أسامة مهدي: تمعن المليشيات العراقية الموالية لإيران في ابتكار أساليب لارهاب العراقيين وهذه المرة بارسال صور مختطفين لديها إلى عائلاتهم وهم تحت التعذيب والدماء تنزف منهم، فيما دعت واشنطن بغداد إلى وقف "الهجمات الاجرامية" ضد المتظاهرين في حين تم الاعلان عن مقتل عسكري عراقي خلال مشاركته في التظاهرات بينما حذر عبد المهدي من فراغ خطير في حال تأخير تشكيل الحكومة.

ووثقت منظمات حقوقية عراقية ووسائل التواصل الاجتماعي التي تابعتها "إيلاف" الاربعاء ما أسمته بالاستخدام الجديد لترهيب المتظاهرين وعائلاتهم من خلال إرسال صورهم تحت التعذيب خلال اختطافهم.

وفي هذا الاطار فقد ارسلت احدى المليشيات صورة المسعف إبراهيم حسين بعد اختطافه وتعذيبه إلى عائلته حيث ظهر معصوب العينين والدماء تنزف من وجهه. وعرف المختطف بأنه مسعف كان يعالج جرحى المتظاهرين المصابين باطلاقات أسلحة القوات الحكومية التي تستخدمها ضدهم.

الاعلامية العراقية آيات المرسومي تعرضت للضرب على ايدي عناصر القوات الحكومية

وكتب الناشط في ساحة التحرير فراس السراي على حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي "توتير" تغريدة قال فيها "ان شقيق الممثلة العراقية الاء حسين تم اختطافه وتعذيبه وارسال صور إلى ذويه اثناء التعذيب حيث ان هذه المرة هي الثانية التي يتم اختطافه فيها بعد اختطافه سابقا واطلاق سراحه وعودته إلى ساحة التحرير لكنه مازال هذه المرة بأيدي الخاطفين.. وتساءل قائلا "‏إلى متى هذا القمع والقتل والترهيب؟".

ومن جانبها، أكدت شقيقة ابراهيم وهي الممثلة العراقية الاء حسين خبر الاختطاف، وقالت إن العائلة على تواصل مع الأجهزة الأمنية.

متظاهر اختطفته المليشيات يروي ما تعرض له:

ومن جهته، قال معتصمو ساحة التحرير في بيان اليوم تابعته "إيلاف" إن "ما تتعرض له عموم ساحات الاعتصام ومن ضمنها ساحة التحرير لاعتداءات من قنص ببنادق الصيد والطعن والمسدسات الكاتمة والغاز المسيل ومحاولة فتح الطرق الغرض منها القضاء على الساحة ونشاطها الاحتجاجي وتسويف التزامات السلطة بتنفيذ مطالب المحتجين".

القوات الأمنية تلقي مسؤولية استخدامها لبنادق الصيد على المحتجين

وفي محاولة منها للتنصل من مسؤوليتها عن استخدام بنادق الصيد ضد المتظاهرين بعد ان نددت الامم المتحدة بذلك فقد بدأت القوات الامنية تصدر بيانات تدعي تعرض عناصرها لاطلاقات من بنادق صيد يستخدمها المحتجون.

عضو اتحاد طلبة بغداد محمود أصيب بخمس رصاصات من بنادق الصيد للقوات الامنية

وقالت قيادة عمليات بغداد في بيان تابعته "إيلاف" أن العشرات من منتسبيها قد اصيبوا ببنادق الصيد في ساحات التظاهر. واضافت ان "استخدام بنادق الصيد من قبل متظاهرين عمل اجرامي يحاسب عليه القانون".. وطالبت من اسمتهم بالمتظاهرين السلميين "بالتعاون لملاحقة المجاميع التخريبية" على حد قولها.

وقبل ذلك قالت القيادة الاثنين إن قواتها تعرضت لهجوم ببنادق الصيد قرب ساحة الخلاني وسط بغداد، ما أدى إلى إصابة أحد منتسبي الفوج السادس بعينه.
ويعتقد محتجون ان اتهامات القوات الحكومية هذه لهم تهدف إلى التمهيد لانهاء الحراك الشعبي بالقوة.

ومن جانبه، أشار رئيس ائتلاف الوطنية اياد علاوي إلى أنّ حملات العنف والاغتيالات تستمر ضد المتظاهرين السلميين مما سبب إصابات كثيرة في الوقت ذاته فإن الحكومة غضت النظر عن الجرائم التي تحصل وحتى عن علاج الجرحى.

