بغداد: أعلن القضاء العراقي الجمعة تحرير الألمانية هيلا ميفيس بعد أربعة أيام على اختطافها من قبل مسلحين مجهولين، مشيراً الى استمرار التحقيق بالجريمة.

وقال المجلس الاعلى للقضاء العراقي في بيان صحافي مقتضب الجمعة تابعته "إيلاف" إنه "باشراف محكمة تحقيق الرصافة في بغداد، تمكنت القوات الأمنية من تحرير المختطفة فجر 24 يوليو، والتحقيق جار بخصوص الجريمة، وسوف تعلن النتائج حين اكتمال الاجراءات التحقيقية".

من جهته أكد الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول أن القوات الامنية حررت الناشطة الالمانية ميفيس في بغداد.

مسلحون اختطفوا الالمانية

وكانت ميفيس قد اختطفت مساء الاثنين على كورنيش نهر دجلة في وسط بغداد، على بعد أمتار من مركز "تركيب" الداعم للفنانين الشباب والذي تعمل فيه من قبل مجهولين يستقلون سيارتين، الأولى من نوع بيك آب عادة ما تستخدمها قوات أمنية، وذلك خلال تجولها على دراجة هوائية في شارع أبو نواس الممتد على طول نهر دجلة إلى حي الكرادة في وسط العاصمة.

وأشارت تقارير الى ان عملية الخطف تمت على مقربة من مركز للشرطة، لكنّ أحداً من قوات الأمن لم يتدخّل.

ومنذ بداية العام الحالي، خطف صحافيان فرنسيان لأيام عدة، إضافة إلى ثلاثة عاملين في مجال حقوق الإنسان، أفرج عنهم بعد شهرين من الاحتجاز إثر اختطافهم مع عراقي في حي الكرادة نفسه.

ومنذ انطلاق الانتفاضة الشعبية غير المسبوقة في أكتوبر الماضي، تعرض عشرات الناشطين لعمليات اغتيال أو اختطاف ولا يزال بعضهم في عداد المفقودين.

ومؤخراً، اغتيل الباحث العراقي هشام الهاشمي برصاص مسلحين أمام منزله في بغداد، ما أعاد إلى الأذهان حقبة الاغتيالات السياسية بين عامي 2006 و2009 .

وقال مصدر عراقي بعد اختطاف الألمانية إن "المحققين يعتقدون أن حزب الله اللبناني قد يكون متورطاً بالاختطاف، وذلك بعد نفي كتائب حزب الله العراقي مسؤوليته عن اختطافها".

وكانت ألمانيا قد بدأت تحقيقاتها لمعرفة مصير ميفيس، وأعلن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الثلاثاء أن وزارته بدأت النظر في القضية من أجل إيجاد "حل يضمن الشخص المعني وأمنه وسلامته" دون أن يضيف أي تفاصيل.

وتعيش الألمانية ميفيس منذ سنوات في بغداد، وقد استقرت في العاصمة العراقية "لأنها تحب الشمس والمنازل التراثية"، بحسب صديقتها الفنانة العراقية ذكرى سرسم.

وجه أوروبي يتجول في بغداد

وقالت وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية الخميس إنها تجري اتصالاتٍ مكثفةً مع الجهات المعنية بالأمر وتدعو إلى "بذل المزيد من الجهود لإطلاق سراح الناشطة العاشقة لبغداد والتي عُرفت بمواقفها المساندة لعودة الحياة الثقافية والفنية إلى عافيتها".

ورأت الوزارة "أنَّ مثل هذه الحوادث تقوض الجهود الكبيرة التي يقدمها صناع الحياة في هذا البلد والتضحيات الكبيرة التي بذلها مقاتلونا الأبطال في الدفاع عن الإنسانية ضد الإرهاب فضلاً عن أنها تشوه الصورة الجميلة المعروفة عن الإنسان العراقي بكرمه وعطائه خاصةً وأن هيلا ميوس كانت جسراً بين المثقفين العراقيين ومثقفي العالم".

وأثار اختطاف ميفيس هلعا كبيرا بين صفوف الناشطين العراقيين الذين قالوا إنها "كانت صورة جميلة وغريبة في شوارع بغداد التي يسيطر عليها المسلحون المتشددون". واشاروا الى أن "أوروبية شقراء تتجول في بغداد على دراجة هوائية ليلا ونهارا ربما كان هذا وجه بغداد في السابق لكن يبدو أن المسلحين يريدون طمس هذا الجانب تماما من ذاكرة البغداديين".

ناشطة في المجالات الانسانية والثقافية

يشار الى ان ميفيس التي تدير برامج فنية وتساعد في إقامة معارض وورش تدريبية فنية وثقافية في مركز "بيت تركيب" الذي تديره ويحظى بتمويل من مؤسسات ثقافية ألمانية وفرنسية ولا يتمتع بأي دعم رسمي من الحكومة العراقية.

وكانت ميفيس تمارس نشاطات في مجال حقوق الإنسان إلى جانب تركيزها على مشاريع رعاية وتحفيز الفنانين العراقيين الشباب. وقد عشقت ميفيس بغداد منذ زيارتها الأولى عام 2010 حيث كانت برفقة فرقة مسرحية من ألمانيا ثم تكررت زيارتها لبغداد و كانت تعمل على التخطيط لمشاريع فنية مشتركة .

وفي عام 2011، قررت العيش في بغداد والعمل على تأسيس مشروعها الفني الشخصي في "بيت تركيب" كما كانت تتعاون في نشاطات معهد غوته الثقافي الألماني في بغداد وتسهم أيضا بتدريس اللغة الألمانية فيه.

وافتتحت ميفيس مشروعها الفني "بيت تركيب" في بغداد عام 2015 الذي يهدف الى تقديم مكان آمن "للشباب والشابات البغداديين للتعبير عن أفكارهم عبر معارض فنية وفعاليات أدائية عامة، فضلا عن إقامة ورشات عمل وتدريب لهم".

ونظمت هيلا الكثير من النشاطات عبر عملها قيمة فنية لحساب مؤسسات أخرى قبل افتتاح مشروعها الذي بات مركزا لإقامة معارض فنية وورش تعليمية ونشاطات ثقافية للفنانين الشباب في العراق.