عادت الاحتجاجات إلى سوريا بعد أن دخل الصراع في البلاد عامه العاشر. وعاد سكان منطقة جنوب- شرق سوريا هتافات معادية للنظام وهي نفس الهتافات التي أشعلت الحرب.

وشهدت المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية تظاهرات نادرة من نوعها هذا الشهر على خلفية الارتفاع الكبير في تكاليف المعيشة.

ونشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا عن الوضع في سوريا أشارت فيه إلى أن الأسد لم يعد لديه حل للأزمة وأن الأمور باتت تتدهور من سيء إلى أسوأ.

وقال التقرير إن الموالين السابقين للأسد ارتدوا ضده ولكن هذا لا يعني خروجه من المعادلة السياسية السورية بسهولة. وأضاف أن سوريا رغم معاناتها سنوات طويلة من الحرب الأهلية التي حصدت مئات الألاف من المدنيين وشردت الملايين قد عادت إلى النقطة التي بدأت منها.

وتضيف المجلة أنه عندما ورث الأسد الرئاسة عن والده قبل عقدين من الزمن، كانت سوريا دولة متوسطة الدخل، أما الآن فأكثر من 80 في المئة من سكانها فقراء، مع تراجع الناتج المحلي الإجمالي بمقدار الضعفين عما كان عليه قبل "الأزمة". ثم هناك الوضع في لبنان، أكبر سوق خارجي لسوريا والمورد الرئيسي للدولار، حيث تغرق البلاد المجاورة في أزمة مالية.

ومع ندرة العملة الصعبة في كلا البلدين، انخفضت قيمة الليرة السورية إلى مستويات قياسية، حيث تم تداولها عند حوالي 50 ليرة مقابل الدولار قبل الحرب، أما اليوم فبلغت نحو ثلاثة آلاف في السوق السوداء.

كما أن قيمة الرواتب الحكومية تنخفض في ظل ارتفاع للأسعار، والنتيجة، كما تقول الأمم المتحدة، أن الكثير من الناس لم يعد بإمكانهم شراء الطعام، والأدوية نفدت من الصيدليات، لأن التجار ليس لديهم ما يكفي من المال لدفع ثمن استيرادها من الخارج.

قانون قيصر

وفرضت الولايات المتحدة الأربعاء عقوبات على الرئيس السوري وزوجته أسماء من ضمن عشرات الأشخاص والكيانات المرتبطة بالنظام السوري، متعهّدةً مواصلة حملتها الواسعة للضغط على دمشق مع دخول "قانون قيصر" حيّز التنفيذ.

ويفرض قانون قيصر الذي نددت به الحكومة السورية واعتبرته شكلا جديدا من أشكال "الإرهاب"، عقوبات على أي شركة تتعامل مع نظام الأسد.

وأكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيان "نتوقع العديد من العقوبات الإضافية ولن نتوقف إلى حين توقف الأسد ونظامه عن حربهما الوحشية غير المبررة على الشعب السوري".

ووصف العقوبات بأنها "بداية ما ستكون حملة متواصلة من الضغوط الاقتصادية والسياسية لحرمان نظام الأسد من العائدات والدعم الذي يستخدمه لشن الحرب وارتكاب فظائع واسعة النطاق بحق الشعب السوري".

وجاءت تصريحات بومبيو في إطار إعلانه دخول قانون قيصر حيّز التنفيذ.

يذكر أن القانون تسبب بتهاوي قيمة الليرة السورية حتى قبل بدء تطبيقه. وحذّرت دمشق في وقت سابق هذا الشهر من أنه سيتسبب بمزيد من المعاناة في البلد الغارق أصلا في أزمة اقتصادية عميقة.

والأربعاء، اعتبر مصدر رسمي في وزارة الخارجية والمغتربين السورية أن تطبيق الحزمة الأولى من العقوبات بموجب القانون يكشف "تجاوز الإدارة الأميركية لكل القوانين والأعراف الدولية والمستوى الذي انحدر إليه مسؤولو هذه الإدارة ليلامس سلوكيات العصابات وقطاع الطرق".

بدوره، قال الموفد الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري إنّ استراتيجية واشنطن لا تتطلع إلى "إسقاط النظام".

وأضاف انّ الهدف هو أن يُدرك "المسؤولون السوريون وأيضاً روسيا وإيران (...) أنّ الوقت حان للشروع في التعاون مع المجتمع الدولي".

وقال إنّ ثمة "مؤشرات، متواضعة بالتأكيد" تظهر أنّ الروس "بدأوا في طرح شكوك حول مسألة شراكتهم مع الأسد" وأنّهم سيكونون "أكثر استعدادا" للتعاون مع الولايات المتحدة والأوروبيين.

وتستهدف المجموعة الأولى من العقوبات 39 شخصا أو كيانا، بمن فيهم الرئيس السوري وزوجته.

وفي حين تُعدّ هذه المرة الأولى التي يتم فيها استهداف أسماء الأسد بعقوبات أميركية، فرضت واشنطن عقوبات على بشار الأسد منذ بدأ قمع الحركة الاحتجاجية التي انطلقت ضد نظامه عام 2011.

وينص القانون على تجميد أي أصول للشخصيات المستهدفة في الولايات المتحدة.

ويسعى قانون قيصر الذي أقرّه الكونغرس العام الماضي بدعم من الحزبين الجمهوري والديموقراطي، إلى منع تطبيع بقاء الأسد دون محاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها نظامه.

كما يحظر على الولايات المتحدة تقديم مساعدات لإعادة بناء سوريا. إلا أنه يعفي المنظمات الإنسانية من العقوبات جرّاء عملها في سوريا.

وأكد بومبيو أن الهدف هو إجبار الأسد على الموافقة على القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن عام 2015 والذي يدعو إلى وقف إطلاق النار وإجراء انتخابات وتحقيق انتقال سياسي في سوريا.

ولم تحقق الجهود التي قادتها الأمم المتحدة أي تقدّم باتّجاه السلام، إذ أطلق نظام الأسد عملية عسكرية واسعة بغطاء جوي روسي لاستعادة إدلب.

وكان الاتحاد الأوروبي فرض بدوره عقوبات على سوريا بينما قضت محكمة فرنسية، بشكل منفصل، بسجن عم الرئيس السوري رفعت الأسد لأربع سنوات بعد إدانته بتبييض أموال واختلاس أموال عامة.

ويستمد "قانون قيصر" اسمه من مصوّر سابق في الجيش السوري خاطر بالفرار عام 2014 من البلاد وبحوزته 55 ألف صورة لأعمال وحشية مرتكبة في سجون الأسد.