تطالب العديد من دول العالم برفع دعاوى قضائية ضد الصين الشعبية لمطالبتها بالتعويضات المالية عن الخسائر الاقتصادية والبشرية التي تكبتها بسبب جائحة كورونا، إن بحجة أن الصين هي من صنع الفيروس، أو بحجة أنها أخفت معلومات مهمة عن العالم في مراحل التفشي الأولى.

إيلاف من بيروت: قالت وزارة الخارجية الصينية، إن بكين تثمن موقف موسكو، الذي يعتبر أنه من غير المقبول أن يطالب بعض السياسيين في دول بعينها بتعويض من الصين عن انتشار فيروس كورونا.

وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن من غير المقبول إلقاء اللائمة على الصين بشأن انتشار الوباء، "فالصينيون يحاولون بكل السبل الممكنة مساعدة البلدان الأخرى ويتشاركون خبراتهم التي اكتسبوها في خضم مكافحة هذا الفيروس".

سألت "إيلاف" القارئ العربي: "هل تؤيد المطلب القائل بوجوب مطالبة الصين بدفع تعويضات عن أضرار كورونا؟". شارك في هذا الاستفتاء 969 قارئًا، أجاب 649 منهم بـ "نعم"، بنسبة 67 في المئة، فيما أجاب 320 منهم بـ "لا"، بنسبة 33 في المئة.

بالقانون

ينقسم الخبراء في شأن مطالبة الصين قانونيًا بالتعويض عن الضرر الذي تسبب فيه تفشي كورونا في العالم، فلم يسبق أن طرحت مسألة مشابهة في القانون الدولي.

يقول بعض هؤلاء الخبراء إنه يكفي أن تكون الدولة مسبب وقوع الضرر من الناحية الموضوعية لتحميلها المسؤولية وتبعات المسؤولية. ففكرة المسؤولية تبدأ بإجداث ضرر وتنتهي بدفع تعويض، من دون اي حاجة لرابط ضروري بين البداية والنهاية. وبحسب هؤلاء، يكفى إثبات أن ضررًا حصل لشخص دولي من شخص دولي آخر لتقرير مسؤولية دولة الشخص مسبب الضرر.

في المقابل، يرى آخرون أن ليس كل عمل ضار لا يشكل إخلالًا بالقانون الدولي،ولهذا لا يرتب لزومًا مسؤولية قانونية. فربما يكون تصرف الدولة مشروعًا ومع ذلك يضر بمصالح دولة أخرى.

"تشاينا مَست باي"

لكن... ربما يشعر الناس في معظم دول العالم أن الصين مسؤولة، بطريقة ما، عن تفشي هذا الوباء، إن كان مصدره الخفافيش وآكلوها كما قيل، أو كان مصدره مختبر بيولوجي في ووهان كما شاع. لذا يعتقدون أن تحميل الصين المسؤولية يجر بالتالي مطالبتها بتعويضات عن خسائر بشرية واقتصادية أصابت الأغلبية العظمى من دول العالم.

وانتشر على تويتر هاشتاغ #ChinaMustPay حافلًا بتغريدات تطالب بتدفيع الصين تعويضات كبيرة عما اصاب البشرية بسبب تصنيعها الفيروس، أو إخفائها معلومات عن تفشيه في مراحله الأولى.

هذا، وقد أكد الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات البريطاني السير جون ساورز أن الصين أخفت فيروس كورونا عن الغرب، وحملها المسؤولية في التهرب من تسريب هذا الوباء القاتل.

أضاف أن بكين لم تكن صادقة في موقفها عندما ظهر المرض أول مرة على أراضيها، وواجهت حينها "الغضب" من المجتمع الدولي، وأن منظمة الصحة العالمية تواجه أسئلة خطيرة لفشلها في التدقيق في أنشطة الصين، على الرغم من أنه مفترض على الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن يوجه غضبه إلى الصين بدلاً من الوكالة الأممية.

خسائر كان يمكن تجنبها

كانت دراسة بريطانية نشرت في مطلع أبريل حول أزمة تفشي كورونا في المملكة المتحدة دعت إلى ضرورة مطالبة الصين بمبلغ 430 مليار دولار تعويضًا عن الخسائر التي سببها انتشار الفيروس.

تقول تقارير اقتصادية إن تفشي الفيروس كبد المجموعة الصناعية الكبرى (أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وكندا) خسائر اقتصادية فادحة، تقدر بنحو 4 تريليونات دولار.

وفي تقرير أعدته جمعية هنري جاكسون البريطانية، عنوانه "تعويض الفيروس التاجي: تقييم الذنب المحتمل للصين وسبل الاستجابة القانونية"، جاء أن هذه الخسائر كان يمكن تجنبها لو لم تخف الصين الحقائق عن فيروس كورونا المستجد، وأن بريطانيا اتخذت سلسلة من القرارات الخاطئة بناءً على معلومات خاطئة أعلنتها الصين ومنظمة الصحة العالمية، مثل عدم إلغاء الرحلات الجوية بين لندن ووهان.

بناء على تقارير مشابهة، قدّم السيناتور الأميركي توم كوتون والنائب دان كرينشو الجمهوريان في 17 أبريل الجاري مشروع قانون يسمح للأميركيين بمقاضاة الصين في المحكمة الفيدرالية الأميركية للحصول على تعويضات الوفاة والإصابة والضرر الاقتصادي الناجم عن فيروس كورونا المستجد.

وأرسل السيناتور الجمهوري مايك روبيو رسالةً إلى ترمب يدعوه فيها لتشكيل تحالف دولي وفتح تحقيق دولي في إخفاء الصين تفاصيل الفيروس، وفشلها في تقديم تحذيرات ملائمة للعالم.

لا دليل.. ولكن!

على الرغم من أن دراسات علمية كثيرة تؤكد أن لا دليلًا على أن فيروس "كوفيد19" تم صنعه في مختبر أو هندسته بأي شكل آخر، بعدما حلّل العلماء بيانات تسلسل جينوم كورونا المستجد والفيروسات ذات الصلة، تقدم المحامي الأميركي لاري كلايمان في مارس الماضي بدعوى قضائية أمام محكمة منطقة شمال ولاية تكساس طالبًا تغريم الصين 20 تريليون دولار، متهمًا السلطات الصينية بتطوير فيروس كورونا ونشره.

قال كلايمان إن الفيروس صنعته الصين ليكون سلاح بيولوجيًا، بحسب موقع مجموعة "فريدوم ووتش" الحقوقية التي يرأسها كلايمان.

في مصر، أرسل محامون مصريون إنذارًا إلى سفير بكين في القاهرة لياو ليتشيانغ، وطالبوا بلاده بدفع 10 تريليونات دولار لمصر تعويضًا عن الخسائر التي لحقت بها بسبب فيروس كورونا؛ إلا أن ليتشيانغ وصف هذا الإنذار بأنه أمر "مثير للسخرية".

وغرد ليتشيانغ على "تويتر": "لاحظنا أن بعض القوى المعادية للصين في المجتمع الدولي تدعى أخيرًا أن الصين يجب عليها تحمّل المسؤولية عن تفشي كورونا، وتطالب الصين بالتعويض".

إحصائيات إنتشار فيروس كورونا في الصين