في تتمة لمسلسل اعتقال المعارضين البيلاروس، اقتاد ملثمون ماكسيم زناك إلى جهة مجهولة، واعتقلت السلطات ماريا كولسنيكوفا، يواجه المعارضان تهمة المس بالأمن القومي.

مينسك: وجّهت السلطات القضائية البيلاروسية تهمة "المس بالأمن القومي" للمعارضين البارزين ماكسيم زناك وماريا كولسنيكوفا التي رفضت الثلاثاء مغادرة البلاد إلى منفى قسري، وفق ما أعلنت مينسك الأربعاء، وذلك بعد مرور شهر على ولادة حركة احتجاج غير مسبوقة ضد الرئيس ألكسندر لوكاشنكو.

وزناك وكولسنيكوفا عضوان في "مجلس التنسيق" الذي شكّلته المعارضة للدفع باتجاه انتقال للسلطة في بيلاروس والتفاوض من أجل رحيل الرئيس لوكاشنكو.

وهما موقوفان في مينسك ويواجهان في حال إدانتهما عقوبة بالحبس تصل إلى خمس سنوات.

وتشمل التهم الموجّهة إليهما القيام "بأعمال تهدف إلى زعزعة الاستقرار" في بيلاروس و"المس بالأمن القومي"، وفق بيان أصدرته لجنة التحقيق المفوّضة النظر في الجرائم الكبرى.

وتم توقيف زناك البالغ 39 عاما صباح الأربعاء، وهو كان من المفترض أن يشارك من مكتبه في مؤتمر عبر الفيديو، لكنه لم يفعل.

وأعلن المكتب الإعلامي لمجموعته المعارضة أن زناك وصل إلى المكتب للمشاركة في مؤتمر عبر الفيديو، لكنه لم ينضمّ إلى المؤتمر، وأرسل فقط كلمة "أقنعة". وأُرفق المنشور بصورة لزناك يقتاده رجال ملثّمون وبلباس مدني.

ومع توقيف زناك أصبحت سفيتلانا أليكسييفتش الحائزة جائزة نوبل للآداب عام 2015، العضو الوحيد الحر الطليق في هذا المجلس، إذ إنّ الآخرين اعتُقلوا أو أُرغموا على مغادرة البلاد.

لوكاشنكو خائف

وأكدت أليكسييفيتش البالغة 72 عاما أن مجهولين أرادوا ترهيبها الأربعاء عبر الانتشار في محيط منزلها والاتصال بها هاتفيا، وقالت للصحافيين إنهم واظبوا على قرع جرس نظام الاتصال الداخلي التابع لمنزلي وأشارت إلى وجود حافلتي نقل متوقفتين أمام منزلها.

وأعرب دبلوماسيون أوروبيون عن دعمهم لأليكسييفيتش، وقد توجّه دبلوماسيون من رومانيا وليتوانيا والسويد إلى منزلها تضامنا معها.

وتحدثت المعارضة الثلاثاء عن عملية "خطف" على يد السلطات تعرّضت لها المعارضة ماريا كولسنيكوفا التي أفلتت من سيارة كانت تنقلها مع معارضَين آخرَين إلى خارج البلاد، ومزّقت جواز سفرها لمنع نفيها قسراً إلى أوكرانيا.

وقالت محاميتها ليودميلا كازاك إن "ماريا معنوياتها مرتفعة ومستعدة للمعركة ولا تنفي الأفعال المتهمة بها".

وتابعت المحامية إن كولسنيكوفا "تؤكد أنها تعمّدت تمزيق جواز سفرها من أجل البقاء في بيلاروس".

ومن جهتها تؤكد مينسك أن رفيقي كولسنيكوفا ألقوا بها بين أيدي قوات الأمن.

ودانت زعيمة المعارضة سفيتلانا تيخانوفسكايا التي هربت إلى ليتوانيا بعد تعرّضها لتهديدات إثر انتخابات التاسع من أغسطس "خطف" كولسنيكوفا وزناك، مطالبة بـ"الإفراج عنهما فورا".

وجاء في بيان أصدرته أن "لوكاشنكو خائف من المفاوضات ويحاول شلّ عمل مجلس التنسيق (...) لا بديل عن المفاوضات".

وعلى الرغم من حملة قمع المحتجين والضغوط الممارسة على المعارضين، تستمر التعبئة في الشارع حيث يتجمّع منذ أربعة أسابيع كل يوم أحد أكثر من مئة ألف متظاهر في مينسك.

وقالت أليكسييفتش في بيان "بلدنا مخطوف. الأشخاص الأفضل خُطفوا. لكن مئات آخرين سيأتون" مضيفةً أن "لوكاشنكو يقول إنه لن يتحدث مع الشارع (...) هذا ليس الشارع، إنه الشعب".

نداء إلى الروس

أطلقت تيخانوفسكايا الأربعاء نداء إلى الروس لدعم "معركتها من أجل حرية" الشعب البيلاروسي وإلى عدم تصديق "الدعاية" التي تزعم بأن خصوم لوكاشنكو مناهضون للروس.

وقالت "لم يكن ذلك في أي مرحلة، معركة ضد روسيا"، فيما اتّهم الرئيس البيلاروسي منتقديه بأنهم مدعومون من الغرب وباستخدام بيلاروس كمنصة لزعزعة استقرار موسكو.

وكرر لوكاشنكو الأربعاء قوله إنه لن يرحل تحت الضغط، إلا أنه تحدّث للمرة الأولى عن احتمال إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

لكن هذه الانتخابات تبقى مرتبطة بمشروع مبهم للإصلاح الدستوري لم يتمّ تحديد أي جدول زمني له.

وبعدما اتّهم خلال حملته الانتخابية روسيا بالسعي لإبعاده بسبب رفضه تلبية طموحات موسكو، غيّر لوكاشنكو موقفه بشكل جذري طالباً الدعم الروسي في مواجهة التظاهرات الحاشدة غير المسبوقة منذ وصوله إلى الحكم عام 1994.

وتحادث مراراً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي وعد بإرسال قوات في حال تحوّلت الاحتجاجات إلى أعمال عنف. ومن المقرر أن يعقد الرئيسان قمة قريباً.