يتصاعد اتنديد الدولي لمسألة تسميم المعارض الروسي ألكسي نافالني، وتتوالى الاتهامات لموسكو في هذا الشأن، بعد إعلان ألمانيا وجود دليل دامغ على استخدام مادة نوغوتشيك لإسكات نافالني.

لندن: توالت بيانات التنديد الدولية في قضية تسميم المعارض الروسي أليكسي نافالني الذي تعرّض بحسب برلين للتسميم بواسطة مادة عصبية سامة من نوع نوفيتشوك، فدعت بريطانيا الأربعاء روسيا إلى "قول الحقيقة" بشأن ما حصل لنافالني معتبرةً أن "من غير المقبول إطلاقاً" استخدام "سلاح كيميائي محظور".

وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب: "من غير المقبول إطلاقاً استخدام هذا السلاح الكيميائي المحظور مرة جديدة"، في إشارة إلى استخدام المادة التي تمّ تطويرها في حقبة الاتحاد السوفياتي لتسميم الجاسوس السابق سيرغي سكريبال عام 2018 على الأراضي البريطانية. وأضاف "على الحكومة الروسية (...) أن تقول الحقيقة بشأن ما حصل لنافالني".

حقير وجبان

بدورها، اعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن نافالني ضحية "عمل حقير وجبان". وكتبت في تغريدة "إنه عمل حقير وجبان -- مرة جديدة"، في إشارة إلى استخدام المادة التي تمّ تطويرها في حقبة الاتحاد السوفياتي، لتسميم الجاسوس السابق سيرغي سكريبال عام 2018 على الأراضي البريطانية. وقالت إن "مرتكبي (هذا التسميم) يجب أن يُحاكموا".

وأدان وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من جهته "بأشدّ العبارات تسميم" المعارض الروسي. وذكّر بأن المواد السامة للأعصاب من نوع نوفيتشوك "طوّرها الاتحاد السوفياتي وبعدها روسيا". وأشار في بيان إلى أن "اللجوء إلى الأسلحة الكيميائية مهما كانت الظروف هو أمر غير مقبول إطلاقاً ويشكل انتهاكاً للقانون الدولي". وأضاف بوريل "من الضروري أن تجري الحكومة الروسية تحقيقاً شاملاً وشفافاً حول محاولة اغتيال نافالني" مطالباً بأن "يُحاكم" المسؤولون عن ذلك. وحذّر من أن "الاتحاد الأوروبي سيواصل متابعة هذه القضية عن كثب ومناقشة تداعياتها".

مثير للصدمة

ندد الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ الأربعاء بتسميم المعارض الروسي أليكسي نافالني "المثير للصدمة" بواسطة غاز أعصاب من نوع نوفيتشوك على ما أكدت برلين، مطالبا روسيا بالتحقيق في القضية. وقال في بيان: "أعلنت الحكومة الألمانية أن أليكسي نافالني تعرض لهجوم بمادة سامة للأعصاب من نوع نوفيتشوك. هذا مثير للصدمة، وأدينه بأشد العبارات".

كذلك، نددت باريس الأربعاء بـ"الاستخدام المثير للصدمة وغير المسؤول" لمادة نوفيتشوك ضد المعارض الروسي نافالني. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في بيان: "أود التنديد بأشد العبارات بالاستخدام المثير للصدمة وغير المسؤول لمثل هذه المادة". وقال إن هناك "أسئلة ملحة... من مسؤولية السلطات الروسية الإجابة عليها" مضيفا أن "فرنسا على تواصل وثيق مع السلطات الألمانية كما مع شركائنا لتنسيق الرد الواجب".

استهجان أميركي

أعرب البيت الأبيض الأربعاء عن "قلقه الشديد" لتأكيد ألمانيا أن المعارض الروسي أليكسي نافالني تعرض للتسميم بغاز أعصاب من نوع نوفيتشوك.

وكتب المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون أوليوت في تغريدة أن "تسميم أليكسي نافالني مستهجن تماما" معربا عن "قلق الولايات المتحدة الشديد للنتائج التي أعلنت اليوم" في برلين.

ولفت إلى أن "روسيا سبق أن استخدمت في الماضي غاز الأعصاب نوفيتشوك" مؤكداً "سنعمل مع الحلفاء والمجتمع الدولي لمحاسبة الأشخاص المسؤولين في روسيا، حيثما تقود الأدلة، ولقطع التمويل عن أنشطتهم الخبيثة"".

وقال "للشعب الروسي الحق في التعبير عن آرائهم بشكل سلمي بدون خوف من أي عقاب من أي نوع، وبالتأكيد ليس بالمواد الكيميائية".

مستعدون للتعاون

أعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الأربعاء أن روسيا مستعدة "للتعاون التام" مع ألمانيا بشأن المعارض الروسي أليكسي نافالني الذي أعلنت برلين تعرضه للتسميم بغاز أعصاب من نوع نوفيتشوك.

وقال بيسكوف "إننا مستعدون ومهتمون بالتعاون بشكل تام وتبادل المعلومات حول هذا الموضوع مع ألمانيا"، وفق ما نقلت عنه وكالة ريا نوفوستي الرسمية.

لكنه أشار إلى أن ألمانيا لم تبلغ استخلاصاتها رسميا إلى روسيا.

وقال بيسكوف إن "النيابة العامة الروسية أرسلت طلبا رسميا إلى الطرف الألماني على أمل تلقي رد رسمي (...) كذلك عرض أطباؤنا نبادل معلومات رسمياً لكنهم للأسف لم يتلقوا ردا رسميا من زملائهم الألمان".

دبلوماسية المذياع

من جانبها، اتهمت وزارة الخارجية الروسية ألمانيا بممارسة "دبلوماسية المذياع" وبـ"الاستعاضة عن تعاون طبيعي بحملة إعلامية... غير آبهة لآليات التعاون القانونية القائمة".

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عبر التلفزيون العام الروسي إن السفير الروسي في ألمانيا الذي تم استدعاؤه الأربعاء إلى وزارة الخارجية الألمانية، طالب بأدلة لكنه لم يحصل على "أي جواب، أي وقائع، أي معلومات".

نوفيتشوك وسكريبال

استُخدم غاز الأعصاب نوفيتشوك الذي تمّ تطويره في الحقبة السوفياتية لتسميم العميل السابق المزدوج سيرغي سكريبال عام 2018 على الأراضي البريطانية.

وفي الرابع من مارس 2018، عُثر على سكريبال وابنته يوليا فاقدين الوعي على مقعد في سالزبري في جنوب انكلترا وأُدخلا إلى المستشفى في حال خطيرة.

ونجا سكريبال وابنته من الهجوم، غير أن امرأة من سكان المنطقة قضت بعدما عثرت على قارورة واستخدمتها ظنا منها أنها عطر. ويعتقد المحققون أنه تم جلب غاز نوفيتشوك من روسيا في القارورة.

وتسببت القضية بعمليات طرد دبلوماسيين غير مسبوقة منذ الحرب الباردة بين روسيا والدول الغربية.