أسامة مهدي: ودعت ضحية العنف الاسري العراقية ملاك الزبيدي الدنيا اليوم تاركة وراءها أسا وغضبا شعبيا واسعا بعد ان دقت ناقوس خطر تصاعد العنف الاسري ضد المرأة وضرورة تجاوز العقول المتخلفة في البرلمان العراقي التي ماتزال ترفض تشريع قانون يحد من هذا العنف.

فقد توفيت الفتاة النجفية العشرينية ملاك الزبيدي اليوم السبت متأثرة بحروق اصابت جسدها اثر اقدامها الاسبوع الماضي على احراق نفسها بعد ان اعتدى عليها زوجها بعنف شديد.

وقالت مستشفى مدينة النجف (160 كم جنوب بغداد) ان ملاك توفيت بعد اصابتها بالتسمم نتيجة الحروق التي لحقت بها وتأخر نقلها الى المستشفى حيث توقفت خلال الساعات الاخيرة كليتيها وحصلت مشاكل في رئتيها.

واثار الحادث غضبا وتعاطفا رسميا محليا ودوليا وشعبيا عبرت عنه تعليقات المئات من المتابعين على شبكات التواصل الاجتماعي.

ودعا السفير البريطاني في بغداد ستيفن هيكي امس السلطات العراقية إلى الإسراع في إكمال التحقيقات المتعلقة بحادثة تعرض ملاك للحرق بعد تعرضها لعنف أسري من قبل زوجها وعائلته.

وقال هيكي في تغريدة على تويتر "نشعر بحزن شديد تجاه قضية ملاك الزبيدي ونأمل إتمام التحقيقات بسرعة".. مؤكدا أن بلاده خصصت مبلغ مليوني جنيه استرليني (3 ملايين دولار) لدعم الخدمات التي تعنى بالعنف المنزلي.

كما وجّه وزير الداخلية ياسين الياسري بتشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ قرارات القضاء في هذه القضية برئاسة قائد شرطة المحافظة والدوائر الرقابية حيث تم اعتقال اربعة اشخاص على علاقة بالقضية بينهم زوجها وهو ضابط أمن عراقي وآخرين من عائلته.

واشارت مصادر مقربة من عائلة الضحية الى ان ملاك اقدمت على حرق نفسها بعد شجارعنيف وقع بينها وبين زوجها الذي منعها من زيارة عائلتها منذ 8 اشهر فأقدم على ضربها بشدة فهربت منه إلى حديقة المنزل وهددته بحرق نفسها إلا أنه لم يبالِ فسكبت البنزين على نفسها واعطاها زوجها الولاعة لتشجيعها على تنفيذ تهديدها فأشعلت النار بجسدها.

غضب وتعاطف

وشدد معلقون ومغردون على شبكات التواصل الاجتماعي تابعتهم "إيلاف" على ضرورة مساعدة المعنفات والحد من حالات الانتحار بسبب العنف المنزلي وأهمية تشريع قوانين تساعد الزوجات.

واشاروا الى ان نتهاك حقوق المرأة والأنسان يمارس بشكل واسع في العراق.

وقال معلق اسمه ابراهيم "ان السلطات العراقية في العام الماضي قد أحرقت عمداً عشرة فتيات عراقيات كُنَّ يقمن في دار للرعاية الأجتماعيه بمنطقة الأعظمية في بغداد ثم اغلقت التحقيق بالحادث واعتبرته تقصيراً من الفتيات ! وكان موضوعهن نفس موضوع الشابة ملاك الزبيدي هو أحتجاجاً على المعاملة اللا انسانية والقذره من قبل الحكومة والمسئولين عن دار الرعايه".

والدة ملاك تتحدثت عن حال ابنتها

ومن جانبه اوضح معلق اسمه عبد اللطيف "ان تلك الفتاة هي بنت بلدي ومن مدينتي بالذات ذهبت ضحية لنظام قذر وقوانين واعراف تُجيز و تُشجع على ارتكاب مثل هذه الجرائم والثلاثة ملايين دولار التي سلمتها بريطانيا للحكومة العراقيه والتي تعتبر كدعم ستذهب الى جيوب اللصوص من رجال الدين واحزابهم والتي كان من المفروض بكم ان تنفقوها على الضحية مباشرة وليس ان تكافئوا بها القتلة اللصوص . رحم الله ملاك الزبيدي وانتقم من المجرمين".

وطالب الناشط حسين بمحاسبة كل من ساهم في قيام السيدة بحرق نفسها او قام احد بحرقها رحمها الله.

المزيد على "إيلاف"
لندن حزينة لمأساة فتاة عراقية أحرقت نفسها احتجاجاً

تشريع معلق برغبات احزاب دينية

وكان الرئيس العراقي برهم صالح قد اعلن في 15 أيلول سبتمبر 2019 الانتهاء من إعداد مشروع قانون "مناهضة العنف الأسري وإرساله إلى مجلس النواب بغية تشريعه.. موضحا ان الهدف منه هو حماية الأسرة من العنف الذي يقع على أحد أفرادها... وخاصة النساء والفتيات والأطفال على نحو يضمن دفع الأذى عن العائلة ومناهضته كونه يتقاطع مع قيمنا الاجتماعية والمفاهيم الدينية والقرآنية التي حثت على احترام حقوق النساء.

وتم طرح المسودة الأولى التي تحمل اسم هذا المشروع قبل 8 سنوات في عام 2012 لكنه بقي معلقا في مجلس النواب منذ عام 2015 وحالت الأحزاب الدينية دون مناقشتها على الرغم من أن جماعات حقوقية اعتبرتها غير مثالية وغير منصفة بالقدر الكافي للمرأة.

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية قد انتقدت التأثير الكبير للسلطة الدينية في ما يتعلق بالتشريعات والقوانين المتعلقة بحقوق المرأة وسلامتها واشارت الى إن "الاحترام لتفسير صارم للغاية لتقاليد دينية من قبل من يرغبون فيها لا ينبغي أن يكون على حساب حقوق النساء والفتيات في العراق".

وتشير تقديرات رسمية إلى أن واحدة من كل 5 سيدات في العراق تتعرض للعنف الأسري البدني.