دعت منظمة العفو الدولية السلطات العراقية اليوم الى كبح جماح قوات الأمن على الفور وتوفير الحماية لحرية التجمع والتعبير وضمان البدء في تحقيق مستقل ومحايد، وطالبت بالتراجع الفوري عن القرار غير القانوني بحجب الإنترنت ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي ورفع القيود التعسفية على حرية التنقل.

إيلاف: قالت منظمة العفو الدولية الجمعة إنه يجب على الحكومة العراقية أن تأمر قوات الأمن على الفور بوقف استخدام القوة المفرطة، بما في ذلك القوة المميتة، ضد المحتجين، وضمان البدء في التحقيق، الذي أُعلن عنه على الفور، وأن يكون التحقيق مستقلاً ومحايداً تمامًا.&

كما طالبت المنظمة في تقرير الجمعة تابعته "إيلاف" السلطات أيضاً بإنهاء الحجب غير القانوني للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ورفع حظر التجول التعسفي المفروض في العديد من المناطق، وسط الاحتجاجات، في جميع أنحاء البلاد، ضد البطالة والفساد وضعف الخدمات العامة.

وحشية قوات الامن ضد المحتجين أمر مشين
واشارت المنظمة الى انها تحدثت إلى 11 من نشطاء المجتمع المدني والمتطوعين الطبيين والصحافيين من بغداد والبصرة والنجف وبابل والديوانية، كما اطلعت المنظمة وتحققت، من المواد السمعية البصرية للأسلحة التي تستخدمها قوات الأمن، بما في ذلك، ما يبدو أنه قنابل صوتية، حيث اكد جميع الشهود الذين تحدثت إليهم أن الشرطة قد استخدمت القوة المفرطة، ومن بينها الذخيرة الحية، لتفريق المحتجين.

وقالت لين معلوف، مديرة البحوث للشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية "إنه لمن المشين أن تتعامل قوات الأمن العراقية مراراً وتكراراً مع المحتجين بهذه الوحشية باستخدام القوة المميتة، وغير الضرورية. واكدت انه من المهم أن تضمن السلطات إجراء تحقيق مستقل وحيادي بالكامل في استخدام قوات الأمن للقوة التي لا داعي لها أو المفرطة، مما أدى إلى الوفاة المأساوية للعديد من المحتجين، وإصابة عشرات آخرين بجروح، ويجب على الدولة أن تلتزم بمحاسبة المسؤولين عن ذلك. ويجب ألا تكون هذه حالة أخرى من الحالات التي تعلن فيها الحكومة عن إجراء تحقيق، أو تشكيل لجنة تحقيق لا تسفران عن أي نتائج".

وشددت على ضرورة التزام الدولة &بمحاسبة المسؤولين عن ذلك. ويجب ألا تكون هذه حالة أخرى من الحالات التي تعلن فيها الحكومة عن إجراء تحقيق، أو تشكيل لجنة تحقيق لا تسفران عن أي نتائج.&

تصعيد حملة القمع
واشارت الى انه قد أصيب العشرات بجروح، بينما صعدت قوات الأمن حملة القمع ضد المظاهرات. وقال أحد المحتجين في بغداد - وهو أحد الكثيرين الذين كانوا يقدمون الإسعافات الأولية للمحتجين المصابين - للمنظمة إنه قدم الإسعافات الأولية إلى ثمانية محتجين، على الأقل. وكان جميعهم قد أصيب بشظايا في أجسادهم. وأضاف قائلاً: "لقد احترق الجلد على بطن أحد الرجال".

محتجون في وسط بغداد في مواجهة قوات الامن

وقال ناشط في الاحتجاجات، في مدينة النجف، إنه شاهد قوات الأمن وهي ترش الماء الساخن على المحتجين، وتستخدم الغاز المسيل للدموع بشكل مفرط. "وتعرض 11 شخصاً لإصابات بسبب التدافع والاختناق الناجم من الغاز المسيل للدموع أثناء فرار الناس... وبدأت القوات في إطلاق النار في الهواء لتفريق الناس، لكنهم ما زالوا في الشارع".

ووصف المحتجون في بغداد إصابات تتسق مع تلك التي يمكن أن تنجم من القنابل الصوتية، إذا ألقيت بشكل مباشر، أو في مكان قريب جدًا من المحتجين، أو من عبوات ناسفة لا ينبغي استخدامها على الإطلاق في حالات حفظ النظام العام.&

قلق للاعتقالات التعسفية
واكدت منظمة العفو الدولية انها تحققت من مقاطع فيديو للاحتجاجات في ساحة التحرير في وسط بغداد، والتي تصور تلك الإصابات التي تعرض لها أحد المحتجين.

ووفقًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان ومعايير الشرطة، يجب عدم استخدام القنابل الصوتية إلا من قبل ضباط مدربين تدريباً خاصاً في ظروف محددة للغاية، لا تشمل عمليات حفظ النظام العام أو السيطرة على التجمعات ولا ينبغي إلقاؤها على الشخص أو بطريقة قد تؤدي إلى أن تنفجر على شخص أو بالقرب منه.

واوضحت منظمة العفو الدولية انها تشعر بالقلق كذلك إزاء ما ورد من تقارير بشأن الاعتقالات التعسفية للمحتجين والصحافيين في محافظات عراقية عدة. وفي البصرة وبغداد والنجف، أخبر المتظاهرون المنظمة أن قوات الأمن تقوم باعتقال المحتجين بصورة عشوائية.

أما في النجف، فقد وصف ناشط تكتيكات القوات تجاه المحتجين قائلاً: "لقد لاحقتهم [قوات الأمن] إلى المنازل، وحاصرتهم في الشوارع والأزقة الجانبية، حيث لم يتمكن المحتجون الآخرون من حمايتهم [وفي مركز الشرطة] فتشوا هواتفهم، وهددوهم، واستجوبوهم بشأن الاحتجاجات ".

وأبلغ نشطاء المنظمة أنهم كانوا يطالبون بتغيير الحكومة، لأنهم لم يعودوا يصدقون أي وعود قدمتها الحكومة الحالية، والتي يتهمونها بتجاهل سنوات من الاحتجاجات.

المحتجون لاينتمون إلى أي فصيل سياسي
كما أخبر المحتجون المنظمة أنهم لا ينتمون إلى فصيل أو حزب سياسي واحد، ولكنهم يمثلون مجموعة واسعة من الأشخاص الذين سئموا بما فيه الكفاية من الفساد والخدمات العامة السيئة والبطالة. وقال أحد المحتجين من النجف: "نحن لسنا ممثَّلين من طرف أو مجموعة. وإذا كانت السلطات تريد التحدث إلينا، فدعهم يأتون إلى الشارع لمقابلتنا بكلمات لا بالرصاص".

نوهت المنظمة بان السلطات قامت بحظر التجول في العديد من المحافظات، وقطعت الوصول إلى الإنترنت في جميع أنحاء البلاد - باستثناء إقليم كردستان العراق - ووسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة. وقال محتجون في بغداد "نحن معزولون عن العالم. فما من أحد هنا غيرنا وغير القوات نواجه بعضنا البعض".

يجب على السلطات معالجة مظالم المحتجين
واشارت لين معلوف الى انه بدلاً من مواجهة هذه الاحتجاجات بقوة تعسفية ومفرطة، يجب على السلطات معالجة مظالم المحتجين، والأسباب الجذرية للاضطرابات، بصورة مستدامة.&

وقالت "يظهر التكرار السنوي لهذه الاحتجاجات أن الدوافع الكامنة وراء هذه الاحتجاجات ستبقى، طالما لم يتم التعامل معها بشكل مفيد". وأضافت "فبدلاً من مواجهة هذه الاحتجاجات بقوة تعسفية ومفرطة، يجب على السلطات معالجة مظالم المحتجين، والأسباب الجذرية للاضطرابات، بصورة مستدامة".

واشارت الى ان مثل هذه الإجراءات المروعة تؤكد على المدى الذي يمكن أن تصل إليه الحكومة من أجل إسكات الاحتجاجات بعيداً عن الكاميرات وعيون العالم، فمن خلال القيام بذلك، تنتهك السلطات بشكل صارخ القوانين المحلية والدولية التي التزمت باحترامها، بما في ذلك الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير.

ودعت منظمة العفو الدولية السلطات العراقية إلى التراجع الفوري عن القرار غير القانوني بحجب الإنترنت، ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي، ورفع القيود التعسفية على حرية التنقل.

&وصباح اليوم الجمعة أطلقت قوات الأمن العراقية النار على عشرات المتظاهرين في وسط بغداد في اليوم الرابع من حركة احتجاجية قتل خلالها 33 شخصًا في البلاد وذلك حين كان المحتجون يرفعون مطالب عدة، منها رحيل المسؤولين الفاسدين وتوفير وظائف للشباب. وبدأت الاحتجاجات الثلاثاء في بغداد، وامتدت إلى كل محافظات الجنوب تقريبًا وقال مسؤولون إن مئات الجرحى سقطوا أيضًا.

بدت شبكة الإنترنت مقطوعة في الجزء الأكبر من البلاد في حين دافع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في خطاب متلفز الى العراقيين فجر الجمعة عن أداء حكومته وإدارتها للأزمة محذرًا من أن هذه الأزمة يمكن أن تدمّر الدولة برمتها قائلا "نحن الان امام خياري الدولة واللا دولة".

&