يصر المحتجون ضد غلاء المعيشة وغياب الخدمات الأساسية في لبنان على استقالة الحكومة، وإلا يستمرون في استهداف الجميع، بعد ليلة من الكر والفر بينهم وبين القوى الأمنية.

إيلاف من بيروت:&ربما تكون ليلة 17 أكتوبر هي الأعنف في الاحتجاجات اللبنانية الموسمية على تردي الوضع الاقتصادي اللبناني، والهدر وسرقة المال العام وصفقات السمسرات التي تكشفت أخيرًا عن صفقة&طائرات سيكورسكي لإطفاء الحرائق، والتي تبين أنها مركونة منذ سنوات في حرم مطار بيروت لأنها، بكل بساطة، لا تطير.

والخطر في الأمر أن إقفال الطرقات بالإطارات المشتعلة مستمر في صباح الجمعة 18 أكتوبر، ما يعني أن المتظاهرين الذين زادت أعدادهم بوتيرة متصاعدة غير مسبوقة في جولات احتجاجية سابقة مصممون على تحقيق مطلبهم: استقالة الحكومة، في انتفاضة كانت شرارتها فرض ضريبة جديدة على مكالمات عبر تطبيق واتسآب.

استقل!

اليوم الجمعة، تنعقد الجلسة الحكومية الأخيرة لإقرار موازنة 2020 اللبنانية. ولأن السراي الحكومية واقعة في منطقة&الاحتجاج، تم نقل الجلسة إلى قصر بعبدا. فهل تقر القرارات الضريبية الجديدة من دون الاستماع إلى صوت الشارع اللبناني؟

المحتجون يطالبون أولًا وأخيرًا باستقالة الحكومة. إلا أن وزيرة الداخلية اللبنانية ريا الحسن أكدت في حديث صحفي أن "لا استقالة للرئيس الحريري في الوقت الراهن، فالاستقالة لا تحقق أي هدف".

لكنّ لحلفاء الحريري رأيا آخر. ففي تصريح صحافي، قال وليد جنبلاط، رئيس الحزب الاشتراكي في لبنان، مساء الخميس إنه اتصل برئيس الحكومة سعد الحريري وقال له: "إننا في مأزق كبير وأفضل أن نذهب ونستقيل سويًا".

أضاف جنبلاط: "لن أترك سعد الحريري، لكني أرى أننا ذاهبون إلى فصل جديد، وأنا لن أدخل بعد الآن في حكومات وحدة وطنية".

وأضاف: "إما نتحمل جميعنا مسؤولية القرارات أو ندع الحاكم الفعلي يستلم الحكم. الرسالة الخارجية والداخلية وصلت بأن لا مجال لحكومة فيها معارضة وموالاة، ولا مانع من حكومة جديدة إذا كانت تمتلك الحلول السحرية، علما أنني لن أشارك فيها".

ولفت جنبلاط إلى أنه يرى تحركًا شعبيًا مشروعًا نتيجة أزمة اقتصادية، ودولة لا تسيطر على كل مرافقها.

وغرد رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية الإعلامي شارل جبور على حسابه عبر "تويتر" وقال: "لبنان دخل في مرحلة سياسية جديدة في ظل ثلاث استحالات: استحالة بقاء الحكومة وكأنّ شيئا لم يكن، استحالة التغيير الجذري ربطا بعوامل وتوازنات يصعب تجاوزها، استحالة إخراج الناس من الشارع من دون ثمن كبير ومقابل. الحكومة سقطت عمليًا في 17 اكتوبر، لأن استعادتها لثقة الناس مستحيلة".

طرقات مقفلة

ففي صباح الجمعة، أفادت غرفة التحكم المروري عن قطع طريق شتورة بالاتجاهين من قبل بعض المحتجين وتحويل السير في اتجاه الطرقات المجاورة. كما تم قطع طريق صوفر - مفرق شانيه، وطريق رومية بالاتجاهين عند مفترق الرويسات بالإطارات المشتعلة. كما تم إشعال إطارات تحت جسر الدورة باتجاه جونية.

