أسامة مهدي: استبق متظاهرو العراق موعد انطلاق احتجاجاتهم اليوم فبدأوا الليلة الماضية حراكهم الشعبي وظهر بينهم وزير الداخلية فيما رفض عبد المهدي الاستقالة معتبرا ذلك فوضى بينما طالبت الامم المتحدة الحكومة بالإسراع بأنهاء الفساد والبطالة في حين حذرت الولايات المتحدة مواطنيها من السفر للعراق.

فقد تجمع المئات من المتظاهرين بدءا من الليلة الماضية في ساحة التحرير بوسط بغداد وفي الساحات المركزية في عدد من محافظات الجنوب بينها واسط ميسان والديوانية وذي قار منددين بالفساد ومطالبين بفرص عمل وبالثأر لضحايا التظاهرات السابقة.

وفي تصرف لافت فقط طهر وزير الداخلية ياسين الياسري رافعا العلم العراقي وسط متظاهري بغداد مؤكدا لهم بالقول "واجبنا حمايتكم".

وكتب الوزير تغريدة على حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي "تويتر" تابعتها "إيلاف" في وقت مبكر من اليوم الجمعة قائلا "زرت ابنائي المتظاهرين وسط بغداد واكدت لهم ان قواتكم الامنية موجودة لحمايتكم ولن نسمح لأحد بالتعدي عليكم #واجبنا_حمايتكم .. سأقف مع حقوق منتسبي وزارة الداخلية واسعى لتحقيق مطالبهم المشروعة وفي نفس الوقت لن اسمح بأي تجاوز على المواطن العراقي الذي نؤمن ايمانا قاطعا بأن واجبنا الوطني يقتضي خدمته واحترام حقوقه".

وقد اغلقت السلطات الامنية في بغداد الطرق والجسور المؤدية الى المنطقة الخضراء مقر الرئاسات العراقية الثلاث، وعدد من الوزارات وبعض السفارات الاجنبية تقدمها الاميركية والبريطانية، اضافة الى مقري&بعثتي الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي بعد أن بدأ مئات المواطنين بالتحشد في ساحة التحرير قبل ساعات من تظاهرات مقررة في العاصمة بغداد ومحافظات عراقية أخرى.

عبد المهدي يرفض الاستقالة ويعتبر أن العراق يواجه أزمة نظام

واستبق رئيس الوزراء عادل عبد المهدي تظاهرات اليوم ووجه خطابا الى الشعب فجر الجمعة اكد فيه&رفضه للاستقالة محذرا من انها ستقود للفوضى مع عدم وجود بديل دستوري جاهز كما اعتبر الانتخابات المبكرة مغامرة.

وحذر عبد المهدي في خطابه الذي تابعته "إيلاف" من ان العراق يواجه ازمة نظام ودعا القوى السياسية لان تدرك "ان المعادلات السياسية السابقة تغيرت ونحن امام ازمة نظام، لم تدركها القوى ولا قوى الدولة لكن ادركها الشعب". وقال "إن المهمة الأساسية أمامنا تتلخص بتحقيق ضمان الحريات والأمن والخدمات والنمو الاقتصادي، كما سنعمل على منع وجود أي سلاح خارج إطار الدولة".

واشار الى انه سيجري تعديلا وزاريا بعيدا عن المحاصصة الاسبوع المقبل لتمكين المرأة والشباب من تولي حقائب وزارية وتعديل قانون الانتخابات وتشكيل مفوضية للانتخابات مستقلة بعيدا عن الطائفية.

وأكد تقليص رواتب المسؤولين من الرئاسات والوزراء واعضاء مجلس النواب والدرجات الخاصة والوكلاء الى النصف والتطبيق الفوري لقانون الأحزاب وإعادة دراسة قانون الاستثمار بما ينسجم مع الدستور".

ووعد بتطبيق قانون الاحزاب ومنع المجاميع المسلحة من العمل الحزبي والمشاركة بالانتخابات واخضاع كل صادرات النفط ومنها في الاقليم بالسياسية النفطية ومنح كل عراقي لا يملك دخلاً 130 الف دينار شهرياً (حوالي 100 دولار) وتقنين جميع مكاتب الرئاسات الثلاث وجعلها أقل كلفة وهاجم عبد المهدي حكومة حيدر العبادي السابقة وقال انها حملت العراق ديونا كبيرة وقال انه وجه باطلاق سراح جميع المتظاهرين المعتقلين وعدم ملاحقة وسائل الاعلام واعلن عبدالمهدي العمل على تنظيم مؤتمر إقليمي مع دول الجوار لتعزيز استقرار العراق وابعاده عن الصراعات الاقليمية والدولية.&

الولايات المتحدة تحذر مواطنيها من السفر للعراق

وحذرت الولايات المتحدة مواطنيها من السفر الى بغداد ومدن عراقية رئيسية أخرى باستثناء إقليم كردستان العراق.

