نصر المجالي: نعى السودان، المفكر والسياسي المعروف الدكتور منصور خالد، الذي غيبه الموت ليل الأربعاء – الخميس بعد صراع طويل مع المرض عن عمر ناهز الـ89 عامًا.

وأمضى الدكتور خالد صاحب المؤلفات والسجالات والمعارك السياسة الشائكة الطويلة نحو 65 عاما في العمل الدبلوماسي والفكري والثوري، وقدم للمكتبة العربية العديد من الكتب المرموقة.

وقال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، في نعيه له الذي نشرته وكالة السودان للأنباء إن "الدكتور منصور خالد ظل طوال حياته مشغولا بالبذل والعطاء العملي والنظري، فشغل مواقع سياسية ودبلوماسية بالسودان والمنظمات الدولية".

نصيحة وراي

وأضاف أن منصور خالد "حتى في آخر أيامه لم يبخل على الحكومة الانتقالية بالرأي والنصيحة في موضوع السلام وقضايا أخرى، وعبّر عن فخره بالشباب السوداني الذي أنجز الثورة".

وتابع حمدوك قائلا في بيانه: "بفقدنا الدكتور منصور خالد يهوي عمود من أعمدة التدوين الرفيع والنقد الجريء للتاريخ السياسي السوداني، فقد وضع آراءه وأفكاره في مجلدات ضخمة تمثل ثروة لأجيال بلادنا".

ونعى حزب "المؤتمر السوداني" خالد قائلا إنه "كرس حياته لخدمه الوطن من خلال عمله السياسي وإنتاجه الفكري". وأضاف الحزب في بيان: "برحيل خالد، تفقد البلاد علما بارزا من أعلامها، ممن عمل من أجل وحدة ورفعة السودان".

مناصب سياسية

وكان الراحل منصور خالد شغل مناصب عديدة في حكومة الرئيس الأسبق جعفر نميري، آخرها منصب وزير الخارجية بين عامي 1971 و1974.

كما حفلت حياته السياسية بمحطات عدة، حيث عمل أولا سكرتيرا لرئيس مجلس الوزراء عبد الله عبد الله (1956 ـ 1958)، ثم انتقل إلى العمل في الأمم المتحدة، كما تولى منصبي وزير الشباب والخارجية، ومستشار للرئيس نميري بين 1969 و1985.

الحركة الشعبية

ولاحقا، انضم خالد إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان، التي كانت تخوض قتالا من جنوب السودان ضد حكم الرئيس المعزول عمر البشير، قبل أن توقع معاهدة سلام عام 2005، ما أدى فيما بعد إلى انفصال جنوب السودان في 2011.

وألّف خالد كتبا عديدة، أبرزها: "النخبة السودانية وإدمان الفشل"، و"السودان.. أهوال الحرب.. وطموحات السلام (قصة بلدين)"، و"جنوب السودان في المخيلة العربية"، و"حوار مع الصفوة"، و"الفجر الكاذب" و"تكاثر الزعازع وقلة الأوتاد" وهو مجموعة مقالات، وهي آخر ما صدر للدكتور منصور خالد.

ولد منصور خالد في مدينة أم درمان في يناير 1931، وتلقى جميع مراحل تعليمه حتى المرحلة الجامعية في السودان، وهو يتحدر من أسرة أمدرمانية عريقة فجده الشيخ (محمد عبد الماجد) المتصوف المالكي، وكان الجد هو الأخ الشقيق لجد منصور لأمه الشيخ (الصاوي عبد الماجد) الذي كان أيضاً قاضيا شرعيا وعمل في تدريس الفقه إلا أن أسرته قد غلب عليها طابع التصوف وهو ما وثقّه منصور بنفسه في سيرته "الماجدية".

مراحله التعليمية

تلقى منصور خالد جميع مراحل تعليمه حتى المرحلة الجامعية بالسودان. درس الأولية في أمدرمان، ثم مدرسة أمدرمان الأميرية الوسطى، ثم مدرسة وادي سيدنا الثانوية العليا، ثم كلية الحقوق جامعة الخرطوم والتي زامله فيها الدكتور حسن الترابي ورئيس القضاء الأسبق خلف الله الرشيد ووزير العدل الأسبق عبد العزيز شدو. حصل على الماجستير في القانون من جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأميركية، والدكتوراه من جامعة باريس.

ويشار إلى أنه لفترة قصيرة -بعد إكمال دراسته- عمل منصور خالد بالمحاماة، ثم عمل بعد ذلك سكرتيراً لرئيس وزراء السودان عبد الله بك خليل (1956-1958) وأنتقل بعدها للعمل بـالأمم المتحدة في نيويورك ثم منظمة اليونسكو بباريس. وعمل استاذا للقانون الدولي بجامعة كولورادو بالولايات المتحدة.