تواجه الحكومة السودانية بقيادة الدكتور عبد الله حمدوك الكثير من الأزمات والمشاكل، لكن من أصعب العقبات، هي انتشار المتشددين في السودان، الذين بدأوا في إطلاق الفتاوى ضد أعضاء الحكومة، أملًا في إثارة المواطنين ضدها.

إيلاف من القاهرة: تواجه الحكومة السودانية أزمة مستعصية، تتمثل في إطلاق الفتاوى التكفيرية بحق أعضائها، ومنها الفتوى التي أصدرها نائب رئيس هيئة علماء السودان، عبد الحي يوسف، بحق وزيرة الشباب والرياضة، ولاء البوشي، التي اتهمتها فيها بـ"الردة عن الإسلام"، وقال يوسف في خطبة الجمعة في العاصمة الخرطوم، إن البوشي "لا تتبع الدين الإسلامي، وتؤمن بأفكار حزبها الجمهوري الذي حكم على قائده (محمود محمد طه) بالردة وأعدم قبل 35 عامًا".

أضاف يوسف، وهو إمام مسجد خاتم المرسلين، إن "الحكومة الانتقالية منشغلة بالترويج لقضايا بلا قيمة، من بينها كرة القدم"، وأضاف: "آخر التقليعات التي شغلت الناس افتتاح أول دوري نسائي لكرة القدم"، وتابع ساخرًا: "كأن الرجال الذين يلعبون كرة القدم حازوا البطولات ونالوا الكؤوس، وفرع الناس منهم لكرة النساء".

وأوضح يوسف أن الوزيرة ولاء البوشي، تنتمي إلى الحزب الجمهوري الذي أسّسه الراحل محمود محمد طه، وأعدم على أيام الرئيس جعفر النميري، بتهمة "الردة"، ما يجعل منها في مصاف "الكافرة"، وقال: "هي امرأة جمهورية تتبع ذلك المرتد المقبور، ولا تؤمن بما نؤمن به".

وإلا أن يوسف تناسى، أنه عقب سقوط نظام النميري في عام 1985، أعيدت محاكمة مؤسس الحزب الجمهوري، وبرّأته المحكمة من تهمة "الردة" التي أعدم بموجبها، واعتبرت أن الحكم كان سياسيًا، وأن حكم البراءة هو إعادة اعتبار إلى الرجل رغم تنفيذ الحكم بحقه.

أفتى يوسف عبد الحي في خطبة الجمعة، بـ"حرمة لعب النساء لكرة القدم"، وقال إنه أفتى بعدم مشروعية إقامة دوري للنساء يقتصر عليهن فقط، وذلك لسد الذرائع.

أضاف أن "دوري كرة القدم النسوي يخدم أغراض الدول الأجنبية"، وتابع: "رأينا كيف احتفت به السفارات الأجنبية، وعلى رأسها سفارة الولايات المتحدة الأميركية"، واستطرد: "ولا غربة في ذلك، فالوزيرة من (الأفراخ) الذين ربوا في برامج التبادل، وصنعوا على أيدي أولئك الأميركان".

واعتبر يوسف أن "حضور المباراة النسوية من قبل الجنسين يتعارض مع الدين وستر أجساد النساء"، وتابع: "الأيام ستثبت أن من تولوا أمرنا في غفلة من الزمن، لا هم لهم، في كشف الضراء والبلاء، ومعالجة الأوضاع التي دفعت الناس للخروج على الأوضاع الاقتصادية... لم نر لهم برنامجاً ولا خطة".

هاجم يوسف حكومة حمدوك، وقال: "ما جاؤوا من أجل بيئة أو إصلاح اقتصادي، ولا رخاء اجتماعي، ولا من أجل رقي علمي، إنما جاءوا لهدم الدين والأخلاق"، ودعا على أعضاء الحكومة بالهلاك بقوله: "أسال الله عز وجل في كل من أراد ديننا بسوء، أن يأخذه أخذ عزيز مقتدر، وأسأل الله عز وجل في كل من أراد أن يدمر أخلاقنا، أن يدمره، وأن يريحنا من شره وأن يأخذه أخذ عزيز مقتدر".

وتقدمت وزيرة الشباب والرياضة في السودان، ولاء البوشي، بلاغا ضد الداعية الإسلامي على خلفية اتهاماته لها بـ"الردة والكفر".
وقالت في تصريح إعلامي إنها "قدمت بلاغا رسميا ضد عبد الحي يوسف، والنيابة السودانية استدعته للتحقيق".

وفي أول رد فعل على فتوى يوسف، قال الحزب الجمهوري السوداني: "إننا لا ننظر إلى عبد الحي يوسف، إلا كمثال حي ونموذج على الهوس والإرهاب الديني، الذي ظللنا نعمل باستمرار على اجتثاثه من أرض السودان".

وأضاف الحزب في بيان له: "نعتبر تغاضي السلطات وتهاونها في اتخاذ موقف حاسم عمّا يبثه عبد الحي من منابر المساجد إهمالا وتقصيرا شديدين في حراسة أمن المجتمع وسلامة المواطنين".

أثارت فتوى الشيخ عبد الحي يوسف، الذي كان مقربًا من الرئيس السابق عمر البشير، الكثير من الغضب في أوساط السودانيين، معتبرين أن تكفير المواطنين "جريمة جنائية في كل البلدان الديمقراطية"، مطالبين بـ"تجريم التكفير".

هذا في الوقت الذي، اكتظ فيه استاد الخرطوم بالمئات من محبي كرة القدم من الجنسين، لمشاهدة افتتاح دوري كرة القدم السوداني للسيدات، في المباراة التي جمعت فريقي "التحدي" و"الدفاع"، وانتهت بالتعادل بهدفين لكل فريق.

ودعا رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، إلى وضع حد لخطاب الكراهية والتطرف الديني، على خلفية اتهامات بـ"الردة"، التي وجّهها يوسف إلى وزيرة الشباب والرياضة، ولاء البوشي.

أضاف على صفحته الرسمية في موقع فايسبوك: "يجب أن نحتفي بالتنوع الذي تتميز به بلادنا، وأن نضع نهاية لخطاب الكراهية والتطرف الديني، وأن نعمل سويًا على إعادة بناء مستقبل بلادنا".

وكان نائب رئيس هيئة علماء السودان، إمام مسجد خاتم المرسلين في حي جبرة في جنوب الخرطوم، الداعية المعروف عبد الحي يوسف (محسوب على التيار السلفي)، قد اتهم في خطبة الجمعة الماضية، الحكومة السودانية، برئاسة عبد الله حمدوك، بأن "أفعالها تؤكد أنها أتت لهدم الدين".