إيلاف من القدس: أبدى مسؤول عسكري إسرائيلي كبير استعداد تل أبيب للتعاون من النظام السوري، مشددًا على بقاء إيران كخطر أكبر على إسرائيل. وبيّن هذا المسؤول أن معلومات تل أبيب تكشف أن الوجود الإيراني في سوريا بات يشكل عبئًا كبيرًا على نظام بشار الأسد.

جاء ذلك خلال حديث هذا المسؤول الاستخباري، الذي طلب عدم نشر اسمه، مع "إيلاف"، حول الوضع الجديد في المنطقة في ظل جائحة كورونا وما يترتب عنها من تغييرات وإسقاطات على أداء الدول في منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع.

وكشف المسؤول أن تقديرات الجيش الإسرائيلي هي أن الأزمة الحالية ستستمر أشهرًا عديدة، وسيكون من الصعب العودة إلى الروتين السابق، والعالم بأسره لن يعود إلى ما كان عليه.

أضاف إن الكثير من الأمور ستتغير، وربما سنشهد نظامًا مختلفًا أو تغييرات في توجهات الدول والعالم من جراء كورونا. وبيّن المسؤول العسكري أن الجيش الإسرائيلي يعمل بالتعاون مع المؤسسات المدنية والأمنية الإسرائيلية على إمكانية التعايش مع كورونا والعمل في ظل وجود الوباء ومحاولة تفاديه والعمل على منع انتشاره إلى جانب تسيير حياة الناس وإعادة عمل الدولة للنهوض بالاقتصاد من أجل تأمين استمرارية الحياة للبشر والمواطنين في الدولة.

خطر إيران وغياب سليماني
ركز المسؤول الإسرائيلي على إيران، التي قال إنها تعاني كغيرها من وباء كورونا، إلا أن هناك تباينًا وعدم وضوح في عدد المصابين أو الموتى لديها، وكيفية مواجهة نظام إيران للوباء، مبيّنًا أن إسرائيل ترى في إيران الخطر الأكبر عليها وعلى منطقة الشرق الأوسط، وأعرب عن خشيته من قيام إيران بزعزعة الأوضاع في الشرق الأوسط نظرًا إلى المعلومات التي عند إسرائيل والتي تفيد بأن إيران لا تزال تحاول العمل عسكريًا عبر فيلق قدس الإيراني في كل الشرق الأوسط.

أضاف المسؤول أن إيران تعاني من جائحة كورونا بشكل كبير، وأن انتشار الوباء هناك كبير جدًا، وعبّر عن عدم ثقته بالأرقام التي تنشرها الهيئات الإيرانية الرسمية.

وقال إن لدى إسرائيل معلوماتها، وإن رصدها للوضع يظهر أرقامًا أخرى وأكبر بكثير مما يصرح به النظام، ورفض الخوض في الأرقام، تاركًا ذلك إلى تقديرات الهيئات الدولية الفاعلة على الساحة بحسب تعبيره.

استطرد المسؤول في الشأن الإيراني قائلًا إن إيران تعاني من أزمة اقتصادية وعقوبات أميركية ودولية قبل كورونا، واستمرت هذه العقوبات بعد كورونا، وإن الولايات المتحدة لم تغيّر رأيها بالعقوبات بسبب كورونا، بل زادتها وعمقتها. وأشار المسؤول إلى أن الأمر يثقل كثيرًا على النظام الذي بات يعاني أيضًا من وباء كورونا وانعدام الثقة بينه وبين مواطني إيران، الذين رأوا أن هذا النظام يكذب عليهم في أمور كثيرة ويبذر أموالهم على سوريا ولبنان وحماس وغيرها.

قال في هذا السياق إن مقتل قاسم سليماني ترك فراغًا كبيرًا في قيادة الحرس وفي استراتيجية إيران تجاه المنطقة، فمن خلفه في المنصب لم يستطع حتى الآن الدخول إلى مقاس سليماني.

أضاف المسؤول إن هذه الأمور مجتمعة تجعل من النظام محاولًا المس بالمصالح الأميركية والغربية والإسرائيلية في الشرق الأوسط عن طريق زعزعة استقرار الخليج والعمل في سوريا ولبنان.

تفعيل البرنامج النووي
وحول خطر البرنامج النووي الإيراني وإمكانية ترك إيران هذا المشروع في ظل الأزمة الحالية، قال المسؤول العسكري الإسرائيلي إن إسرائيل ترصد تحركًا إيرانيًا بالاتجاه المعاكس، أي تنشيط المشروع النووي وعدم تركه، بل والاستمرار بتطويره سرًا ومحاولة القيام بتجارب في هذا المجال. وأضاف إن إسرائيل تراقب عن كثب، ولن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي مهما كلف الأمر.