واشارت السفارة الاميركية في العراق في تحذير نشرته على موقعها الالكتروني واطلعت عليه "ايلاف" الى انه "وفقًا للتقارير من المتوقع أن تجري تظاهرات واسعة النطاق يوم الجمعة 25 اكتوبر 2019 وستبدأ بعد صلاة الجمعة. قد يرى المواطنون الأميركيون تواجدا مكثفا للشرطة وكما حصل في التظاهرات السابقة من المحتمل إغلاق الطرق في جميع المدن الكبرى بما في ذلك المنطقة الدولية (الخضراء) في بغداد".

وحددت السفارة الإجراءات الواجب اتخاذها خلال هذه الاحداث بتجنب السفر إلى العراق وتجنب أماكن التظاهرات والامتثال لتعليمات السلطات العراقية ومراقبة وسائل الإعلام المحلية لمعرفة الأخبار الجديدة.

متظاهرو الاحتجاجات في ساحة التحرير وسط بغداد ليلة انطلاق فعالياتهم

يذكر أن مقر السفارة الاميركية يقع في داخل المنطقة الخضراء المحمية وسط العاصمة العراقية وكانت تعرضت خلال السنوات الاخيرة الى قصف بصواريخ روكيت وجهت الاتهامات بالمسؤولية عنها الى المليشيات العراقية المرتبطة بإيران.

الامم تدعو الحكومة لتحسين الخدمات وانهاء الفساد والبطالة

وقبيل انطلاق التظاهرات بساعات فقد دعت الامم المتحدة الحكومة العراقية إلى الإسراع بتلبية المطالب المشروعة للمواطنين والعمل لانهاء الفساد والبطالة وتحسين الخدمات العامة وتعزيز الحوكمة والمساءلة وخلق بيئةٍ مواتيةٍ للنمو.

وحثّت الممثلةُ الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت في بيان صحافي فجر اليوم تابعته "إيلاف" الحكومةَ على تمكين الاحتجاجات السلميّة بشكلٍ إيجابيّ. وبالمثل، تدعو الممثلةُ الخاصة كلاً من القوات الأمنية والمتظاهرين إلى التصرّف بما يتماشى مع القانون.&

وقالت "في هذا المنعطف الحرج أُشدّدُ على أهمية التمسك بمبادئ الديمقراطية وفي هذا السياق الإنجازات التي تحقّقت في السنوات الأخيرة وسيُثبت الدفاع عن الحق في حرية التعبير والتجمع السلميّ والوصول إلى المعلومات بما يتفق تماماً مع القانون أهمّيتَه الحاسمةَ ليتمكن العراق من تحقيق إمكاناته".

وأكدت الأمم المتحدة استعدادها في المساعدة في البحث عن حلول لمشاكل البلد العديدة الموروثة من الماضي بالإضافة إلى العديد من التحديات الراهنة.. ودعت الحكومة إلى الإسراع بتلبية المطالب المشروعة للمواطنين ويشمل ذلك أن تكون مثالاً يُحتذى لإنهاء الفساد وتحسين الخدمات العامة وتعزيز الحوكمة والمساءلة وخلق بيئةٍ مواتيةٍ للنمو وفُرَص العمل.

حملة عالمية تحذر تحذر من التدخل الأجنبي بمظاهرات العراق

أما الحملة العالمية للتضامن مع الشعب العراقي التي تضم شخصيات عراقية من الخارج فقد حذرت من التدخل الأجنبي في التظاهرات وناشدت العالم أجمع تفهم مبررات الانتفاضة ودعت الاطراف الدولية المختلفة للتفاعل معها ايجابيا و حتى يبرأ العراق مما لحق به من ضر.

وقالت الحملة في بيان صحافي تسلمت "ايلاف" نسخة منه الجمعة ان العراق يشهد اليوم إنتفاضة جماهيرية غير مسبوقة تنادي بتغيير جذري في الأوضاع السائدة والتي كانت تردت وتراجعت على مدى الأعوام الستة عشر الماضية وطالت مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والحقوقية والاجتماعية والتعليمية بل وحتى القيمية والثقافية.

