رام الله: أعلنت حركتا فتح وحماس الفلسطينيتان الخميس توحدهما ضد الخطة الإسرائيلية لضمّ أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة، في وقت يستكمل رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو مشاوراته مع المسؤولين الأميركيين والقادة الأمنيين حول آلية تنفيذ خطته المدعومة أميركيا.
واجتمع أمين سرّ اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل رجوب الموجود في رام الله، مع نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري الموجود في بيروت عبر تقنية "الفيديو كونفرنس"، في أول لقاء بين الطرفين منذ يناير 2018.
قال رجوب "أعلننا في فتح وحماس عن اتفاق لإفشال صفقة الضم ومشروع تصفية قضيتنا كقضية سياسية"، مضيفا "سنعمل على تطوير كافة الآليات التي تحقق الوحدة الوطنية".
وأكد الرجوب "أن المرحلة الحالية هي الأخطر التي يعيشها شعبنا وتتطلب أن نكون على مستوى هذا التحدي"، مشددا أنه وفي حال "أعلن الضم، سنتعامل مع الاحتلال كعدو ". وأضاف "نريد أن نخرج برؤية استراتيجية كاستحقاق لمواجهة التحديات الحالية مع كافة فصائل العمل الوطني".
تشهد العلاقة بين الحركتين شبه قطيعة منذ العام 2007، بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة إثر معارك دموية بين الطرفين انتهت بطرد حركة فتح وأجهزة السلطة الفلسطينية من القطاع. وفشلت جميع الجهود لإجراء مصالحة بين الجانبين.
أكد صالح العاروي من جهته على "الوحدة" بين الحركتين، معربا عن تقديره "للموقف الصلب للرئيس أبو مازن (محمود عباس) في رفض التنازل للاحتلال". قال العاروري "هذا المؤتمر المشترك فرصة لنبدأ مرحلة جديدة تكون خدمة استراتيجية لشعبنا في أكثر المراحل خطورة". أضاف "مشروع الضمّ لن يمرّ (...). هو مشروع إقصائي واحتلالي، فرض علينا ألا نسمح بتنفيذ هذه الخطوة".
واعتبر نائب رئيس المكتب السياسي لحماس أن تنفيذ إسرائيل مخطط الضم يمثل "مستوى من الخطورة غير المسبوقة (...) ضم أي مساحة من الضفة الغربية يعني استمرار مسلسل الضم وفتح شهية الاحتلال (...) لتوسيع مجاله الاستراتيجي".
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني غسان الخطيب أن الاجتماع المشترك يشير إلى "أهمية قضية الضم في عيون الفلسطينيين على اختلاف توجهاتهم السياسية". يقول "فتح وحماس لم تتوحدا منذ فترة طويلة، ويبدو أنهما تنظران إلى الضم على أنه تطور خطير للغاية"، ما يدفعهما الى "وضع خلافاتهما جانبا".
دعت حركة حماس أخيرا إلى "الوحدة السياسية" في مواجهة الخطة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط. ورفض الفلسطينيون بشكل قاطع الخطة الأميركية التي أعلن عنها في أواخر يناير، ولاقت معارضة عدد من دول الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.
وتدعم الخطة الأميركية ضمّ إسرائيل المستوطنات ومنطقة غور الأردن في الضفة الغربية المحتلة. وتدعو الى إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، عاصمتها في ضواحي القدس الشرقية المحتلة. وقالت حركة حماس في الشهر الماضي "ندعو الى مواجهة مشروع الضم بكل أشكال المقاومة".
خرج آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة الأربعاء للتظاهر ضد مخطط الضم. كما شارك العشرات في مدينة رام الله حيث مقر القيادة الفلسطينية، بتظاهرة انتهت عند المدخل الشمالي للمدينة إذ جرت مواجهات بين شبان مشاركين فيها وجنود إسرائيليين عند حاجز عسكري في المكان.
توتر مع واشنطن
ويستكمل نتانياهو مشاوراته مع المسؤولين الأميركيين والقادة الأمنيين حول الضم الذي وصفه بأن "فرصة تاريخية" منحه إياها حليفه الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
بموجب الاتفاق الذي تشكلت بموجبه الحكومة الائتلافية في إسرائيل، حدد الأول من يوليو موعدا يمكن اعتبارا منه الإعلان عن آلية تنفيذ المخطط، لكن أي شيء في هذا الشأن لم يصدر بعد.
التقى نتانياهو هذا الأسبوع في القدس المستشار الخاص لترمب آفي بيركوفيتش والسفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان للتشاور حول آلية تنفيذ المخطط. وقال رئيس الوزراء "ناقشت مسألة تطبيق السيادة التي نعمل عليها وسنواصل العمل في الأيام المقبلة".
يقول الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب دانييل شابيرو الذي شغل في الماضي منصب مبعوث الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الى الشرق الأوسط، "يبدو أن جزءا من المناقشات مع الأميركيين تتمحور حول المبادرة تجاه الفلسطينيين".
ويرى السفير السابق أن جزءا من المحادثات يدور حول توسيع سلطة الفلسطينيين في المنطقتين أ (مناطق الضفة الغربية الواقعة تحت السيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية"، وب (مناطق الضفة الغربية الواقعة تحت السيطرة الإدارية الفلسطينية والسيطرة الأمنية الإسرائيلية)، وبناء المساكن، وغيرها من الأمور.
ويشير شابيرو إلى أن نتانياهو "يصعب عليه استيعاب هذا. هو يريد ضمّا أكثر اتساعا (...) لذلك أعتقد أن هناك توترا بينه وبين البيت الأبيض".
ويشير شابيرو الى سعي البيت الأبيض للحفاظ على توافق في الآراء بين نتانياهو ومنافسه السابق بيني غانتس، الأمر الذي يحد من خيارات رئيس الوزراء. وأبدى غانتس تحفظه على تنفيذ مخطط الضم، محذرا من التداعيات الإقليمية.
التعليقات