سوريا ودعم الأسد
عن الوضع في سوريا واستمرار الأزمة فيها هناك قال المسؤول العسكري إن هناك عدم وضوح في مواجهة سوريا لوباء كورونا ويبدو أن الأمور معقدة هناك، والنظام لا يعرف مواجهة الأمر، لأنه لا يعرف الأعداد الحقيقية، وأن مناطق عديدة خارج سيطرته وحتى المناطق التي عاد وسيطر عليها النظام تفتقر لأبسط المقومات والبنى التحتية من أجل العمل على كشف حالات كورونا إن وجدت أم لا، وهناك أمر مهم آخر بحسب المسؤول، وهو احتمال انتقال كورونا بوساطة الإيرانيين وحلفائهم من الميليشيات العراقية والأخرى، والذين يأتون بأعداد كبيرة ومختلفة من إيران إلى سوريا.

وقال المسؤول العسكري إن إسرائيل ترى تغييرًا لدى الرئيس السوري بما يتعلق بإيران، إذ إن إسرائيل لاحظت أن النظام السوري بات يرى وجود إيران في سوريا عبئًا عليه، خاصة في ظل محاولات لإعادة العلاقات مع تركيا بوساطة الروس الذين لا ينظرون إلى تواجد إيران في سوريا بعين الرضى.

ردًا على سؤال إذا كانت إسرائيل مستعدة للتعاون مع النظام السوري إذا أخرج الإيرانيين، قال المسؤول إنه لا توجد لإسرائيل مشكلة مع النظام، بل مع تواجد إيران في سوريا ومحاولاتها مع حزب الله اللبناني تشكيل ميليشيات على غرار حزب الله في الجولان لضرب المصالح الإسرائيلية. وأشار المسؤول إلى أن إسرائيل لا تتحمل هذا الخطر، وتقوم عند الضرورة بالعمل على إبعاد الخطر.

وقال إن إسرائيل تقصف مواقع لإيران ولحزب الله وتجبي ثمنًا ما من النظام السوري الذي بات يعي خطر تواجد إيران عليه ويعمل في الآونة الأخيرة أو يقدم إشارات إلى إسرائيل بطرق شتى أنه لا يرغب في استمرار تواجد إيران على الأرض السورية. وتطرق المسؤول إلى الغارات الأخيرة واستهداف مسؤول من حزب الله على الأراضي السورية. وقال إن الحقيقة في هذه الغارة هي على عكس النشر الذي كان حولها من قبل حزب الله ومقربيه، ولم يفصح أكثر من ذلك.

حزب الله والانطواء
من موضوع إلى آخر انتقلنا مع المسؤول العسكري الإسرائيلي الكبير إلى موضوع لبنان وحزب الله، حيث اعتبر المسؤول الدولة اللبنانية تعيش في أزمة كبيرة قبل كورونا وخلال كورونا وستبقى كذلك إلى ما بعد كورونا. والسبب حسب المسؤول هو حزب الله الذي يسيطر بقوة السلاح على مقدرات لبنان ويأخذ كل الشعب اللبناني أسرى لديه ولمشاريع إيران في المنطقة. أما على الصعيد العملياتي واليومي في الآونة الأخيرة وبالرغم من التوتر الحاصل بين الجانبين، حيث قامت إسرائيل أخيرًا باستهداف سيارة عسكرية تابعة لحزب الله في سوريا، وقبلها قتلت ناشطًا سوريًا عمل لدى الحزب في الجولان السوري، وكان هناك استهداف وغارات متفرقة على مواقع للحزب ومنشآت له ولإيران في سوريا، كما إن الحزب سيّر طائرة بدون طيار أسقطتها إسرائيل في بلدة المطلة الإسرائيلية، ومنها استدلت إسرائيل على نية الحزب القيام بعملية ضد إسرائيل. وبعدها بأيام جاء استهداف السيارة العسكرية في سوريا، ورفض المسؤول التطرق إلى هوية المستهدف، مكتفيًا بالقول إن الحقيقة هي غير ما يسرّبه الحزب والتنظيمات الموالية له في هذا الصدد.

نصر الله والحجر الصحي
عن تحركات الحزب في لبنان وعلى الحدود الإسرائيلية اللبنانية قال المسؤول العسكري إن إسرائيل ترصد انتشارًا مختلفًا للحزب في نقاط معينة وتقليص عدد العناصر في أخرى. وبالمجمل إسرائيل ترى أن هناك محاولة لحزب الله بالانطواء داخل مناطقه وفي الداخل اللبناني، وهو يحاول معالجة وضع بيئته وعناصره في ظل كورونا، ويعمد كما دائمًا على التعتيم والتمويه وعدم نشر الحقيقة حول الوباء والمصابين والذين هم في الحجر الصحي، مثل الأمين العام للحزب، الذي قال المسؤول إنه يخضع منذ فترة لحجر صحي قاس، ولا يسمح له بالاتصال بأي كان، وهو في عزلة تامة، بحسب معلومات المسؤول العسكري الإسرائيلي. ولفت المسؤول إلى أن هناك أنباء تتداولها وسائل الأنباء عن إصابة عدد ليس بالقليل من قادة حزب الله السياسيين والميدانيين بكورونا، وأن قسمًا منهم في غرف الإنعاش، والقسم الآخر يخضع للعناية الطبية في مستشفيات الحزب في الجنوب والشمال اللبناني.

