يتهم تقرير أممي مسؤولين عسكريين وأمنيين ماليين بتعريض اتفاق السلام مع المجموعات المسلحة في 2012 للخطر، مطالبًا بمحاسبتهم لعرقلة تنفيذ الاتفاق.

باريس: يتهم خبراء في الأمم المتحدة في تقرير، مسؤولين في جيش وجهاز استخبارات مالي بأنهم "يعرضون للخطر" تطبيق اتفاق السلام الموقع في الجزائر، على الرغم من دعوات الأسرة الدولية إلى تسوية الأزمة. ويأتي هذا التقرير الذي لم ينشر بينما تشهد مالي منذ أشهر احتجاجات سياسية كبيرة. وقد تم تسليمه إلى مجلس الأمن الدولي في 7 أغسطس واطلعت وكالة فرانس برس عليه الجمعة.

التباس وعدم ثقة

يطالب تحالف من المعارضين ورجال الدين وشخصيات المجتمع المدني منذ يونيو باستقالة الرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا. ويتهم التحالف الرئيس أبو بكر كيتا والمحيطين به بالفساد والمحسوبية.

وتفيد أرقام الأمم المتحدة أن 14 شخصًا قتلوا في يونيو في الاضطرابات.

ويتحدث التقرير بالتفصيل عن "عدم الثقة" و"الالتباس" الناجمين عن قيام مسؤولين كبار بعرقلة تطبيق اتفاق السلام الموقع في 2015 بين باماكو والمجموعات المسلحة.

ويفترض أن يشكل هذا الاتفاق خارطة طرق لتسوية الأزمة الأمنية العميقة التي بدأت في 2012 مع تمرد مجموعات استقلالية مسلحة من الطوارق ثم مجموعات جهادية في شمال البلاد.

وأكد خبراء الأمم المتحدة في تقريرهم أن المسؤولين الماليين الذين "هددوا وأخّروا" تطبيق الاتفاق يجب أن "يحاسبوا" من قبل لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة.

وذكر التقرير من هؤلاء الجنرال كيبا سانغاري، رئيس أركان القوات البرية السابق (2019-2020)، المتهم "باتخاذ قرارات بشكل يثير الشك" خلال نشر عناصر من الجيش المالي في شمال البلاد في نهاية 2019.

تكتيكات تأخير

يفترض أن تتم إعادة انتشار الجيش الوطني تدريجًا في المدن الرئيسية في شمال البلاد، بشكل وحدات مختلطة من جيش يفترض أنه أعيد تأسيسه ليتشكل بنسب متساوية من القوات المسلحة المالية ومقاتلي حركة التمرد السابقة والمجموعات المسلحة الموالية للحكومة.

وقال تقرير الأمم المتحدة أن بعض هذه الكتائب المختلطة أنهت تدريباتها الرسمية في الثاني من سبتمبر لكنها لم تبلغ من قبل هيئة الأركان، بمكان انتشارها "سوى في ديسمبر". وعزا التقرير هذا التأخير "إلى حد كبير" إلى قرار سانغاري.

في الوقت نفسه، قال التقرير إن معظم الجنود (غالبيتهم من شمال مالي لا عائلات لهم في باماكو حسب الأمم المتحدة) "لم يحصلوا على وسائل نقل للعودة إلى مناطقهم الأصلية". وأضاف أن بعضهم حاولوا العودة إلى مناطقهم بمفردهم. لكن عشرين منهم كانوا يستقلون حافلة عامة خطفهم مسلحون على الطريق بين باماكو وغاو في أوائل سبتمبر.

وقال التقرير إن هذه الوقائع تشير إلى وجود "أخطاء في التخطيط" وكذلك "أساليب تكتيكية للحكومة من أجل تأخير" تنفيذ اتفاقية السلام.

ويواجه سانغاري انتقادات أيضًا لدوره خلال هجوم وقع في فبراير في قرية أوغوساغو التي تقطنها قبائل الفولاني في وسط مالي في 2019 وأسفر عن سقوط 160 قتيلًا.

وواجه الجيش المالي الذي تم نشره في أوغوساغو بعد الهجوم الأول انتقادات واسعة من قبل المنظمات غير الحكومية لأنه غادر المكان قبل ساعات قليلة من هجوم ثان وقع في 14 فبراير 2020.

تأجيج الانقسامات الداخلية

قال التقرير إن سانغاري، بصفته رئيس أركان الجيش والمسؤول عن المنطقة الوسطى من مالي "تمت دعوته عدة مرات وتلقى رسائل تتحدث عن تهديدات وعن الإعداد لهجوم وبدئه"، لكنه "اكد كذبا لرؤسائه (...) أن الوحدة لن تغادر قبل وصول الوحدة البديلة".

فقد غادرت الوحدة أوغوساغو قبيل المساء ولم تصل القوة البديلة قبل الهجوم ليلا. وقد قتل 35 شخصًا على الأقل بدون أن يدافع عنهم أحد. وأقيل سانغاري بعد الهجوم.

ويوجه الخبراء أيضًا أصابع الاتهام إلى أجهزة الاستخبارات في مالي التي رأوا أنها اصبحت "رافعة (...) استراتيجية غير رسمية (للسلطات) تهدف إلى عرقلة تنفيذ الاتفاق".

وقال التقرير إن المديرية العامة لأمن الدولة "حرضت على وشجعت وسهلت تفتيت +تنسيقية حركات أزواد+" وهو التحالف الرئيسي الموقع لاتفاق السلام، لمجموعات مسلحة لمتمردين سابقين، عبر "تمويل شخصيات أساسية فيه قامت بإنشاء مجموعات منشقة" عن الحركة الوطنية لتحرير أزواد العضو في التحالف في 2016.

وأوضح التقرير أن المديرية العامة لأمن الدولة "غذت الانقسامات الداخلية" داخل المنصة، وهو التحالف الآخر لجماعات مسلحة موقع لاتفاق السلام.

ويتهم الخبراء الجنرال موسى ديوارا، رئيس مديرية الأمن العام، بالتدخل "شخصيًا" في عملية اختلاس مرتبطة بعملية تخصيص حصص لدمج مقاتلين سابقين من المتمردين السابقين في الجيش.