أسامة مهدي: أكد نائب الرئيس العراقي السابق طارق الهاشمي المحكوم بالإعدام في بلده والذي تمت تبرئته دولياً استعداده اليوم لتسليم نفسه إلى القضاء لإعادة محاكمته بضمانات عراقية وأممية وتقاض عادل وفق دستور البلاد.

وقال الهاشمي في اتصال هاتفي مع "إيلاف" الخميس من الدوحة حيث يقيم حالياً تعليقاً على تسليم وزير المالية العراقي الاسبق رافع العيساوي نفسه إلى القضاء العراقي الثلاثاء الماضي من أجل إعادة محاكمته بتهم "ارهاب" حكم عليه نتيجتها بالسجن 7 سنوات غيابياً.. "أن هذا تطور طيب ومجرد قرار العيساوي تسليم نفسه فإنه دليل يؤكد براءته من جميع التهم التي نسبت اليه في السابق ولهذا أتمنى تبرئة ساحته تمهيداً لاستعادة وضعه الطبيعي وليواصل خدمة وطنه".

وأشار إلى أن هذه "فرصة امام القضاء العراقي ليستعيد استقلاليته وعافيته بعد ان تعرض في الماضي إلى ضغوط وتدخلات عرقلت العدالة وحكم القانون وسأكون سعيداً للغاية عندما أرى سجل الحكومة العراقية طيباً في ملف حقوق الانسان".

وقال "صحيح ان الكل يتمنى ازالة الظلم الذي لحق بالعيساوي لكن المستفيد الاكبر من تكريس العدالة هو الوطن ذلك لان العدالة تقود للاستقرار والاستقرار مفتاح التنمية والتقدم ونحن اليوم في العراق بأمس الحاجة إلى ذلك".

نحو مراجعة شاملة لملفات سياسيين من العرب السنة

وعبر الهاشمي عن الامل في أن "تفتح هذه الحادثة المجال امام مراجعة شاملة لملفات العديد من السياسيين من العرب السنة والذين كانوا تعرضوا للاستهداف في زمن سابق".

وعما إذا كان هو في المقدمة منهم شدد الهاشمي بالقول "بالطبع وهنا أكرر ما سبق أن أعلنته في مناسبات عدة: "لقد برأني الانتربول عام 2013 وإنا جاهز للمثول أمام القضاء العراقي في اي وقت من أجل تبرئة ساحتي من جميع التهم المنسوبة اليّ وكل الذي اطلبه ضمانات بتقاض عادل وفق الدستور.. وهذا من حقي كمتهم".

وحول الضمانات التي يطلبها أوالشروط التي يرى توفرها ليعود إلى العراق ويسليم نفسه إلى القضاء اكد الهاشمي قائلا "أبداً لن أشترط على أحد إنما أنبه إلى قضية مركزية نصت عليها المادة 19/ سادساً من الدستور العراقي وهي: لكل فردٍ الحق في أن يعامل معاملةً عادلةً في الإجراءات القضائية والإدارية." منوها إلى ان من حقه المطالبة بها وهي من صالح الجميع.

البحث عن الحقيقة

وقال الهاشمي "لقد عانينا كثيراً في الماضي من قضاء تأثر كثيراً بفعل ضغوط وتدخلات افقدته استقلاليته وحياديته واذا كانت الحقيقة هي ما نبحث عنها فإن هذه الحقيقة تبقى رهن التقاضي العادل رغم ان لديّ مؤشرات طيبة على معالجة منهجية من جانب القضاء لمظالم ارتكبت في الماضي يجري تصحيحها في الوقت الراهن".

وحول الضمانات التي يطلبها اوضح الهاشمي انها يمكن ان تكون من مسؤولين عراقيين رفيعي المستوى او من ممثلية الامين العام للامم المتحدة في العراق "يونامي ".

وكان الهاشمي نائب رئيس الجمهورية السابق وهو زعيم سياسي سني قد اتهمته الحكومة في عهد رئيسها السابق نوري المالكي في عام 2011 في اليوم الذي تلا اتمام القوات الاميركية لانسحابها من العراق "بجرائم إرهاب" حيث حوكم غيابيا وصدر ضده حكم بالاعدام ما ارغمه على اللجوء إلى إقليم كردستان العراق الشمالي ثم انتقل إلى اسطنبول التركية ومنها إلى العاصمة القطرية الدوحة حاليا.

طارق الهاشمي خلال لقاء مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان

الانتربول يبرئ الهاشمي

وفي التاسع من سبتمبر عام 2012 أصدرت المحكمة الجنائية العراقية المركزية حكماً غيابياً بالإعدام شنقاً ضد طارق الهاشمي بعد "إدانته" بتهم إرهابية لكنه نفى هذه التهم التي وجهتها المحكمة له ولعشرات من افراد حمايته المعتقلين قائلا انه لا يثق بالقضاء العراقي لانه تحت سيطرة الحكومة وان هذه التهم ذات دوافع سياسية محملا المالكي مسؤولية إذكاء الانقسام الطائفي في البلاد.

