أسامة مهدي: في أول أجراء حكومي عراقي من نوعه منذ انطلاق تظاهرات الاحتجاج قبل 8 أشهر فقد توجه وفد رسمي يضم مستشارين لرئيس الحكومة الكاظمي الى محافظة واسط الجنوبية ودخلت خيام المحتجين ودوّن مطالبهم التي تركزت على الدعوة لاقالة المحافظ وتقديمه للمحاكمة لاشتراكه بقتل المتظاهرين وافساد الاجهزة الرسمية، فيما توسعت هذه المطالب الى محافظات جنوبية أخرى.

وأعلن المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عن إجراء الحكومة أول لقاء مع المتظاهرين في محافظة واسط (160 كم جنوب شرق بغداد).. وقال في بيان تابعته "إيلاف" اليوم أن "وفدا من مستشاري رئيس الوزراء قد التقى ممثلين عن المحتجين والناشطين في محافظة واسط".

وأشار إلى أن اللقاء جرى مع الوفد الحكومي في خيمة للمحتجين على الطريق المؤدي الى حقل الأحدب النفطي وتم خلاله الإستماع لمطالب المحتجين حيث تعهد الوفد بنقل المطالب الى رئيس الوزراء.

فيديو اجتماع الوفد الحكومي مع محتجي محافظة واسط:

وظهر مقطع فيديو مدته دقيقتان و20 ثانية حصلت عليه "إيلاف" مبعوث الكاظمي الى المحافظة الدكتور هشام دواد في خيمة للمتظاهرين وهو يستمع لمطالبهم ويدون شكاويهم.

وقد تركزت مطالب المحتجين على ضرورة إقالة المحافظ محمد جميل المياحي واحالته الى المحاكم بتهمة اشتراكه في قتل المتظاهرين من خلال اصدار اوامره الى القوات الامنية بإطلاق النار عليهم. كما اتهموا المحافظ بالفساد ونهب ثروات المحافظة، الامر الذي حولها الى "محاظة خربة" على حد قولهم.

وكانت إدارة حقل الاحدب النفطي غرب الكوت عاصمة محافظة واسط وهي المستثمر من شركة صينية قد اعلنت في وقت سابق عن توقف إنتاج الغاز السائل من الحقل بسبب وصول المتظاهرين الى قرب الحقل وغلقهم الطريق المؤدي اليه.

محتجون في الكوت

ومن جهته، علق النائب الاول لمحافظ واسط عادل الزركاني قائلا في تصريح صحافي "نحترم مطالب المتظاهرين وندعو لأن يتم تنفيذها شريطة ان تكون بطرق قانونية وسلمية وبعيدا عن اجراءات الضغط وإحداث الفوضى لأن السلم الاهلي اهم لدينا من أي شيء آخر" بحسب قوله.

وكان محتجو واسط قد تلوا بيانا أعلنوا فيه "سقوط" الحكومة المحلية في المحافظة ومنع نواب المحافظة من دخولها وتوكيل مهمة إدارة المحافظة الى القضاء، مؤكدين على استمرار حراكهم لحين التماس الجدية في تحقيق مطالبهم.. مشددين على أن أول هذه المطالب محليا هو إقالة المحافظ ونائبيه.

وكان الكاظمي قد اكد الثلاثاء الماضي على عدم التساهل مع اي اعتداء يتعرض له متظاهرو الاحتجاجات وشدد على حماية حق التظاهر مشدداً على أن حكومته هدفها تحقيق تطلعاتهم المشروعة".. وقال "إننا لن نجامل على حساب كرامة المواطن ومصلحة الوطن ونعمل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ومواجهة الأزمات وتنويع موارد الدولة".

مطالب المحتجين تحولت إلى التركيز على المحلية

ويبدو ان تحولات قد طرأت على مطالب المتظاهرين في العاصمة بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية من الحكومة الحالية بعد استقالة حكومة عادل عبد المهدي تحت ضغط الاحتجاجات ومنح مجلس النواب الثقة لحكومة الكاظمي و15 حقيبة وزارية من تشكيلته الحكومية في السابع من الشهر الحالي.