المسعف العراقي ابراهيم حسين اختطفته المليشيات وعذبته وأرسلت صورته إلى عائلته

‫واضاف في تغريدة تابعتها "إيلاف" قائلا "من الواضح ان الحكومة تحجم عن واجبها في الكشف عن القتلة، وتقديمهم للقضاء، ومعالجة الجرحى لكن شعب العراق لن ينسى هؤلاء السلميين الرافضين للفساد والمطالبين بالاصلاح والعدالة ".. وتابع "‫إن سكتم لن نسكت.. ‫وان تناسيتم لن ننسى.. ‫والجرائم لا تسقط بالتقادم".

وكانت وسائل التواصل الاجتماعي قد نشرت خلال اليومين صوراً ومقاطع فيديو للعديد من المتظاهرين وقد ظهرت على أجسادهم رصاصات بنادق الصيد التي تستخدمها القوات الامنية وهي مغروسة في اجسادهم ما يستدعي اجراء عمليات جراحية لاخراجها.

واشنطن تدعو بغداد الى وقف الهجمات الاجرامية ضد المتظاهرين

دعت الولات المتحدة الأميركية السلطات العراقية إلى وقف ما اسمتها بالهجمات الاجرامية ضد المتظاهرين الذين شددت على حقهم بالمطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي.

جاء ذلك خلال مباحثات اجراها في بغداد مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر مع الرؤساء العراقيين الثلاثة للجمهورية والبرلمان والحكومة المستقيلة كما قالت السفارة الاميركية في بغداد في بيان صحافي اليوم اطلعت على نصه "إيلاف".

وأشارت إلى أنّ شينكر سلط في معرض لقاءاته مع كل من رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي على "أهمية العلاقة بين الولايات المتحدة والعراق والتعاون المستمر لدعم عراقٍ مزدهر ومستقر وديمقراطي".

وقالت إن المسؤول الاميركي ندد "بالهجمات المستمرة ضد المتظاهرين السلميين الذين يمارسون حقهم الديمقراطي في حرية التعبير بما في ذلك مطالباتهم بالإصلاح السياسي والاقتصادي".. ودعا الحكومة العراقية إلى "وضع حد لهذه الممارسات الإجرامية وتقديم الجناة إلى العدالة".

وشدد شيكنر على دعم واشنطن "للحق الديمقراطي الأساسي للمواطنين العراقيين في حرية التجمع السلمي والتعبير".. وضرورة "إحترام الولايات المتحدة للدور المُهم والدائم الذي تؤديه المرجعية في العراق".

وأكد مساعد وزير الخارجية الأميركي شينكر على "شراكة الولايات المتحدة القوية مع قوات الأمن العراقية التي تصون وتُعزز سيادة العراق وتساعد في تحقيق هدفنا المُشترك ألا وهو هزيمة المنظمات الإرهابية المُتطرفة مثل داعش" بحسب السفارة.

آخر الاحصائيات لعدد ضحايا المتظاهرين ومقتل عسكري

وبالتزامن مع ذلك، فقد أعلن في بغداد اليوم عن اخر الاحصائيات لعدد ضحايا الاحتجاجات من المتظاهرين على يد القوات الحكومية والمليشيات المرافقة لها.

وكشف عضو المفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان علي البياتي اليوم اعداد القتلى والمختطفين والمصابين والمعتقلين والمطلق سراحهم من المتظاهرين منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في العاصمة بغداد ومحافظات الوسط والجنوب في الاول من اكتوبر عام 2019.

وأشار البياتي إلى أنّ عدد "الشهداء بلغ 545 شخصاً بينهم 17 منتسباً أمنياً والمصابين بحدود 24 الف مصاب". واوضح ان "المختطفين بلغت اعدادهم 79 شخصاً بينهم أربع فتيات وتم إطلاق سراح 22 شخصاً منهم فقط بينهم فتاة واحدة".

واضاف ان عدد المعتقلين بلغ اكثر من 2800 معتقل تم إطلاق سراح اغلبهم، باستثناء 38 شخصاً.

