حذر تقرير لمجلة إيكونوميست صدر في هذا الأسبوع من مخاطر تمدد فيروس كورونا على العالم كافة مع استمرار غزوه دولا جديدة وطالبت الحكومات بالعمل الجاد لإيجاد علاج له ومكافحته.

إيلاف: أشارت الإيكونوميست في تقريرها إلى أن "المصداقية هي أهم بكثير من الأمل في ما يتعلق بالصحة العامة. إذ أضحى واضحًا خلال الأسبوع الماضي أن المرض المتفشي الجديد، covid-19، الذي ضرب الصين في بداية ديسمبر سينتشر ويتفشى حول العالم. لقد أشارت العديد من الحكومات إلى أنها ستقوم بالتصدي للمرض، ولكن ما يجب عليهم فعله عوضًا عن ذلك هو القيام بتجهيز شعوبهم لهذا الهجوم الشرس".

أضافت "تفيد التجربة الصينية بأنه من بين الحالات المصابة التي تم التعرف إليها، هنالك نحو 80% تقريبًا ستكون إصاباتهم خفيفة، و15% سيكونون بحاجةٍ إلى العلاج في المستشفيات، و5% سيكونون بحاجةٍ إلى عناية مشددة. وبحسب الخبراء فإن الفيروس يعتبر أشد فتكًا بنحو خمسة إلى عشرة أضعاف من الأنفلونزا الموسمية التي تتسبب – عند مستوى فتكها الذي يصل إلى 0.1 % - في وفاة نحو 60 ألف أميركي في عامٍ واحد. وحول العالم، قد يصل معدل الوفيات إلى أعداد مليونية".

كما دق التقرير جرس إذار اقتصادي بقوله "النمو الاقتصادي العالمي سينخفض بمقدار نسبتين مئويتين خلال الاثني عشر شهرًا المقبلة ليصبح 1%، وفي حال استمر الوضع للأسوأ فإن الاقتصاد العالمي قد يمر في حالة انكماش. ومع استيعاب هذا المنظور خلال الأسبوع الحالي، انخفض (مؤشر إس آند بي 500) بمقدار 8%".

تابع التقرير: "لقد امتدحت منظمة الصحة العالمية في هذا الأسبوع النهج الصيني، بيد أن ذلك لا يعني بالضرورة أنه النهج المناسب لبقية دول العالم. إن كل نوع من أنواع الحجر الصحي له ثمن – ليس فقط في الأرواح، ولكن أيضًا في معاناة الأشخاص ممن هم خارج الحجر الصحي والذين قد يكون امتنع البعض منهم عن العلاج الطبي لأعراض طبيةٍ أخرى. ولا يزال من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان الثمن يستحق المكاسب. وفي الوقت الذي تسعى فيه الصين إلى إنعاش اقتصادها عبر تخفيفها للقيود المفروضة على الحجر الصحي، فإنها قد تتعرض لموجة أخرى من الإصابات بالفيروس. وبالنظر إلى حالة عدم اليقين تلك، فإن الدول الديمقراطية لن تكون على استعداد للقيام بمثل ما قامت به الصين مع مواطنيها. كما تظهر لنا حالة انتشار الوباء جراء الفوضى في إيران أنه ليست جميع الحكومات الاستبدادية قادرة على اتباع ذلك النهج".

مع ذلك، يتابع التقرير، حتى وإن كانت العديد من الدول غير قادرة أو لا يجب عليها اتباع نهج الصين، إلا أن تجربتها تحوي ثلاثة دروس مهمة - التحدث إلى المواطنين وعرقلة انتشار المرض وإعداد القطاعات الصحية لتكون قادرة على استقبال كم كبير من الحالات".

بحسب المجلة، يعد المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض مثالًا جيدًا لطريقة التواصل مع العامة، والذي أصدر تحذيرًا واضحًا لا لبس فيه في 25 فبراير. لكن المثال السيئ هو نائب وزير الصحة الإيراني الذي أظهر استسلامه للوباء في مؤتمر صحافي كان يرمي إلى إظهار الحكومة بأنها تسيطر على الأمر.

ومع التردد الذي يطغى على الحكومات، بدأت نظريات المؤامرة التي تخرج من روسيا تثير الشكوك بالفعل، وربما أنها ترمي إلى عرقلة وتشويه طريقة تعاطي الدول الديمقراطية مع الأمر.

وشدد تقرير "إيكونوميست" إلى أن "الوقت الأنسب لإخبار الناس عن المرض هو قبل أن يتحول إلى وباء. ويجدر الذكر أن الوفاة من ذلك المرض مرتبطة بالعمر. وأشاد بسنغافورة كدولة نموذجية تعلمت من فيروس سارس، أن التواصل الواضح والمبكر يحد من مستوى الفزع.

"الدرس الثاني الذي تقدمه التجربة الصينية هو أن الحكومات يمكنها أن تبطئ من انتشار المرض. إن السيطرة على الوباء تعني تقليل العبء على القطاعات الصحية، مما يساعدها على إنقاذ الأرواح. وإذا كان الفيروس موسميًا – مثل الإنفلونزا، فقد تتأخر بعض الحالات حتى فصل الشتاء المقبل، وفي ذلك الوقت سوف يدرك الأطباء بشكل أفضل كيفية التعامل معه. وبحلول ذلك الوقت، قد تكون هنالك لقاحات جديدة وعقاقير مضادة للفيروسات".

نصح التقرير الحكومات أن تستعد للحظة التي ستصل فيها إلى مرحلة النفور الاجتماعي، والتي قد تصل إلى مستوى إلغاء الفعاليات العامة وإغلاق المدارس وجدولة ساعات العمل وما إلى ذلك وأن تسترشد الحكومات بالعلم. ويبدو أن حظر السفر الدولي سيكون أمرًا لا مفر منه، لكنه يوفر القليل من الحماية لأن الناس يجدون طرقًا أخرى للتنقل.

اختتم التقرير بالقول إن "الدرس الثالث هو إعداد القطاعات الصحية لما هو آتٍ. وهذا يستلزم التخطيط اللوجستي الدقيق. إذ تحتاج المستشفيات إمداداتٍ من الملاءات والأقنعة والقفازات والأوكسجين والأدوية، ويجب أن تكون متوافرة لديهم الآن بالفعل. إذ إن بعض المعدات سوف تنفد، بما في ذلك أجهزة التهوية. كما إنهم بحاجة إلى مخطط لكيفية تخصيص أجنحة وأدوار كاملة لمرضى covid-19، وكيفية التعامل في حال إصابة الطواقم الطبية بالمرض، وكيفية ترتيب أولويات الحالات المرضية بين المرضى في حال كانت أعدادهم كبيرة. بحلول هذا الوقت، يتوجب أن يكون هذا العمل قد تم إنجازه".

ورأى التقرير أن الفيروس قد كشف بالفعل عن نقاط القوة والضعف في سلطوية الصين. وسيمثل اختبارًا لجميع الأنظمة السياسية عندما يصل إليها، سواءً في البلدان الغنية أو النامية.