نصر المجالي: توقعت مصادر قريبة من الحكومة البريطانية أن يجري رئيس الوزراء بوريس جونسون تغييرات مهمة في قيادة وهرم جهاز الخدمة المدنية وهو ما يعني تغيير أمين مجلس الوزراء السير مارك سيدويل.

وقالت المصادر إن من المحتمل أن يقوم جونسون في إطار التغييرات الشاملة والانقلاب المنتظر في الجهاز الحكومي، ربما يوم غد الإثنين بتعيين أحد الخبراء في المجال الصناعي أو أية شخصية أخرى بدل السير مارك سيدويل المتهم بنفق مهاراته في التعامل مع أزمة جائحة الفيروس التاجي.

ونقلت صحيفة (صنداي تلغراف) الصادرة يوم الأحد عن مصادر قولها إن 10 داونينغ ستريت يخطط لمجموعة من الإصلاحات واسعة النطاق حيث يسعى الوزراء إلى إلقاء اللوم على فشل خطط مواجهة الأوبئة وخصوصا (كورونا) على شخصيات من الإدارات والعلماء.

جونسون والى جانبه سيدويل في مجلس الوزراء

وكان كبير مستشاري رئيس الوزراء، دومينيك كامينغز حذر الأسبوع من أن "أمطارا غزيرة" ستهب على أروقة الحكومة البريطانية وخصوصا عمل مكتب مجلس الوزراء.

كلام باتيل

وقال تقرير صحفي إن وزيرة الداخلية بريتي باتل اشعلت الحرائق أكثر صباح اليوم الأحد عندما سئل عن مستقبل السير مارك سيدويل أمين عام مجلس الوزراء، بقولها إنه لن يضمن أن وظيفته آمنة.

يشار إلى أن سيدويل الذي كان مبعوثا خاصا للحكومة البريطانية في أفغانستان كان تم تعيينه مستشارا للأمن القومي من قبل رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي في عام 2017 وعين سكرتيرًا لمجلس الوزراء بعد ذلك بعام وسمح له بالقيام بكلتا الوظائف على الرغم من الانتقادات.

وقال مصدر لصحيفة (صنداي تلغراف) إن السير مارك "يقاتل من أجل البقاء كمستشار للأمن القومي" مع الاستعداد لفقدان منصبه كأمين لمجلس الوزراء.
وأضاف المصدر: "إنه يقاتل من أجل الحفاظ على الأمن القومي ولكنهم يريدون نزع كل شيء عنه وعدم إعطائه وظيفة".

إصلاح الجهاز

وقالت وزيرة الداخلية لقناة (سكاي نيوز) اليوم الأحد: "إن إصلاح الخدمة المدنية مسألة تتم مناقشتها في الحكومة ومن الواضح أن دورًا كبيرًا مثل هذا يخضع لرئيس الوزراء".

وأضافت: "أعتقد أن حقيقة الأمر الآن، هو أن تركز هذه الحكومة على القيام بعملها. تقدم البلاد، والارتقاء بالطريقة التي تحدثنا عنها سابقًا في جدول الأعمال الاقتصادي، مع التركيز على الظلم الاجتماعي".

وأكدت الوزيرة باتيل: "هذه هي الحكومة الشعبية التي تفي بأولويات الشعب وبفعالية ، فإن أي حكومة إصلاحية ستستند إلى نوع التسليم الذي يريد رئيس وزرائنا دفعه لبلدنا العظيم ومن الواضح أن لديه النوع الصحيح من الدعم حوله لتقديم ذلك".

ويعتبر قرار عزل أمين مكتب مجلس الوزراء، تأكيدا لفحوى تقرير كان تحدث الأسبوع الماضي ونشرته (إيلاف) عن أن دومينيك كامينغز كبير المستشارين والمستشار الخاص لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون تعهد بإجراء تغيير جذري في الخدمة المدنية بعد أن كشف فيروس كورونا عن عيوب في الجهاز الحكومي.

انتقادات

وكانت كواليس 10 داونينغ ستريت، تناقلت كلاما فحواه أن أكبر مساعدي رئيس الوزراء وهو من أشد المنتقدين لطريقة عمل جهاز الخدمة المدنية، أبلغ زملاءه أنه يجب تجريد مكتب مجلس الوزراء من السلطات، داعياً إلى تنظيم أكثر حداثة وسياسات تعتمد على البيانات.

