تهاجم جيوش ضخمة من الذباب المصريين في المنازل، بشكل أصبح يشكل ظاهرة خطيرة. وطالب نواب في البرلمان الحكومة بضرورة التصدي لتلك الحشرات، بينما ردت وزارة الصحة بطمأنة المواطنين والتأكيد على أن الذباب لا ينقل الأمراض.

إيلاف من القاهرة: يشكو المصريون في الوقت الراهن من انتشار كثيف للذباب، بشكل عجزت معه كافة وسائل المكافحة المعروفة، وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بشكاوى المواطنين، الذين طالبوا الحكومة بضرورة التدخل وتنفيذ حملة للقضاء على الذباب الذي أصبح يؤرق حياتهم.

ووصلت الأزمة إلى أروقة مجلس النواب، وطالب النائب محمد فؤاد، بإعلان خطة الحكومة للتصدي لظاهرة انتشار الذباب في مختلف المحافظات، وذلك للقضاء على حالة الذعر التي أصابت المواطنين، خوفا من انتشار الأمراض والأوبئة، الملازمة لهذه الآفة، كأمراض الجهاز الهضمي، والتنفسي، والأمراض الصدرية والجلدية والالتهاب الرئوي، وطمأنتهم، من خلال عرض مفصل لهذه الظاهرة والقضاء عليها نهائيا.

وأوضح فؤاد، في طلب إحاطة تقدم به إلى البرلمان، وتلقت "إيلاف" نسخة منه، أن العديد من المدن والقرى بمحافظات مختلفة منها القاهرة، الجيزة، الإسكندرية، والمنوفية، وعدد من المحافظات المختلفة شهدت انتشار الذباب بشكل كبير، في ظاهرة تبدو متكررة خلال نفس التوقيت من العام، خاصة مع تغيير الفصول، وخلال الأيام الماضية ظهرت أنواع جديدة من الذباب لا يغادر المنزل بسهولة ولا يتأثر أحيانا برش المبيدات.

وأشار فؤاد، إلى أن رئيس لجنة السميات بأكاديمية البحث العلمي ذكر مسبقا في تصريحات تليفزيونية له، أن القضاء على الذباب من خلال رش المبيدات لم يعد فعالا، وذلك لأن هناك بعض الأنواع من الذباب حصلت على مناعة من رش المبيدات وأصبحت أكثر خطورة، ومواجهتها تكون أكثر صعوبة.

وأوضح أن هناك أنواعا جديدة من الذباب دخلت على البيئة المصرية مؤخرا، لديها قدرة على التكاثر في كل الأوضاع الصعبة، مشددا، على ضرورة الاستعداد لهذه الظاهرة التي أصابت المصريين بالهلع، وخطة للقضاء عليها.

وبالمقابل، نفى المركز الإعلامي التابع لمجلس الوزراء، ما تردد في بعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي، من أنباء حول انتشار أسراب من الذباب الناقل للأمراض بالحدود المصرية الجنوبية.

وتواصل المركز مع وزارة الصحة والسكان، والتي نفت تلك الأنباء، مُؤكدةً أنه لا صحة لانتشار أسراب من الذباب الناقل للأمراض قادمة من الحدود الجنوبية بأي محافظة من محافظات الجمهورية، وأن مصر خالية تماما من كل الحشرات الوبائية، مُشددةً على جاهزية الوزارة وامتلاكها خطة متكاملة للتصدي لأي هجوم للحشرات الناقلة للأمراض على مدار العام.

وأكدت الوزارة وجود قوافل وقائية مجهزة بأجهزة المكافحة "الرشاشات الظهرية ومواتير الرش ومبيدات الصحة العامة"، لمكافحة الحشرات الناقلة للأمراض بمختلف المحافظات خاصةً الحدودية، مُوضحةً أن الهدف من تنفيذ تلك القوافل هو مكافحة الأمراض التي تنتقل عن طريق الحشرات، وذلك في إطار حرص الوزارة على الصحة العامة، طبقاً لتوصيات منظمة الصحة العالمية.

