ايلاف من لندن: بدأت منظمة اليونسكو الجمعة إعادة إعمار كنيسة الطاهرة التراثية التاريخية للسريان الكاثوليك في مدينة الموصل العراقية الشمالية، بعد أن دمرها تنظيم داعش. وتصف دولة الإمارات المشاركة في عملية إعادة الإعمار بأنها "إعادة للوجه المشرق للمدنية التي لطالما احتضنت مختلف الديانات.

وبدأت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" بحسب تقرير تسلمت "إيلاف" نصه في تنفيذ المرحلة الأولى من إعادة إعمار كنيسة "الطاهرة" في مدينة الموصل العراقية. وتعمل المنظمة في المرحلة الأولى على إزالة الأنقاض والذخائر غير المنفجرة وتأمين موقع المشروع بشكل كامل.

وتمر عملية إعادة الإعمار بمراحل معقدة، وخصوصاً أن تنظيم داعش دمر أجزاء كبيرة من أروقة الكنيسة الداخلية وجدرانها الخارجية. ومن المقرر أن يعيد المقاولون المحليون تحت أشراف خبراء الآثار ترميمها بمشاركة حرفيين في مجال التراث المحلي.

وكانت اليونسكو بدأت مؤخراً في استقبال العطاءات من الشركات المحلية لإعادة إعمار الكنيسة والدير الملحق بها.

الامارات: رسالة أمل
ويجري تنفيذ مشروع إعادة إعمار كنيسة الطاهرة للسريان الكاثوليك بتمويل من دولة الإمارات العربية المتحدة، وبالتنسيق مع السلطات المحلية في مدينة الموصل. وتقول وزيرة الثقافة والشباب الاماراتية نورة بنت محمد الكعبي "تبعث هذه الخطوة رسالة أمل للمجتمع الموصلي وتعيد الوجه المشرق لمدينة الموصل التي كانت دوماً حاضنة لمختلف الديانات كما تسهم في إعادة بناء النسيج المجتمعي وعودة المهجرين إلى ديارهم في مدينة الموصل القديمة من خلال توفير دور عبادة لمختلف أطياف المجتمع الموصلي بما يعيد للموصليين هويتهم وقيمهم المتسامحة، والتي حاول الإرهابيون طمسها عبر تدمير المواقع التاريخية والدينية والتراثية".

وتشير الكعبي الى أن اعادة إعمار كنيسة الطاهرة ليس فقط لمكانتها كتراث ثقافي فقط، بل لأنها أيضاً دليل على تنوع مدينة الموصل، واحتضانها للثقافات، والديانات المختلفة على مر السنين.

وتوضح الوزيرة الاماراتية أن مشاريع دولة الإمارات في مدينة الموصل هدفها تمكين شباب الموصل عبر خلق فرص عمل لهم، وتوفير التدريب المهني والفني، وتعزيز قدرات الحرفيين في مجال صون التراث الثقافي من خلال مشروع استراتيجي يجري تنفيذه بالتعاون مع منظمة الإيكروم.

مراسم توقيع إتفاقية إعادة إعمار المعالم التاريخية في الموصل: نورة الكعبي وأودري أزولاي. 10 أكتوبر 2019

أيقونة الموصل
من جانبه، يقول باولو فونتاني ممثل اليونسكو في العراق أن كنسية الطاهر "تحتل مكانة كبيرة في مدينة الموصل باعتبارها رمزاً تراثياً ثقافياً، فقد كانت أيقونة مهمة لمدينة الموصل ومصدراً لتنوع المدينة وجمعها مختلف الثقافات والحضارات والديانات".

وتعمل اليونسكو على تعزيز المصالحة والتماسك الاجتماعي في الموصل من خلال ترميم وإعادة بناء المواقع التاريخية كجزء من مبادرة اليونسكو "إحياء روح الموصل".

يذكر أن كنيسة الطاهرة للسريان الكاثوليك تعتبر أكبر كنائس العراق وإحدى كبريات كنائس الشرق الأوسط سعة وهندسة وجمالاً، افتتحت عام 1947 وتتألف من ثلاثة فضاءات شاهقة أوسعها وأعلاها أوسطها، وتضم قبة شاهقة تخترقها إثنتا عشرة نافذة. أما الفضاءات الداخلية الكبرى الثلاثة فترتكز على 18 عموداً رخامياً ضخماً تتلاقى في أقواس شاهقة رائعة وقد قام ارهابيو تنظيم داعش بتفجيرها في فبراير عام 2015.

وتتميز الكنيسة بتعدد المذابح الموجودة بها وغرفة للعماذ وغرفتي السكرستية ووجود الطابق النصفي في اعلى صدر الكنيسة ومن الابنية الملحقة بها صفوف التعليم المسيحي والمكتبة.


كنيسة الطاهرة للسريان قبل تدميرها من قبل داعش

عملية معقدة
وتعتبر عملية إعادة بناء الكنيسة معقدة للغاية نظراً إلى تدمير أجزاء كبيرة من أروقتها ومن جدرانها الخارجية فضلاً عن هدم الأجزاء المتبقية من سقفها الخرساني غير أن أولى خطوات العمل ستكون رفع الحطام وإزالة الألغام من الموقع الذي تبلغ مساحته 650 مترا مربعا.


الكنيسة بعد تدميرها من قبل داعش

وسيكتسب طلاب الآثار والعمارة والهندسة في جامعة الموصل خبرةً عملية نتيجة مشاركتهم في أعمال ترميم أبرز مباني المدينة. وتقوم دولة الإمارات العربية المتحدة بتمويل هذا المشروع الذي يشمل إلى جانب إعادة تأهيل أبرز المعالم المعمارية إقامة برنامج تدريب للمهنيين الشباب في أثناء العمل وتعزيز مهارات أصحاب الحرف اليدوية من عمّال بناء ونجارين، ونحاتي الأحجار، وحدادين، اضافة الى تعزيز التعليم التقني والمهني.