في البترون، تم قطع اوتوستراد البترون باتجاه طرابلس بالاطارات المشتعلة من قبل بعض المحتجين وتحويل السير إلى الطرقات المجاورة. أما طرقات البقاع فبيقيت مقطوعة.

كذلك تم منع السير على جسر إنطلياس والطريق البحرية وطريق جعيتا، كما أشعل المحتجون الإطارات على أوتوستراد زوق مكايل، وأقفلوا طريق العقيبة في اتجاه جونية.

في سن الفيل، قطع بولفار سن الفيل محلة ميرنا الشالوحي بالاطارات المشتعلة من قبل بعض المحتجين وتم تحويل السير إلى الطرقات المجاورة. وفي عكار، تم قطع طريق عام حلبا بالإطارات المشتعلة، كما أن طريق عام برقايل مقطوعة بالسيارات والفانات الكبيرة.

كذلك قطع المحتجون الطريق على أوتوستراد الزهراني النبطية مفرق المروانية بالإطارات المشتعلة. وقطعت الطريق على أوتوستراد النبطية – حبوش، وطريق بيت الشعار من قبل بعض المحتجين وتم تحويل السير إلى الطرقات المجاورة.

وتم قطع طريق الأوزاعي عند مفرق البيكنيك وجسر السلطان إبراهيم بالإطارات المشتعلة من قبل بعض المحتجين وتحويل السير إلى الطرقات المجاورة.

وقطع المحتجون اوتوستراد المتن السريع محلة مفرق الرويسات وتم تحويل السير إلى الطرقات المجاورة.

استهدافات وكر وفر

ليلًا، سجل إحراق المتظاهرين في رياض الصلح صورًا لوزير الخارجية جبران باسيل، كما سجل اقتحام المتظاهرين الغاضبين مكتب النائب محمد رعد، رئيس كتلة حزب الله في البرلمان اللبناني.

ووصل المتظاهرون في مدينة النبطية إلى أمام منزل النائب ياسين جابر، عضو كتلة رئيس البرلمان نبيه بري، وأشعلوا الإطارات. كما تجمعوا أمام مكتب النائب هاني قبيسي، وهو من الكتلة نفسها، وعملوا على إنزال اللوحة المدون اسمه عليها.

وفي منطقة رياض الصلح بوسط بيروت، سجل كر وفر بين المتظاهرين وقوى الأمن الداخلي التي تتولى حماية السراي الحكومية. وشهد شارع المصارف صدامات عنيفة، سقط في إثرها عدد كبير من الإصابات في الجانبين.

أعلن جورج كتانة، الأمين العام للصليب الأحمر، أن خمس سيارات إسعاف كانت موجودة في ساحة رياض الصلح وعملت على نقل المصابين إلى المستشفيات، مشيرًا إلى "أن 22 حالة اغماء تم نقلها إلى المستشفيات و70 حالة تمت معالجتها ميدانيًا وهذه الحالات شملت المتظاهرين والقوى الأمنية".

وأكدت المديرية العامة لقوى الامن الداخلي في تغريدة على حسابها عبر "تويتر"، أن "حرية التعبير مقدسة ويكفلها الدستور، ولكن هل يبرر ذلك الاعتداء على الاملاك العامة والخاصة؟ هل حرية التعبير تسمح بالاعتداء على عناصر قوى الامن الداخلي الذين سقط منهم 40 جريحًا حتى الآن؟".

وطلبت من "المواطنين الكرام التظاهر برقي وعدم اللجوء إلى الفوضى والعنف".

وفي تغريدة ثانية، قالت: "عدد الاصابات في صفوف العناصر وصل إلى 60 عنصرًا، مع حرصنا وايماننا بحرية التعبير، ولكننا لن نقبل بالاعتداء على عناصر قوى الامن وعلى الاملاك العامة والخاصة".

أضافت: "كل مخل بالامن وكل شخص تبين انه اعتدى على الاملاك العامة والخاصة وعلى عناصر قوى الامن سيتم توقيفه وفقًا للقانون".