وأكد أن محاكمته سياسية لأنها في رأيه "تهدف إلى إقصائه عن ممارسة دوره في العملية السياسية التي يحتاجها العراق للنهوض من كبوته".

وأصدرت الشرطة الجنائية الدولية الانتربول مذكرة اعتقال "حمراء" في 19 ديسمبرعام2012 بحق الهاشمي بناء على طلب من السلطات العراقية التي احالته إلى القضاء بتهم "تدبير وتمويل هجمات ارهابية" بحسب زعمها.

لكن الشرطة الدولية نفسها الغت مذكرة الاعتقال تماما في مايو عام 2016 بعد ان تأكدت من زيف الاتهامات التي سيقت ضد الهاشمي الذي عبر عن سعادته لرفع الانتربول اسمه نهائيا من قائمته الحمراء للمطلوبين بالاعتقال، معتبرا أن القرار أثبت أن القضاء في العراق مسيس.

وقال الهاشمي في تصريح صحافي أثرها "أشعر بالسعادة ليس لأن الإنتربول برّأني فأنا أعرف أنني بريء، بل لأن القرار مكنني من استعادة حرية تنقلي بين الدول للدفاع عن متهمين أخِذوا بمجرد الشبهة في العراق". وأضاف أن دليل البراءة هذا جاء من منظمة دولية رصينة، لكن الأحكام في داخل العراق لا تزال سارية المفعول.. معتبراً أن تبرئته تثبت أن "القضاء العراقي مسيس ويحكم بالشبهة وتصفية الحسابات".

وأشار الهاشمي إلى أن قرار البراءة يؤكد عجز الحكومة العراقية عن تقديم معلومات للإنتربول تثبت صحة الاتهامات التي ساقتها ضده معتبرا أن المنظمة الدولية انتصفت له وهو ما يفتح ملف العدالة في العراق.

ولدى رفعها لاسم الهاشمي نهائيا من قائمتها الحمراء للمطلوبين للاعتقال قالت لجنة الرقابة في الشرطة الجنائية الدولية "الانتربول" إنها "تأكدت من أن المعلومات التي قدمتها السلطات العراقية للقبض على الهاشمي أظهرت شكوكا قوية في صحتها"، مما دفعها إلى رفع اسمه وتلك المعلومات نهائيا من ملفاتها.

العيساوي "متهم" آخر... سلم نفسه للقضاء

والثلاثاء الماضي أعلن في بغداد عن اعتقال نائب رئيس الوزراء وزير المالية العراقي السابق في حكومة المالكي المحكوم غيابيا بالسجن سبع سنوات بتهم ارهاب رافع العيساوي بعد تسليم نفسه إلى القضاء للتحقيق معه حول الاتهامات الموجهة له وإعادة محاكمته في خطوة يعتقد انه سيحصل خلالها على البراءة من تهم "الارهاب" التي الصقت به.

رافع العيساوي يستقبل معارفه وأصدقاءه بعد عودته إلى بغداد

وقال المجلس الاعلى للقضاء العراقي إن القاضي المختص بنظر قضايا جهاز مكافحة الارهاب قرر"توقيف المتهم رافع جياد العيساوي وفق احكام قانون مكافحة الارهاب لاجراء التحقيق معه عن الجرائم المتهم بها بعد ان قام بتسليم نفسه إلى جهات التحقيق المختصة" ثم تم إطلاق سراحه بكفالة مالية.

واشارالقضاء إلى انه سوف تعاد محاكمة العيساوي عن التهم المنسوبة له حسب احكام قانون اصول المحاكمات الجزائية التي تجيز للمحكوم غيابياً بالسجن الاعتراض على الحكم ومحاكمته مجدداً حضورياً وفق القانون.

وشغل العيساوي الذي ينتمي إلى كتلة اتحاد القوى الوطنية (السنية) منصب نائب رئيس الوزراء وزير المالية في الحكومة العراقية بين عامي 2008 و2014 عندما كان نوري المالكي رئيسا للوزراء لكنه قدم استقالته من منصبه قبل أن يعزل بتهم قيل انها تتعلق بالإرهاب وصفتها العديد من الأطراف بأنها كانت بدوافع سياسية كيدية.

وعرف العيساوي بظهوره في ساحات التظاهر والاعتصام التي شهدتها محافظة الأنبار ضد المالكي عام 2013.

ومن المعتقد أن تسليم العيساوي نفسه إلى القضاء العراقي يأتي في إطار صفقة تستهدف عودته إلى الساحة السياسية. يشار إلى أن عدداً من القيادات السياسية العراقية السنية كان قد تعرض خلال حقبة رئاسة المالكي للحكومة التي استمرت 8 سنوات لاتهامات كيدية بالارهاب وهرب كثير منهم إلى خارج العراق.