أسامة مهدي: في أحدث قرارات رسمية تستهدف كبح جماح الغضب الشعبي من سوء الاوضاع في العراق فقد قررت رئاساته الاربع اليوم اطلاق جميع معتقلي الاحتجاجات فورا ومنع التدخل في التحقيق باستخدام القوة المفرطة ضد المحتجين وتشكيل لجنة حبراء مستقلين نزيهين تضع برنامجا استراتيجيا لحل مشكلات نظام الدولة السياسي والاقتصادي &والمالي والتشريعي والثقافي.

واشارت الرئاسة العراقية في بيان صحافي تابعته "إيلاف" الى انه بدعوة من الرئيس برهم صالح، عُقد في قصر السلام ببغداد الإثنين اجتماع ضمّ إلى جانبه كلاً من رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان حيث تم خلاله بحث الوضع السياسي والأمني في هذا الظرف بالغ الحساسية، وفي ضوء التطورات الخطيرة الحاصلة بعد تظاهرات اكتوبر الحالي وما رافقتها من حوادث مؤلمة وجرائم أدت إلى استشهاد وجرح مواطنين من المدنيين والعسكريين.

التحقيق باستخدام القوة المفرطة والاعتداء على الاعلاميين

وقد أكد الرؤساء الاربعة المجتمعون على ضرورة التحقيق الدقيق والأمين والعاجل في قضايا العنف والاستخدام المفرط للقوة والاعتداء على القنوات الإعلامية، والتأكيد على ان يكون عمل لجنة التحقيق مهنياً ومستقلاً، ومنع أية محاولة للتأثير على سير التحقيقات أو حجب المعلومات التي تحتاج إليها اللجنة من أجل انسيابية عملها بكل حياد واطمئنان واحترام للحقيقة، وبما يمنع تكرار مثل هذه الحوادث والجرائم، وأيضاً بما ينصف الضحايا ويعزز حرية المواطن وحقه بالتظاهر السلمي ويحفظ للأجهزة الأمنية مكانتها واعتبارها كحامٍ للمواطنين وحقوقهم ، ويصون ديمقراطية النظام السياسي للدولة العراقية ويحفظ سلام وأمن البلد.

إطلاق جميع المتظاهرين المعتقلين فورا

كما تقرر إطلاق سراح جميع المعتقلين من المتظاهرين السلميين فوراً ومن سواهم ممن اعتقلوا بدواعي وظروف التظاهرات.

ودعا الرؤساء المجتمعون الجميع إلى احترام حرية العمل الإعلامي وأمن وسلامة العاملين في مجال الإعلام، واحترام حق العراقيين بالحصول على المعلومات المتاحة للصحافيين ونشرها وبثها بحيادٍ ومسؤولية مهنية بلا خشية وبكل اطمئنان وبلا أية رقابة سوى رقابة الضمير وتقاليد المهنة والشعور الوطني المسؤول.

واشاروا الى انهم يثقون بتقدير وسائل الإعلام للظرف الحرج والحساس جداً الذي يمر به العراق، آملين تعزيز الشعور بالمسؤولية إزاء استقرار العراق وأمنه وسلامه واستقلاله وبما يطوّر تجربتنا الديمقراطية الفتية التي يشكل الإعلام وحريته ركناً أساسياً من أركان تقدّمها ورسوخها.

يذكر ان منظمات حقوقية عراقية كانت قد اشارت في وقت سابق الى ان عدد المعتقلين من متظاهري الاحتجاجات الشعبية الاخيرة قد تجاوز الالف معتقل لكنه تم اطلاق سراح معظمهم فيما بعد، بينما سيتم اطلاق المتبقين ممن اتهموا بتجاوزات فورا تنفيذا لهذه القرارات الجديدة.

تشكيل لجنة خبراء مستقلين تضع برنامجا استراتيجيا لمعالجة مشاكل البلاد

وأقر الاجتماع تشكيل لجنة من الخبراء العراقيين، ومن المشهود لهم بالاستقلال التام والنزاهة والحرص والضمير اليقظ لوضع برنامج وطني ستراتيجي لتشخيص مشكلات نظام الدولة في المجالات السياسية والاقتصادية والمالية والتشريعية والثقافية واقتراح الحلول الممكنة، على أن يلزم عمل اللجنة وكذلك مخرجاتها بتوقيتات محددة، وعلى أن يجري احترام عمل اللجنة ونتائجها من قبل جميع مؤسسات الدولة والقوى النافذة فيها.

ودعوا الكتل والقوى السياسية في مجلس النواب ولجان المجلس لمواصلة عقد اجتماعاتهم في هذه الظروف، والعمل بكل الطاقات والإمكانات لصالح العمل الرقابي وانجاز التشريعات والتعديلات القانونية اللازمة لتسهيل عمل الإصلاح ومكافحة الفساد، وبالأخص منها التشريعات اللازمة لتأمين نظام قانوني عادل ومتماسك للعمل والتوظيف والتقاعد والإسكان والرعاية الاجتماعية والصحية والتأكيد على السلطة التنفيذية للإسراع بإرسال مشاريع القوانين المذكورة، من أجل اطمئنان أي عراقي على حياته ومستقبله ومستقبل أبنائه.

إحالة ملفات الفساد الكبرى الى المحاكم المختصة

كما قرروا إحالة جميع ملفات قضايا الفساد، وبالأخص الكبرى منها، للمحكمة ذات الاختصاص، على أن تنجز المحكمة كل القضايا في سقف زمني غير قابل للتأخير تحت أية ذرائع، وتناط بالبرلمان مسؤولية التشريع بتجريم كل متستر، بتعمّد، على أي قضية فساد كبرى تمسّ أمن الدولة المالي والاقتصادي والخدمي وتهدر أموالها.

كما اكدوا على متابعة تنفيذ قرارات مجلس النواب والوزراء المتعلقة بتلبية مطالب وحقوق المتظاهرين ووضع جدول زمني للتنفيذ بشكل سريع.&

دعوة لدعم "العمل الاصلاحي"

وقال الرؤساء الاربعة انهم اذا يقدرون باحترام كبير الشعور العالي بالمسؤولية الوطنية الذي عبر عنه الشباب خلال الأيام الماضية، ويعبرون عن اعتزازهم بجميع الجهود والمواقف المسؤولة للمرجعية الدينية وللنخب الاجتماعية والثقافية، فإنهم يأملون من الجميع مؤازرة العمل الإصلاحي "الذي نحرص جميعا على اضطلاع المخلصين من العراقيين ذوي الخبرة والنزاهة بهذا الإصلاح، وأن نقدّر جميعنا حراجة لحظتنا التاريخية الراهنة، وما تتطلبه منا من تفكير عميق بحماية مستقبل دولتنا وديمقراطيتنا الفتية وأمن ورفاه العراقيين وتقدم وسلام بلدنا في هذه الأجواء العاصفة".

وشهد العراق تظاهرات احتجاج دامية تفجرت في الاول من الشهر الحالي واستمرت أسبوعا ثم تم تعليقها لما بعد زيارة اربعينية الامام الحسين التي تصادف التاسع عشر من الشهر الحالي بعد ان شملت العاصمة بغداد و9 محافظات وسطى وجنوبية مطالبة بمحاربة الفساد والبطالة وتحسين الخدمات العامة تطورت فيما بعد إلى الدعوة لإسقاط نظام الحكم واسفرت عن مقتل 111 متظاهرا ورجل امن و6115 مصابا من الطرفين حتى مساء الاحد الماضي.