واضافت "أن الطغمة الفاسدة والمستهدفة بالتغيير والتي مازالت تهيمن على مفاصل الدولة لن تستجيب بسهولة وستقاوم أي مسعى للتغيير بل ستعمد الى شيطنة الانتفاضة وتشويه مقاصدها وجرها لارتكاب المحظور بل وحتى استخدام القوة المفرطة كما فعلت في المرة السابقة وهنا يتوجب على المنتفضين الحذر والالتزام الحازم بسلمية الحراك وتفادي الاحتكاك بالأجهزة الأمنية أو التعرض للممتلكات الخاصة والمرافق العامة فضلاً عن التمسك بالأهداف الوطنية النبيلة العابرة للطائفية".

وشددت بالقول إن "النصر مع الصبر" ولابد من المطاولة وإعتماد النفس الطويل وإدامة الزخم وعدم التراجع حتى تحقيق الأهداف . واكدت وقوفها بحزم الى جانب تطلعات الجماهير المنتفضة وتضع امكاناتها في خدمتها.

وحذرت الحملة الحكومة وطالبتها بالتعامل الحضاري السلمي مع المنتفضين طبقا للدستور وحذرت ايضا من التدخل الأجنبي .. وخاطبت العراقيين قائلة "ندعوكم للمشاركة والالتفاف حولها ودعمها بكل الوسائل المشروعة".

الداخلية تمنع حمل السلاح والمواد الجارحة خلال التظاهرات

أصدرت وزارة الداخلية ارشادات للمتظاهرين حفاظا على ارواحهم، ودعاهم المتحدث باسمها خالد المحنا في بيان اطلعت "إيلاف" على نصه الى عدم إعاقة حركة المرور والاقتصار على أماكن التجمع بحيث لاتؤدي الى قطع طرق المشاة والمركبات.

وحظرت الوزارة على المتظاهرين حمل أي نوع من السلاح الناري أو اية أشياء حادة وأي شيء&يمكن رميه بنية إلحاق الأذى بالغير بما في ذلك الحجارة واية مواد يمكن استخدامها في الضرب كالمضربة الخشبية والهراوات و العصى وكذلك الخوذ والأقنعة أو أية أشياء تستخدم لتغطية الوجه.

كما ناشدتهم عدم الاعتداء على المصالح والمؤسسات والدوائر العامة والخاصة والحذر من المشبوهين الذين يسعون لحرف مسار التظاهر السلمي واحداث الفوضى او التحريض على العنف والتدمير والحرق والاعتداء على الاخرين.

وطالبت الداخلية المتظاهرين الى التعاون مع الاجهزة الامنية لضمان سلمية التظاهر وتمكين قوات حفظ النظام من حماية التظاهرات وتأمين حقوق المواطنين في حرية التجمع والتعبير عن آرائهم والمطالبة بحقوقهم في سلوك متحضر ومتقيد بحقوق وواجبات المواطنة".&

والصدر يدعو مسلحيه لحماية المتظاهرين من أي أعتداء

ومن جهته أصدر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر 12 توصية حول التظاهرات داعيا مسلحيه في قوات سرايا السلام.

ودعا الصدر في توصياته التي تابعتها "إيلاف" الذين قرروا عدم المشاركة في المظاهرات الى تأييدها "ولو بكلمة او دعم معنوي كتعطيل الاعمال كافة ليوم الجمعة فقط".. وناشد ائمة صلوات الجمعة التطرق للتظاهرات خلال خطبها بصورة ايجابية وارشادية والدعاء في المساجد والحسينيات ودور العبادة والكنائس لحفظ العراق وسلامة الثوار وازاحة الفاسدين.

وأشار الى انه قد يحتاج المتظاهرين الى دعم لوجستي كالطعام والشراب والطبابة وما شاكل ذلك.. لذا ادعو&اصحاب رؤوس الاموال النزيهة لدعمهم قدر الامكان.. واضاف انه في حال الاعتداء على المتظاهرين.. فعلى النائب الجهادي ان يزج سرايا السلام لنشر السلام بطرق مقبولة لحماية المتظاهرين ومن دون سلاح ودعا الجهات الطبية كالمستشفيات وغيرها من المرافق الضرورية عدم تعطيل عملها خلال التظاهرات، وقال "في حال قامت الحكومة بقطع الانترنيت ظلما وعدوانا فعلى من هم خارج العراق مناصرة اخوانهم قدر الامكان".

وشهد العراق تظاهرات احتجاج دامية تفجرت في الاول من الشهر الحالي واستمرت أسبوعا للمطالبة بمحاربة الفساد والبطالة وتحسين الخدمات العامة تطورت فيما بعد إلى الدعوة لإسقاط نظام الحكم واسفرت عن مقتل 157 شخصا و 5494 جريحا في محافظات بغداد والنجف وبابل والديوانية وميسان وذي قار وواسط والمثنى.