اجتاحت الاخبار الكاذبة والمزورة مواقع التواصل الإجتماعي من الأيام الأولى للحراك الشعبي المستمرة من 17 أكتوبر، بعضها بقصد التضليل وأخرى قد تكون بهدف الحاق الأضرار بشخص أو حزب أو جهاز، أما غيرها فمن اجل تحقيق مكاسب سياسية.

بيروت: عبّرت مجموعة غير سياسية عن الحاجة الى مرصد إعلامي وسياسي لمواجهة الأخبار الكاذبة داعية الى الإستعداد لطرح الموضوع على الحكومة الجديدة.

وقد اجتاحت الاخبار الكاذبة والمزورة مواقع التواصل الإجتماعي من الأيام الأولى للحراك الشعبي المستمرة من 17 أكتوبر، بعضها بقصد التضليل وأخرى قد تكون بهدف الحاق الاضرار بشخص أو حزب أو جهاز، أما غيرها فمن اجل تحقيق مكاسب سياسية.

عناوين رئيسية تصدرت مواقع وراجت على شبكات التواصل، ومعلومات كاذبة غير واقعية غالبًا تهدف إلى التضليل ونشر عدم الاستقرار، وقد شكلت وسيلة من وسائل الحرب في الإنتفاضة أو ضدها.

إعلاميون وسياسيون وزراء ونواب تصدروا قائمة الأخبار الكاذبة، بتفاصيل مثيرة وأخبار مفبركة كانت محور اهتمام الرأي العام.

ومنها ما ورد عبر تطبيق الواتساب عن خبر نقلا عن قناة الجديد أن الولايات المتحدة تنوي فرض عقوبات على الوزير الياس بو صعب وشخصيات مقربة من التيار الوطني الحر بسبب المواقف من حزب الله وموقفهم من التظاهرات ليتبين ان الخبر مفبرك ولا صحة له، لا في نشرات الأخبار ولا في مواقع التواصل الإجتماعي.

خبر كاذب آخر مفاده صدور مرسوم جمهوري بإنشاء مرفأ لليخوت على املاك الوقف الماروني تم نفيه من قبل محامي الوزير باسيل، عدد كبير من اخبار&الشائعات تتناول اركان السلطة والمحتجين شكلت رافدًا سلبيًا أو إيجابيًا لكنها بكل الاحوال لا تخدم أحدًا إلا مطلقيها وبأهداف أصبحت واضحة لمختلف الاطراف.&

أخبار أخرى نسبت الى مؤسسات اعلامية مختلفة، ما دفع عددا كبيرا من المؤسسات الاعلامية الى الطلب من متابعيها التأكد من الأخبار من مصدرها قبل اعادة نشرها والمساهمة في توزيع الأخبار الكاذبة، أما الاكيد فهو أن أكثر من غرفة عمليات محترفة تتولى فبركة وتوزيع أخبار كاذبة تساهم في ضرب الأمن والسياسة وتزيد الاحقاد بين اللبنانيين، وتساهم برفع نسبة التشنج في البلاد، ومن ضمن ذلك ضرب الاقتصاد والثقة بالقطاعين النقدي والمصرفي.

خوف

وتشير الإختصاصية في علم النفس سعاد خليفة في حديثها لـ"إيلاف" الى أن تلك الأخبار الكاذبة ساهمت في الوصول الى ما وصلنا اليه من أوضاع وخوف لدى المواطنين، أما من يقف وراء عمليات التزوير فمجموعة محترفة تقوم باختلاق أخبار هادفة من خلال اعادة انتاج او نسخ وتزوير أخبار وارسالها معتمدة على شبكات التواصل وشبكة الواتساب.

وتضيف:"إن كان من مؤامرة ملموسة في لبنان هذه الأيام، فهي محلية الصنع، فحجم الأخبار الزائفة ونوعها بات يفوق الواقع إلى درجة لم تعد معها أدوات التحقق عبر شبكة الإنترنت، وحدها، كافية لتمييز الحقيقة من الكذب، وبات التشكيك هو سيد الموقف للمراقبين غير المعنيين بالإنقسام السياسي على إستثمار الحراك أو إفشاله.

وتشير خليفة إلى أنه "منذ اليوم الأول للحراك، بدأ سيل الأخبار الزائفة في الإنتشار في شبكات التواصل ومجموعات "واتسآب"، مدفوعًا بالإنحياز السياسي للمستخدمين و"رغبات" كل طرف.&

لكن، لماذا يسهل تصديق هذه الأخبار، رغم عدم منطقيتها في كثير من الأحيان؟ ولماذا يميل الناس إلى تصديق الأخبار التي تتوافق وانحيازاتهم وانتماءاتهم؟

تشير خليفة إلى أن "إحدى نظريات سيغموند فرويد، عالم النفس الأشهر، تجيب على هذه الأسئلة".

إذ تقود نظرية "الهو"، بحسب خليفة، وهي المسؤولة عن الغرائز والعمليات العقلية المكبوتة، الإنسان، نحو تحقيق الرغبات عبر مكافحة الواقع.

وفي حالة الأخبار الزائفة، تتبلور هذه النظرية في كون الناس يحبون "أن يتسلوا" ببساطة، فمعظم الناس يحبون "القيل" و"القال". بعبارة أخرى، تساهم الأخبار الزائفة في "تعزية" أعماق النفس لنستطيع التغلب على الوقائع المحيطة بنا.

وتضيف خليفة:"وإذا ما طبقنا الثابتة العلمية التي تقول بإننا منحازون إدراكيًا، فمن الطبيعي أن نميل إلى تصديق ومشاركة الأخبار التي تتناسب وهذا التحيّز، حتى لو كنا نعتقد أننا مستقلون وغير منتمين للأحزاب أو الجماعات.

ومن اللافت أن الجماعات التي تمتلك قناعات أيديولوجية، هي أكثر ميلاً إلى تصديق الأخبار الزائفة بسبب قوة الروابط في ما بينها، ولأنها أشدّ انحيازًا لأفكارها، علمًا أن نشر الأفكار بين هذه الجماعات يتم عادة وفق ما يُعرف باسم تأثير "صدى الغرفة"، فيقوم عناصر الجماعة أنفسهم بتكرار وترداد الشعارات من دون التفكير فيها عميقًا، ويصبحون أكثر استهلاكًا لها وارتباطًا لفظيًا بمفردات تتعارض تمامًا والسلوك الذي تدعو إليه عقيدتهم نفسها.&

وتكمن المشكلة الرئيسة، تضيف خليفة، في مكافحة الأخبار الزائفة، أنها بطبيعتها أكثر جذبًا للجمهور، بناءً على التفسير النفسي السابق.

وبالتالي، فإن التشكيك في كل ما نقرأه من محتوى عبر شبكات وتطبيقات التواصل يبقى هو الأسلوب الأنجع لعدم الوقوع في فخها.