إيلاف: دشن الكاظمي معركة ضد واحد من أخطر ملفات الفساد في العراق والمتعلق بالمنافذ الحدودية للبلاد التي تدرّ 6 مليارات دولار سنويًا، يذهب 90 بالمائة منها الى جيوب الميليشيات والمتنفذين من السياسيين والى المرتشين من المشرفين على هذه المنافذ في معركة صعبة سيقود النجاح فيها الى اعادة هيبة الدولة ورفد الموازنة العامة للبلاد بمبالغ يمكن ان تقلص من العجز المالي الذي تعانيه.
ويرتبط العراق عبر 24 منفذا حدوديا بريا وبحريا مع الدول الست المجاورة له، وهي السعودية والكويت والاردن وسوريا وتركيا وايران، وتبلغ وارداتها حوالى 6 مليارات دولار سنويًا، تسيطر على معظمها الميليشيات المسلحة والمتنفذين من قادة الاحزاب السياسية في واحد من اخطر ملفات الفساد في البلاد.
يؤكد مسؤولون ونواب عراقيون أن الضرائب الجمركية من هذه المنافذ يجب أن تكون بحدود هذا المبلغ، ولكن ما يتم تحصيله هو أقل من مليار دولار حالياً، وتذهب البقية منه الى المرتشين من مسؤولي المنافذ والى الميليشيات والمتنفذين من السياسيين، الامر الذي لم تخاطر اي حكومة سابقة تولت السلطة بعد التغيير في البلاد عام 2003 على مواجهته خشية إثارة غضب المستفيدين الذين يعوقون أي اصلاح ويعملون على تكريس الفساد.
فساد كبير وسيطرة لميليشيات ومتنفذين سياسيين
ويشيرون الى أنّ هناك فسادًا كبيرًا وسيطرة للمسلحين على المنافذ الحدودية وفي كل منافذ العراق من البصرة إلى إقليم كردستان.. موضحين ان هناك منافذ تدخل البضائع عبرها بدون تأشيرة، وفي المنافذ مع ايران تدخل سيارات بشكل غير قانوني وبدون ختم وبلا تأشيرة أو حتى فحص. ويقولون إن الأحزاب والميليشيات تتدخل في شؤون المنافذ الحدودية، ولكن كل حزب وفصيل مسلح له دور ومهام يختلف عن البقية، فأحزاب تتورط في تهريب وبيع النفط في الخارج، وأخرى ترتبط بتهريب المخدرات من إيران، ونشاطات تتعلق بالحصول على إتاوات من تجار الخضر واحتكار المنتجات الغذائية وطرق توزيعها في المحافظات الجنوبية، ولا يختلف الأمر كثيراً في المنافذ الحدودية الشمالية في إقليم كردستان العراق.
الكاظمي في منفذ مندلي الحدودي مع ايران |
إضافة الى عمليات الفساد هذه، فإن المنافذ الحدودية تعاني من تهالك بنيتها التحتية والتي لم تعد تنسجم مع المتطلبات التجارية الحديثة وأضحت بحاجة ماسة إلى تطوير بنيتها التحتية المتهالكة لتنسجم مع التطور الحاصل في حركة النقل البري فضلا عن حاجتها إلى عدد من الكلاب البوليسية واجهزة كشف المخدرات التي تفتقر لها غالبية المنافذ الخاضعة لسلطة الحكومة الاتحادية وكذلك غياب المخازن الحديثة المبردة ومحطات الاستراحة المناسبة، إضافة الى اجهزة افحص "السونار" القديمة المستخدمة في المنافذ، كلها عوامل ساهمت وزادت من حجم الفساد.
تصد مبكر للفساد في المنافذ
وقد تصدى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مبكرا وبعد اربعة أيام من توليه لمنصبه الحالي لقضية الفساد الذي يضرب منافذ البلاد الحدودية عندما أعلن خلال مؤتمر صحافي في بغداد في 11 من يونيو الماضي عن وضع خطة لسيطرة الدولة على جميع المنافذ الحدودية البرية والبحرية لوقف "هدر المال".. وأكد وجود هدر بالمال يقدر بمليارات الدولارات بسبب عدم سيطرة الدولة على المنافذ الحدودية البرية والبحرية جراء وجود جماعات خارجة عن القانون تحاول السيطرة على الأموال". واشار الى انه قد تم "وضع خطة للسيطرة على جميع المنافذ الحدودية البرية والبحرية وسنرفد الدولة بمليارات الدولارات من واردات تلك المنافذ".
على هذا الطريق فقد وضع الكاظمي امس تعهداته موضع التنفيذ حين رافق عملية عسكرية سيطرت خلالها القوات العراقية على منفذي المنذرية ومندلي مع إيران بشكل كامل، وذلك ضمن جهود إنهاء سيطرة الجماعات المتنفذة على جميع منافذ البلاد الحدودية .. كما حذر في كلمة له سارقي واردات المنافذ، مشددا على ان زمن السرقات قد ولى، وأن "مرحلة إعادة النظام والقانون بدأت ولن نسمح بسرقة المال العام في المنافذ" كما نقل عنه مكتبه الاعلامي في بيان صحافي مساء امس تابعته "إيلاف".
فيديو افتتاح الكاظمي لمنفذ مندلي الحدودي من ايران:
اضاف الكاظمي ان الحرم الجمركي بات تحت حماية قوات عسكرية، وان زيارته للمنفذ رسالة واضحة لكل الفاسدين بأنه لم يعد لديكم موطئ قدم في المنافذ الحدودية أجمع وعلى جميع الادارات العمل على محاربة الفساد لأنه مطلب جماهيري.
وشدد رئيس الوزراء على ان "المنفذ تحت حماية قواتنا العسكرية ولها الحق بإطلاق النار على كل من يتجاوز على الحرم الجمركي" .. وقال "سنعمل على أتمتة الجوانب الإدارية في الجمارك لحماية المال العام ومحاربة الفساد فهناك (اشباح) متواجدون في الحرم الجمركي يبتزون التاجر ورجال الأعمال وسنتعقبهم ونخلّص المنافذ منهم . واضاف "المال هو مال الشعب وليس مال الفاسدين، ووجهت اليوم بحماية الحرم الجمركي والسير بإجراءات الأتمتة وملاحقة (الأشباح) وأعطيت صلاحيات للقادة الأمنيين ولمدير المنافذ لمعالجة وضع المنافذ.
وفي الظروف الحالية التي يعاني منها العراق من أزمة مالية حادة، فإن العراقيين يتطلعون الى كسب المعركة مع ملف فساد المنافذ الحدودية وضبط وارداتها الضخمة واستخدامها في عمليات التنمية وتوفير الخدمات، ويؤكدون ان الوقت قد حان لوقف الخسائر التي يتكبدونها بسبب عمليات السرقة والاختلاس خلال السنوات السبع عشرة الماضية والتي بلغت حوالى 450 مليار دولار.
التعليقات