في مقابلة عاصفة مع تيم سيباستيان، أكد الجبير أن المحققة الأممية الخاصة في قضية الخاشقجي منحازة، وأن النظام القضائي السعودي مستقل، وأن المملكة لن ترضى بالإملاءات في ما يخص قضاءها.

إيلاف من دبي: حلّ وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير ضيفًا على برنامج "دائرة الخطر" الذي يقدمه المحاور تيم سيباستيان على قناة دويتشه فيله الألمانية، وهو الصحافي والروائي البريطاني الذي يضع ضيفه تحت ضغط أسلوبه الهجومي المستفز، والمعروف بقدرته على إحراج ضيوفه في أسئلة غير متوقعة. إلا أن الجبير تمكن بدبلوماسية يُشهد لها أن يحوّل سيباستيان من وضعية الهجوم إلى وضعية الدفاع بحججه الصلبة وحنكته السياسية.

كان محور اللقاء مسألة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي‏ التي توسلها سيباستيان وسلية للتصويب على ما يسمى سجل حقوق الإنسان في السعودية. وأكد الجبير، بلغة دبلوماسية، لكن حازمة، أن العملية التي أدت إلى مقتل الخاشقجي هي عملية مارقة "لم نخوّل أحدًا القيام بها، وحققنا مع الأطراف المتورطة فيها، وتم توجيه الاتهام إلى 11 فردًا، وحكم على خمسة منهم بالإعدام، في محاكمة يحضرها مندوبون عن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، إضافة إلى تركيا".

نظرة ناقصة وسلبية
ردًا على اتهام المحققة الأممية الخاصة أغنيس كالامار التحقيقات السعودية بأنها غير صادقة، قال الجبير إن كالامار اعتمدت في تصريحاتها على مصادر من الصحف وتسريبات الإعلام، ولم يكن يعينها خبراء في التحليل الجنائي، وإنها في تعاطيها مع السعودية منذ زمن طويل كانت تحمل نظرة ناقصة وسلبية، واتهمها بالتحيّز في كتابة تقريرها بشأن الحادثة، وبشأن التحقيقات التي وصفتها بالسرية. يسأل الجبير: "كيف تكون التحقيقات سرية بوجود مندوبين عن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، إضافة إلى تركيا؟".

أضاف الجبير: "أسرة جمال خاشقجي خرجت إلى العلن، وقالت إنها تملك كل الثقة بالقضاء السعودي". وفي رد صدامي على الاستفزاز الذي حاول المذيع استخدامه مع الجبير لحشره في الزاوية، قال الجبير: "منذ التسعينيات، تعرّضت المملكة للانتقاد لوجود دعاة متطرفين فيها يدعون إلى الكراهية، وعندما احتجزناهم، تعرّضنا للانتقاد بأننا صادرنا حقهم في حرية التعبير، فنحن مستهدفون، سواء تحركنا أم لم نتحرك، فهل تريدونهم أن يدعوا إلى الكراهية، أم تريدونهم أن يتوقفوا عن ذلك، لا تستطيعون الحصول على الشيء ونقيضه، وهذا هو النفاق الذي نواجهه".

تريدون الشيء ونقيضه
أضاف: "هناك خط رفيع بين حرية التعبير والتحريض والقتل، ولدينا قوانين في بلادنا، ونظام قضائي خاص، وعلى الناس احترام القانون وطاعته، ومحاكمنا في السعودية هي من ينظر في هذه القضايا لا أي أحد آخر، مع احترامنا الكامل للمنظمات غير الحكومية ومنظمات حقوق الإنسان".

نفى الجبير الاتهام الموجّه إلى المملكة بسجنها الناشطين في مجال حقوق الإنسان، وقال إن المملكة كانت متهمة بسجن نساء طالبن بحقهن في قيادة السيارة، "وهذا غير صحيح، فقد كن متورطات في أجندات خارجية، وحاولن تجنيد أناس يعملون في مواقع حساسة للحصول على وثائق سرية، ليستخدمها أعداؤنا ضدنا، وهذا يُدعى تجسسًا، وبعد نهاية التحقيقات سيعرض النائب العام على المحكمة الأدلة المتوافرة له"، داعيًا الدول الأخرى إلى عدم توجيه الإنتقاد إلى النظام القضائي السعودي، "فنحن لا ننتقد القضاء في الدول الأخرى، ولن نسمح لأحد بانتقاد نظامنا القضائي، ونحن لم ننتقد معاملة المجتمعات الغربية للأقليات أو المهاجرين، ولم ننتقد أوروبا وتاريخها المرعب في الجرائم الكبيرة ضد الإنسانية، ولن نقبل انتقاد الآخرين لنظامنا القضائي، ولو كانت السعودية دولة سيئة، لما أتى إليها أحد".

سأل الجبير: "لماذا يأتي رواد الأعمال إلى المملكة لافتتاح أعمالهم"، متهمًا مضيفه بأن لديه أحكاما مسبقة عن المملكة، ولا يريد رؤية الحقائق، وقال له: "تعالَ إلى السعودية وانظر بنفسك".

لا نرضى بإملاءاتكم
أكد الجبير أن السعودية لن ترضى بأن يملي عليها أحد ما على قضائها أن يفعله، وهذا تمامًا ما قاله أمام البرلمان الأوروبي في بروكسل، خصوصًا إن كانت الإملاءات مبنية على معلومات مغلوطة عن النظام القضائي السعودي وكيفية عمله، على معلومات آتية من مصادر غير دقيقة.

أضاف: "مع احترامنا الكلي لمنظمة العفو الدولية، من تصفهم بالناشطين المسجونين، لا نراهم كذلك، فلدينا قضاؤنا، ولدينا مدعٍ عام وجّه إليهم الاتهامات، وستنظر المحاكم في أمرهم، فإن كانوا أبرياء سيخرجون من السجن، وإن كانوا مذنبين فسينالون جزاءهم، هذا هو الأمر بكل بساطة، ومع احترامنا لمنظمة العفو الدولية، رأيهم في هذه المسألة لا يعنينا... فنحن لا توجد عندنا مشاكل مع حقوق الإنسان، بل عندنا قضاء، وقوانين يجب احترامها، ومن لا يحترم القوانين يواجه الاتهامات في القضاء، والموضوع بهذه البساطة".

وقال الجبير للمذيع: "أعتقد أنك لم تكن عادلًا بحق المملكة في آرائك، وباستطاعتي أن أريك أن ثمة مشكلة سوء فهم عالمية هنا، فما دام هناك قانون، فعلى الناس أن يحترموه".