فقد تحولت المطالب باسقاط النظام الى اسقاط الحكومات المحلية بعد ان أكد الكاظمي اصراره على اجراء انتخابات مبكرة وهو احد المطالب الرئيسية للحراك الشعبي.

وعقب يومين على تشكيل الحكومة الجديدة اندلعت تظاهرات احتجاجية في عدد من المحافظات الوسطى والجنوبية إلا أن مطلبا جديدا برز الى الواجهة كما قالت وكالة "بغداد اليوم" في تقرير لها تابعته "إيلاف" وذلك بمطالبة المتظاهرين في محافظات الديوانية وميسان وواسط بإقالة محافظيها.

ففي محافظة الديوانية (180 كم جنوب بغداد) اندلعت تظاهرة سلمية الأحد قال الناشط فيها عمار الخزعلي إن "المتظاهرين أضافوا مطلبا مهما يتضمن إقالة المحافظ زهير الشعلان ونائبيه كشرط لمنح حكومة الكاظمي وقتاً محدداً لتنفيذ التعهدات التي رفعتها بشأن المتظاهرين مع الاشتراط على إبداء حسن نية يلمسه المتظاهرين.

وأكد أن "هذا المطلب والذي رفع بمحافظات اخرى طالبت بإقالة محافظيها لم يبنَ على عداوات شخصية وإنما تحقق باتفاق جميع تنسيقيات التظاهرات كون المحافظين اشتركوا بعملية قتل المتظاهرين وبما أن الكاظمي وعد بمحاسبة القتلة فعليه أن يقيلهم ويحيلهم للقضاء".

لكن النائب الأول لمحافظ الديوانية فارس وناس اعتبر ان المطالبة بإقالة المحافظين ستعقد المشهد وستفقد إحدى حلقات التواصل بين الحكومة المحلية والمركزية منوها الى ان تغيّر الأشخاص لا يأتي بالحلول، بحسب قوله.

وفي محافظة ميسان (365 كم جنوب بغداد) طالب المتظاهرون بإقالة الحكومة المحلية وأعلنوا رفضهم استمرار المحافظ علي دواي في منصبه وأمهلوا مدراء الادارات 48 ساعة للاستقالة حيث انتهت هذه المهلة.

وسبقهم في ذلك متظاهرو محافظة واسط، حيث أكد حيدر العبودي أحد المتظاهرين أن "المتظاهرين مستمرين بتظاهراتهم لحين التماس الجدية في تحقيق مطالبهم".. مشددا على أن "أولى تلك المطالب محليا هي إقالة المحافظ ونائبيه".

ومن جهته رأى النائب نحمود الزجراوي عن تحالف سائرون المدعوم من مقتدى الصدر أن الدعوات التي رفعت في بعض التظاهرات بداية الاسبوع الحالي لإجراء تغييرات في الحكومات المحلية وتغيير محافظين تقف خلفها جهات سياسية.

وقال إن "المطالبات والدعوات بتغيير المحافظين هي مطالب بعض الأحزاب السياسية خصوصاً ان هذه الأحزاب اخترقت التظاهرات وهي الآن تُسيرها".. مؤكدا ان "هدف تلك الأحزاب اخراج بعض المحافظين، حتى تقوم هي بالاستيلاء على هذا المنصب".

واشار الى ان العراق يمر بظروف عدة وخصوصاً في ما يتعلق بالوضع الصحي ولا يتحمل التصفيات السياسية من خلال استخدام الشارع العراقي.

وشهد العراق في الاول من أكتوبر 2019 اندلاع احتجاجات مليونية غير مسبوقة أرغمت رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي على الاستقالة في نهاية نوفمبر 2019 تحت ضغط توسع هذه الاحتجاجات المطالبة برحيل ومحاسبة الطبقة السياسية الحاكمة المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة ورهن ارادتها بإيران حيث واجهتها القوات الامنية والمليشيات العراقية الموالية لطهران المرافقة لها بالعنف المفرط، ما ادى الى مقتل 600 متظاهر واصابة 23 الفا آخرين بجروح، اضافة الى اغتيال واختطاف العشرات من الناشطين.