واضاف البياتي في تغريدة على حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي تابعتها "إيلاف" ان منتسبا في الجيش العراقي قتل اثناء مشاركته في الاحتجاجات وسط بغداد خلال تمتعه بالإجازة.. موضحا ان "فهد محمود الخزاعي من اهالي الشامية في الديوانية منتسب في الجيش العراقي وشارك مع الحشد الشعبي ضد داعش وقد قتل بالرصاص الحي امس في ساحة الخلاني وسط بغداد اثناء مشاركته في التظاهرات.

وعبر المسؤول الحقوقي عن الامل في ان يعتمد رئيس الوزراء المقبل على "‫مستشارين ملمين بحقوق الانسان بدل الاعتماد على ‫القيادات الامنية فقط في التعامل مع ملف ‫التظاهرات ‫والاحتجاجات التي كانت ‫الأسوأ‬ من جانب حقوق الانسان في الفترة الاخيرة من تاريخ ‫العراق الجديد بعد عام 2003".

عبد المهدي يحذر من أزمة خطيرة بتأخير تشكيل الحكومة

واليوم دعا رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي البرلمان إلى تسهيل مهمة علاوي المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة محذرا من دخول البلاد في فراغ خطير.

وقال عبد المهدي في رسالة إلى نواب البرلمان العراقي الاربعاء حصلت "إيلاف" على نصها انه منذ ان قدم استقالته في 29 نوفمبر الماضي وحتى الان بعد أكثر من شهرين ونصف الشهر لم تشكل حكومة جديدة وكان من المفترض دستورياً تكليف مرشح جديد خلال 15 يوماً من تاريخ الاستقالة.

وأشار إلى أنه قد تأخر موعد تشكيل الحكومة الجديدة كثيرا "ولم يتم التكليف سوى في بداية فبراير الحالي "عندما كُلف الاستاذ محمد توفيق علاوي، مما يبين ازمة العملية السياسية، بل ازمة القوى والمؤسسات الدستورية المناط بها هذا الامر".

وأضاف عبد المهدي انه تفاءل بالتكليف "ونبذل قصارى جهدنا لدعمه ومساندته للنجاح في مساعيه بما في ذلك هذه الرسالة المفتوحة ومضامينها التي ابلغناها إلى القادة السياسيين ونحن نعلم بالصعوبات الجمة التي يواجهها الجميع فالمهلة الدستورية المحددة بـ30 يوماً لمنح ثقة مجلس النواب إلى اعضاء الحكومة الجديدة ومنهاجها الوزاري تنتهي في 2 مارس 2020.

متظاهر أصيب برصاص بندقية صيد القوات الحكومية العراقية

وقال إنه "لذلك اتوجه بهذه الرسالة قبل انتهاء المهلة الدستورية إلى اخواني واخواتي من نواب الشعب للتحذير من خطر الدخول في فراغ جديد بسبب تسويف تشكيل الحكومة الجديدة، بدل الاسراع بتشكيلها ليتسنى لها القيام بمهامها المسندة اليها ومنها اجراء الانتخابات المبكرة في اقرب فرصة ممكنة".

ودعا الكتل السياسية ومجلس النواب والرأي العام والمؤثرين على صناعة القرار في البلاد إلى المضي قدماً في تسهيل مهمة علاوي على تشكيل حكومته وتجاوز العقبات الجدية والمصطنعة من أمامه.. محذراً من ان "عدم النجاح في تحقيق ذلك وعدم توصل القوى السياسية لحل حاسم في هذا الملف بعد 3 اشهر تقريباً من استقالة الحكومة قد يعرض البلاد لازمة اخطر اذ سيكون من غير الصحيح وغير المناسب الاستمرار بتحملي المسؤوليات بعد تاريخ 2 اذار 2020 ولن اجد امامي سوى اللجوء إلى الحلول المنصوص عليها في الدستور او النظام الداخلي لمجلس الوزراء وهدفي من ذلك كله المساعدة على انجاح الحكومة القادمة ووقف الخروقات الدستورية التي تعمل بالضد من مصلحة البلاد ونظامها الديمقراطي الدستوري".

يشار إلى أنّ علاوي يكثف منذ ايام اتصالاته مع القوى السياسية لانجاز تشكيلته الحكومية وسط ضغوط من احزاب ومكونات لا تزال تعيق تقديمها إلى البرلمان للتصويت عليها، حيث انه من المفترض أن يقدمها قبل الثاني من الشهر المقبل للتصويت عليها بحسب الدستور، فيما تشير مصادر سياسية إلى امكانية اعلانها مطلع الاسبوع المقبل.