة بختياري عن حفل زفاف في ذلك المساء. ثم تقدم الرجل وسأله إذا كان يريد أن يذهب.

يستخدم الإيرانيون في محادثاتهم اليومية كلمة "غوربونيت"، توحمل معنى أعمق للترحيب من كلمة "شكرًا"، وترجمتها الحرفية هي "أود التضحية بنفسي من أجلك". ذهب فريدون أبعد من ذلك وأخبر ساتين أنه يمكنه أن يضع قدميه في عينيه، وهي وسيلة مجازية للتأكيد على مدى الترحيب الذي سيحظى به في حفل الزفاف وفي منزله.

في اليوم التالي، غادر ساتين غرب إيران إلى أصفهان بمساجدها الجميلة وسبلها الكبيرة. حاملًا معه قصص المدن التي تحولت إلى تراب، وقصص البدو الرحل الذين ما زالوا يعيشون بالطريقة التي عاشوها قبل بناء تلك المدن.

أعدت "ايلاف" هذا التقرير عن "إكونوميست". الأصل منشور على الرابط:
https://www.1843magazine.com/journeys/wanderland-a-journey-through-irans-wild-west