وأوضحت الوزارة أن الذبابة الموجودة على مدار العام في مصر هي الذبابة المنزلية فقط وهي ليست وافدة، لافتةً إلى أنها تنشط طبقاً لتغير المناخ؛ حيث تنتشر بكثافة عالية خلال فصل الخريف، كما أن الأمطار تعد سبباً رئيساً في زيادة نشاطها، مُشيرةً إلى وجود خطة مُسبقة من القطاع الوقائي يتم تنفيذها لمواجهة هذه الظاهرة في جميع المحافظات من خلال فرق مكافحة ناقلات الأمراض بالقطاع الوقائي.

وكشف مستشار وزيرة الصحة والسكان لشؤون الإعلام خالد مجاهد، أنّه يتم تنفيذ الخطة حاليا بجميع المحافظات لخفض الكثافة الحشرية للذباب المنزلي، خاصةً بعد ما تردد عن انتشار الذباب في بعض المحافظات.

وأكد أنّه تم توزيع منشور خاص بالإجراءات الصحية لمواجهة آثار التغيرات المناخية والأمطار والسيول على مستوى جميع مديريات الشؤون الصحية، مشيرا إلى تشكيل فرق للطوارئ للتحرك السريع للاستكشاف حال حدوث أمطار غزيرة أو سيول ووضع خطة للطوارئ خاصة بأعمال الترصد الحشري النشط والمكافحة المتكاملة لنواقل الأمراض في الأماكن ذات الأمطار الغزيرة أو السيول.

ومن جانبه، قال الدكتور محمد فهيم، أستاذ التغيرات المناخية بمركز البحوث الزراعية، إن الذباب المنتشر حاليا، مصري وليس قادمًا من السودان، مشيرا إلى أن كل ما حدث مجرد نشاط مكثف بسبب الظروف والتغييرات المناخية التي تشهدها مصر، موضحًا أن الحشرات وتحديدًا الذباب من أكثر الكائنات الحية تأثرًا بالتغيرات المناخية.

وأضاف في تصريحات صحفية، أن نهاية فصل الخريف فترة سكون للحشرات، إلا أن التغييرات الجوية والفرق الكبير بين درجات الحرارة نهارًا وليلاً والتي وصلت إلى 17 درجة في بعض الأيام تسببت في "دربكة فسيولوجية" للحشرة، التي أهلت نفسها أثناء النهار الحار بأن فصل الصيف يعود، ثم تفاجأت في الليل بدرجات حرارة منخفضة، ما نتج عنه ارتباك في سلوكها العام، ومن ثم أصبحت أكثر عدوانية وإزعاجًا، بالإضافة إلى حركتها التي باتت أسرع لانتهاجها نمط التغذية السريعة.

وذكر أن النشاط الزائد للذباب يتسبب في نقل الميكروبات بطريقة أسرع، وأن تواجد الذباب في الأماكن المفضلة له هو (بقايا الأكل والفضلات) ثم تحركه سريعًا من الشوارع إلى المنازل لبحثه عن بيئته في طقس مناسب، قد ينقل الميكروب، ناهيًا عن رش الذباب بالمبيدات الحشرية المتعارف عليها لأنها لن تحقق نتيجة ولن تقضي عليه.

ونصح بالتعامل مع الذباب باستخدام الزيوت الطيارة والخل المخفف في عمليات التنظيف الخاصة بالمطابخ والأسطح، كما نصح بعدم السماح بترك أكياس الزبالة داخل المنزل وغسل الأطباق بشكل سريع، وعدم ترك بقايا طعام بها.

وتوقع أستاذ التغييرات المناخية اختفاء هذا النوع من الذباب الأسبوع المقبل عندما تستقر الأحوال الجوية وتنتهي حالة التقلبات التي تشهدها مصر آخر أسبوعين.