أثار قرار وزارة السياحة والآثار المصرية نقل مجموعة من الكباش الفرعونية من طريق الكباش الشهير في الأقصر إلى ميدان التحرير في العاصمة القاهرة الكثير من الجدل الممزوج بالغضب، خشية تعرّض هذه الآثار للتلف أثناء النقل أو عند وضعها في الميدان.

إيلاف من القاهرة: بدأت وزارة السياحة والآثار المصرية، عملية فك قواعد 4 من الكباش من معبد الكرنك في مدينة الأقصر، تمهيدًا لنقلها إلى ميدان التحرير في وسط القاهرة، في إطار عملية تهدف إلى تطوير وتزيين الميدان الشهير، بمجموعة من القطع الأثرية النادرة وتضم كباشًا ومسلة فرعونية.

تسيطر حالة من الغضب في أوساط المصريين، على المستويين الشعبي والبرلماني. وتقدم العضو البرلمان هيثم أبوالعز الحريري، ببيان عاجل إلى الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، لتوجيهه إلى الدكتور مصطفي مدبولي، رئيس الوزراء، بشأن نقل مسلة وتماثيل "كباش الكرنك" لتزيين ميدان التحرير.

قال النائب في البيان الذي تلقت "إيلاف" نسخة منه: تناقلت وسائل الإعلام أنه سيتم نقل مسلة و4 كباش من بين تماثيل موجودة خلف واجهة معبد الكرنك الصرح الأول على جانبي الفناء، وهو الأمر المخالف للأعراف الدولية المنظمة للحفاظ على الآثار والمباني التاريخية ولطبيعة الأثر المرتبط بموقعه الأثري.

أضاف: على سبيل الذكر لا الحصر، البند السابع من ميثاق البندقية المنظم لأعمال الحفاظ على المواقع والمباني الأثرية والذي يعد المرجع الأساسي لوثيقة التراث العالمي باليونسكو التي وقعت عليها مصر والصادرة عام 1974 والمذكور فيها نصًا (الأثر ملازم للتاريخ، فهو شاهد عليه وكذلك النسيج العمراني الذي هو جزء منه وغير مسموح إطلاقًا بتحريك الأثر أو أي جزء منه إلا إذا اقتضت وقاية الأثر ذلك، ويتم البتّ في هذا في حالة وجود مصلحة عالمية أو محلية على أعلى قدر من الأهمية).

وحذر البرلمان من نقل الآثار، وقال: اجتزاء جزء أثري أصيل من موقعه يؤدي إلى رسالة زائفة مرفوضة من المجتمع الدولي والمتخصصين في هذا المجال، وتلك الأفعال كانت تتم في الماضي قبل صدور تشريع دولي يحرم ذلك الأمر، والتي يمكن تداركها بعمل مستنسخات دقيقة لتلك الكباش وللمسلة المراد نقلها إلى ميدان التحرير.

تقدم النائب محمد عبد الغني، عضو مجلس النواب، ببيان عاجل آخر، إلى رئيس الوزراء، ووزيري الآثار والسياحة والإسكان، بشأن نقل تماثيل من معبد الكرنك إلى ميدان التحرير.&

وأوضح عبد الغني، أن البيان العاجل بشأن إعلان الدكتور مصطفى الأمين، العام للمجلس الأعلى للآثار، عن نقل أربعة تماثيل ضخمة لكباش "تماثيل على شكل أبي الهول برأس كبش"، من معبد الكرنك إلى القاهرة للاستخدام في أعمال تطوير ميدان التحرير، وذلك حسب توجيهات رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي.

أشار عبد الغني إلى أن أعمال تطوير الميدان تنفذها شركة "المقاولون العرب"، والتي بدأت منذ فترة في أعمال زراعة النخيل وأشجار الزيتون وإعداد الصينية في الميدان لنقل المسلة الفرعونية وغيرها من الأعمال، هذا بالتزامن مع انتقال الوزارات والحكومة خلال العام المقبل إلى العاصمة الإدارية.

تساءل النائب: "ما مدى العلاقة بين تطوير ميدان التحرير والحفاظ على الطراز المعماري بنقل أربعة كباش ضخمة من معبد الكرنك إلى ميدان التحرير؟!"، وما الدراسات التي تم الاعتماد عليها في نقل تلك الكباش إلى ميدان التحرير؟.&

وتابع: "ما تكلفة نقل تلك الكباش وتداعيات التغيرات الجوية على تلك التماثيل التي تُعد ثروة مصرية وملك للمصريين كافةً يجب الحفاظ عليها، بل والعمل على الاستفادة منها، وليس عرضها في الشوارع؟".&

استكمل :"ما الأسباب التي دفعت الحكومة ووزارة الآثار والسياحة إلى نقل أربعة كباش ضخمة من معبد الكرنك إلى ميدان التحرير؟؛ ولماذا لم تحاول الحكومة الاستفادة من فناني مصر التشكيليين في تصميم تماثيل على هذا الشكل بدلًا من تلك التكلفة لعمليات النقل والاكتفاء بنقل المسلة وتزيين الميدان بها؟". ولفت إلى ضرورة معرفة آراء خبراء التخطيط العمراني في تطوير الميدان وتخطيطه العمراني وطرازه المعماري.

تجري أعمال تطوير ميدان التحرير ونقل الآثار الفرعونية تحت رعاية شخصية من رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، الذي أجرى جولة تفقدية لميدان التحرير، أول أمس، يرافقه فيها وزراء الآثار والسياحة، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والتنمية المحلية ومحافظ القاهرة.&

أمام هذه الضجة، نفى الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، ما تردد عن نقل تماثيل طريق الكباش الذي يربط بين معابد الكرنك ومعبد الأقصر إلى ميدان التحرير، مؤكدًا أن هذا الكلام عارٍ تمامًا من الصحة.

وقال وزيري في تصريحات تليفزيونية: "مفيش حد هيلمس تماثيل طريق الكباش على وجه الكرة الأرضية"، مشيرًا إلى أن "التماثيل التي ستزيّن ميدان التحرير كانت مستخبية تحت التراب، ولم يرها أي سائح أو مصري نهائيًا".

حول المخاوف من تعرّض الآثار للتلف أثناء نقلها من الأقصر إلى القاهرة، قال وزيري: "عمليات النقل آمنة بنسبة أكثر من 100 %، وهناك عربات وأجهزة خاصة للترميم، ونقل أي أثر يخضع للحماية من أي مسببات ويتم اتخاذ كل المحاذير".

وأضاف إن "وزارة الآثار اتخذت كل الاحتياطات لعدم الكتابة أو النقش على التماثيل الموضوعة في ميدان التحرير، قائلًا: "سنتخذ كل الإجراءات الوقائية لحماية التماثيل من الكتابة عليها كأحمد ومنى أو الذكريات الخالدة".