من ناحية أخرى قال المسؤول العسكري إن إسرائيل لم تغيّر من انتشارها العسكري على الحدود اللبنانية وإن إسرائيل على جهوزية تامة في الجبهات كافة.

ولفت إلى أن الجيش وبسبب كورونا وفي محاولة للحد من انتشار الوباء بين صفوفه فإنه لا يسمح للجنود بإجازات أسبوعية، لذلك فإن الحدود الشمالية والجنوبية تشهد كثافة في عدد الجنود، الأمر الذي أدى إلى تعزيز عدد من المواقع على الحدود الشمالية لم تكن فاعلة قبل ذلك، وكانت مغلقة. وحول عدد الجنود المصابين بكورونا قال المسؤول إن عددهم يبلغ 170 جنديًا من نظاميين ودائمين وحالاتهم غير خطيرة، ومعظمهم في منتجع تابع للجيش في جنوب إسرائيل، والذي حوله الجيش إلى مستشفى عسكري خاص بكورونا وبالجنود المرضى بكورونا.

أداء جيد لسلطة رام الله
عن الوضع الفلسطيني في الضفة الغربية في ظل كورونا والتعاون الإسرائيلي الفلسطيني في هذا المجال قال المسؤول إن السلطة الفلسطينية تقوم بإجراءات ممتازة وصارمة للحد من انتشار وباء كورونا في أراضي السلطة الفلسطينية. وأشاد بالتعاون المثمر بينهم وبين الجهات الإسرائيلية. وتوقع المسؤول أن تعبر السلطة الأزمة مثل إسرائيل، وبالتزامن معها. وأضاف إن القيادة الفلسطينية اختارت أن تهتم بحياة وصحة الناس وسط إجراءات قاسية وصارمة، إلا أنها مفيدة في نهاية المطاف، ولكن يبقى الانتظار لمعرفة التأثير على الاقتصاد، وكيف يمكن للسلطة الخروج من الأزمة. وأكد أن إسرائيل تهتم كثيرًا للوضع الاقتصادي الفلسطيني، وتعمل ما بوسعها لمساندة الفلسطينيين في الضفة الغربية.

وأضاف المسؤول إن أزمة كورونا والعمل المشترك والمحاولات لإنقاذ الناس ومساندة الحكومة الفلسطينية أدت إلى بناء ثقة مجددة بين الطرفين خلال الشهرين الأخيرين. وقال إن إسرائيل تتعاون بشكل كبير عبر الإدارة المدنية ووحدة التنسيق مع الجانب الفلسطيني ومحاولة الاستجابة للطلبات الطبية ومساعدة الحالات الإنسانية.

غزة والإشادة بالسنوار
ختم المسؤول العسكري الإسرائيلي الكبير حديثه مع "إيلاف" عن الوضع في غزة وحماس بقوله إن التعليمات لدى قيادة الجيش من المستوى السياسي عبر رئيس الوزراء ووزير الدفاع هي التوصل إلى تهدئة مع حماس والاستمرار في هذه الجهود، خاصة في ظل الأزمة العالمية المتمثلة في وباء كورونا، ومحاولة الاستفادة من الوضع الجديد، وحاجة حماس إلى مكاسب ومواجهة كورونا.
وأضاف المسؤول إن هناك نية لدى حماس للتهدئة والتوصل إلى ترتيبات طويلة الأمد. ووصف قائد حماس بغزة يحيى السنوار بالشخص العملي والذكي، والذي يعرف كيف يمكن العمل والاستفادة من الظرف الحالي، وإن إسرائيل ترى فيه شريكًا في التهدئة.

عن تصريح السنوار حول حجب التنفس عن ستة ملايين يهودي إذا لم توجد أجهزة تنفس لمرضى كورونا في غزة، قال المسؤول إن إسرائيل تفهم هذا التهديد بأنه للاستهلاك المحلي في غزة.

وأضاف إن هذا التصريح جاء بالتزامن مع الحديث عن إمكانية تبادل أسرى ومفقودين بين إسرائيل وحماس، وإن الأمر على جانب كبير من الأهمية، وأن هناك فرصة لدى حماس لإنهاء هذا الملف، وكسب الكثير، خاصة في مجال تهدئة وترتيبات طويلة الأمد تمنح الجانبين الهدوء.