بعد مقتل قاسم سليماني ربّان التمدد الإيراني في المنطقة قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري في ضربة أميركية بالقرب من مطار بغداد الدولي مع عدد من مرافقيه أبرزهم أبو مهدي المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أصدر المرشد الأعلى الإيراني أمراً بتعيين اللواء إسماعيل قاآني قائداً لفيلق القدس.

ويعتبر إسماعيل قاآني هو رجل الظل لسلفه سليماني، والذي أوكل إليه قبل مقتله مهام متابعة الأوضاع الأفغانية والباكستانية ومحاولة بسط النفوذ الإيراني فيهما في الوقت الذي عمل فيه سليماني على إدارة الملف السوري والعراقي واللبناني وذلك بحسب محللين سياسيين أفغان.

وبعد تعيين قاآني قائداً لفيلق القدس نشر الصحافي الأفغاني هارون نجفي زاده صورة تجمع محمد طاهر زهير حاكم ولاية باميان الأفغانية باللواء اسماعيل قاآني قائد فيلق القدس في يوليو 2018 حيث تم تعريف قاآني باسم "السيد اسماعيلي نائب السفير الإيراني لدى كابل" وذلك بحسب الصفحة الرسمية لمكتب حاكم ولاية باميان على موقع فيس بوك، وذكر المكتب بأن الهدف من الزيارة كانت للاطلاع على مشروع مستشفى الخميني في باميان بالإضافة إلى زيارة المعهد الأفغاني الإيراني الواقع في الولاية.

وتقع ولاية باميان وسط أفغانستان ومعظم سكانها ينتسبون إلى مذهب الاثني عشرية وقومية الهزارة والتي تحظى بدعم كبير من إيران في المجالات التعليمية والصحية كونهم من الأقليات التي تعيش في أفغانستان.

وبالتزامن مع الصورة التي نشرت لإسماعيل قاآني مع حاكم باميان تداولت مواقع التواصل الاجتماعية صورة لقائد فيلق القدس يشارك في اجتماع لأمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني في لقائه بالدكتور حمد الله محب مستشار الأمني القومي الأفغاني بالإضافة لمشاركته مع شمخاني في اجتماع مع الرئيس الأفغاني الأسبق حامد كرزاي دون أن يتم الإفصاح عن ماهية الاجتماعين وصفة اسماعيل قاآني فيهما ولم يتم التطرق لأسماء الوفد المرافق لعلي شمخاني.

في ضوء ذلك عقد يوم الثلاثاء إدريس زمان وزير الخارجية الأفغاني "المكلف" مؤتمراً صحفياً تحدث فيه عن الملفات الشائكة في الخارجية الأفغانية وخطط الإصلاحات والتغييرات في الوزارة بعد اجتماع مسؤولي الوزارة مع رئيس الجمهورية أشرف غني.

وتعد وزارة الخارجية إحدى أهم الملفات البارزة في أفغانستان بعد استقالة الوزير الأسبق صلاح الدين رباني زعيم حزب الجمعية الإسلامية الأفغانية في أواخر أكتوبر الماضي والتي طالت إدارته اتهامات بالفساد وتعيين غير الكفاءات في الوزارة بناء على القوميات والأحزاب التي ينتمون لها.

وعند سؤال أحد الصحافيين للوزير إدريس زمان عن زيارة إسماعيل قاآني لولاية باميان وتعريفه بأنه نائباً للسفير الإيراني في الوقت الذي عرّفت فيه وزارة الخارجية الأفغانية محمد حسيني نائباً للسفير الإيراني لدى كابل، أوضح إدريس زمان بأن الوزارة بدأت التحقيقات في لقاء حاكم باميان بإسماعيل قاآني وبأنه لم يسبق أبداً أن عمل المذكور نائباً للسفير الإيراني، وتستفسر الوزارة عن سبب الزيارة وأهدافها من حاكم باميان طاهر زهير.

وأضاف "لا يمكننا إبداء أية تفاصيل لكن ما نستطيع تأكيده بأن قاآني لم يشغل منصب نائب السفير لدى كابل".

من جهة أخرى أوضح أحد أصدقاء حاكم باميان ويدعى "ميسم إحساني" على صفحته في فيس بوك بأن الحقائق لا بد أن تتضح ويجب عدم الانقياد وراء الشائعات التي تهدف إلى الإضرار بسمعة طاهر زهير قائلاً: "يجب على الجميع بأن يعي الحقيقة التي دعت إسماعيل قاآني لزيارة ولاية باميان، حيث لم يستقبلهم زهير إلا بعد توجيه رسمي "شفهي" من وزارة الخارجية.

وبعد موجة من ردود الفعل الغاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي عقد حاكم باميان مؤتمراً صحافياً بحضور وسائل الإعلام أوضح فيه بأنه صدر لهم توجيه رسمي من قبل وزارة الخارجية باستقبال هيئة رسمية إيرانية لزيارة مستشفى الخميني بالولاية وذلك لمتابعة مشروعها قيد الإنشاء دون أن يُفصح عن مسمى إسماعيل قاآني ومنصبه عند اللقاء.

وأضاف طاهر زهير "نستقبل سنوياً في باميان أكثر من خمسين بعثة دبلوماسية منهم سفراء أميركا وبريطانيا وفرنسا والصين والهند، ولم تكن باميان يوماً تتفق خفية مع أي جهة خارجية".

وخلال المؤتمر الصحفي تهجم حاكم باميان على الصحفي هارون نجفي زاده ووصفه بأنه "جاسوس وعميل" وإن لم يكن جاسوساً فهو رجل لا يفقه شيئاً، وطالب بمعاقبته ردعاً له على إهانته وتحقيره لأهالي ولاية باميان، وأن مكتب الولاية قدّم شكوى رسمية إلى النائب العام الأفغاني للتحقيق معه في الاتهامات التي أطلقها على باميان وسكانها.

كما أبدى حاكم باميان غضبه واستغرابه من المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية وحديثه عن بدء التحقيقات في الموضوع الذي تحدث عنه، وطالب وزارة الخارجية بالتحقيق مع الصحفي قبل أن يتم التحقيق معه.

وذكر سياسيون أفغان بأن أصابع الاتهام تتوجه نحو وزير الخارجية السابق صلاح الدين رباني خصوصاً وأن زيارة قائد فيلق القدس الجديد تمّت وهو على رأس الوزارة، وزاد ذلك تصريح حاكم باميان بأن التوجيه الرسمي صدر من قبل وزارة الخارجية.

الجدير بالذكر بأن حزب الجمعية الإسلامية الأفغانية والذي يتزعّمه صلاح الدين رباني أصدر بياناً قدم فيه التعزية لحكومة وشعب إيران في مقتل قاسم سليماني ورفاقه ووصفته "بالقائد الشهيد"، مما يدلّ على قرب حزب الجمعية الإسلامية من قاسم سيلماني خصوصاً وأنه شارك في الحرب الأهلية الأفغانية بجانب قوات أحمد شاه مسعود وزير دفاع حكومة المجاهدين الأفغان والتي ترأسها برهان الدين رباني الأب الروحي لحزب الجمعية الإسلامية الأفغانية والذي اغتالته حركة طالبان في سبتمبر 2011 واستلم ابنه صلاح الدين زعامة الحزب من بعده.

صورة لصلاح الدين رباني عند لقائه بالسفير الإيراني لدى كابل في ٢٠١٧