وحسب ما تسرب من معلومات، فإن كامينغز حثّ في مدونات قدمها لرئيس الوزراء على تشكيل "فرق حمراء" مكلفة صراحةً بإيجاد أسباب تجعل الحكومة لا تتبع السياسات المرسومة.

وفيما قدمه من مقترحات، حسب ما جاء في تقرير لصحيفة (ديلي ميل)، فإن كامينغز، المستشار المثير للجدل، كان مدافعا عن من يسمون بـ"المتنبئين الخارقين"، وهم الأفراد الذين ليست لديهم خبرة محددة ولكنهم قادرون على التنبؤ بالأحداث بسبب عملياتهم العقلية التي يقومون بها حول أي اقتراح.

اتهام 10 داونينغ ستريت

وكانت هناك شكاوى من بعض أعضاء البرلمان من حزب المحافظين بأن مقر 10 داونينغ ستريت يبدو داخليًا للغاية في قراراته وكان يخطئ وخصوصا في التعاطي مع فيروس كورونا بسبب وجود "ستار حديدي" حول رئيس الوزراء.

ولكن وفقًا لموقع حزب المحافظين (ConservativeHome) على مستوى القواعد الشعبية، فإنه في مكالمة هاتفية مع مستشارين خاصين آخرين، رفض كامينغز رفضًا قاطعًا فكرة أنه يريد نقل كل السلطة إلى 10 داونينغ ستريت باعتبار أن الاقتراح كان "اختراعًا إعلاميًا".

وبحسب ما ورد فإن المستشار كامينغز ابلغ مجموعة من المستشارين الخاصين (سبادس) وهم المعنيون بإعطاء مقترحات للوزراء وغالبًا ما يشار إليهم باسم "SpAds" أو "Spads" وهم ممن محتمل أن يكونوا نوابا أو وزراء المستقبل، بقوله في الرد ما ينسب إليه: إن "أي شخص قرأ ما قلته عن الإدارة على مر السنين سيعرف أنه من المضحك أن يقترح أن حل مشاكل وايتهول هو مركز أكبر وأكثر مركزية".

وأكد كامينغز لهؤلاء المستشارين وهم لهم دور داعم للحكومة البريطانية من خلال الخبرة الإعلامية أو السياسية المتوفرة لديهم، ومن مهماتهم مساعدة وإسداء المشورة للوزراء الحكوميين. "إن مشاكل إدارات الحكومة بالفعل كبيرة جدًا وغير متناسقة وتضيف إلى مشاكل الأقسام".

ويبدو أن المستشار كامينغز خلال حديثه دعا إلى عملية مركزية "أصغر وأكثر نخبًا"، وأوضح أن التغييرات الكبيرة ستحدث في الرقم 10 ومكتب مجلس الوزراء تحديدا.

مدونة يونيو 2019

يشار إلى أن كامينغز كان كتب مدونات غزيرة الإنتاج عن الحكومة على مر السنين تعطي لمحة عن تفكيره. وفي يونيو من العام الماضي 2019، وقبل فترة وجيزة من انضمامه كمستشار لرئيس الحكومة بوريس جونسون في 10 داونينغ ستريت كان صاغ مدونة مؤلفًا من 10000 كلمة يدعو فيها إلى إنهاء تأثير قوة كافكا الشريرة (Kafkaesque) – نسبة الى أفكار المؤلف فانز كافكا- عند الموظفين الحكوميين على السياسيين.

واقترح كامينغز في هذا الاتجاه إلى إنشاء "فرق حمراء" مستقلة لتحدي النصيحة الرسمية للوزراء، الذين سيكافئون على قلب العقيدة القائمة حاليا.

وكان كامينغز قد انتقد دعم الوزراء سابقًا باعتباره "بيروقراطيًا وبطيئًا للغاية" وقال إن جهاز الخدمة المدنية قاد في ممارساته إلى "كارثة باهظة الثمن بعد كارثة أخرى باهظة الثمن".

ووصف قصر وستمنستر "حيث البرلمان والحكومة" بأنه "مجموعة من المكفوفين الذين يقودون مكفوفين"، وظل السيد كامينغز يزعج مؤسسة ويستمنستر لسنوات عديدة.