ايلاف من لندن: اكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الاربعاء ان بلاده لن تخضع للمتطرفين من داعش أو العصابات الإجرامية من أي دين أو مذهب أو قومية، ومن يريد أن يفرض مصالحه وطغيانه بالتغول على العراقيين مادام البناء جار لدولة قوية وعادلة .. بينما دعا الرئيس صالح الى عقد سياسي جديد يؤسس لحكم رشيد في البلاد.. فيما دعا الحلوسي ماكرون لتصويب موقفه من الاسلام.

وخاطب الكاظمي الشيعي المشاركين في الاحتفال المركزي الذي اقامه الوقف السني في بغداد لمناسبة ذكرى مولد النبي محمد بقوله "أهلي الكرام.. أتشرّف بالمشاركة في هذه الاحتفالية الكريمة رافعا لشعبنا وأمتنا والإنسانية أسمى التبريكات، بمولد مبعث الهدى ورحمة العالمين ومنار المؤمنين، سيد الخلق رسول الله محمد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم". واعلنت السلطات العراقية يوم غد الخميس عطلة رسمية لمناسبة المولد النبوي للرسول محمد.

واضاف الكاظمي في كلمة حصلت "إيلاف" على نصها أن رسول الإنسانية كان مشعل نور في وسط ظلام دام دهوراً طويلة ، عقل وحكمة وصبر وإرادة نقلت ملايين البشر من الجهل الى النور ، ومن القسوة الى الرحمة، ومن الظلم الى العدل، ومن الفوضى وطغيان أصحاب المصالح والعصبيات الضيّقة الى النظام المتمحور حول قيمة الإنسان وحريته.

وشدد بالقول "نحن اليوم أحوج ما نكون الى تلك القيم الإنسانية التي أرساها رسول الإسلام، القيم البعيدة كل البعد عن التطرف الذي لا ينتمي الى الإسلام، بل حاول أصحاب النفوس الضعيفة الأغراض إقحامه عليه.

واكد حاجة العراق الى التحلي بقيم النبي محمد "لنتمكن معاً من عبور الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وأن ننتصر لتلك القيم بدل العودة الى جهل التطرف وتغوّل من يريد أن يفرض مصالحه وطغيانه على العراقيين بأسماء متعددة ولن يحدث ذلك مادمنا نعمل على بناء دولة قوية وعادلة لا تفرّق بين أبنائها بسبب دين أو مذهب أو قومية، كلنا عراقيون، ولا تخضع للمتطرفين من داعش أو العصابات الإجرامية من أي دين أو مذهب أو قومية".

وختم الكاظمي بالقول "معا سنضمد الجراح ونعتمد على إمكانات العراق وطاقات شعبنا الكبيرة، لنصنع الأمل ونصنع المستقبل".

الرئيس صالح يدعو الى عقد سياسي جديد يؤسس لحكم رشيد
ومن جانبه، شدّد الرئيس العراق برهم صالح في كلمة بالمناسبة على أن التكفير والتشدد يعملان على تشويه الإسلام، وان تنظيمات القاعدة وداعش وغيرها، قتلت المسلمين وغير المسلمين وهناك مسؤولية تضامنية في مواجهة الفكر الإرهابي التكفيري.
واكد أن العراق يواجه اليوم مرحلة مهمة في بناء الدولة، تلتقي فيها الإرادة الشعبية من أجل الإصلاح وتقويم المسارات، لافتاً الى أن تصحيح هذه المسارات لن يتم من دون مكافحة الفساد بمختلف أشكاله، المالي والإداري والسياسي، مشيراً إلى أن الفساد والإرهاب متلازمان ومترابطان، وأن الفساد هو الوجه الآخر للإرهاب.

ودعا الرئيس صالح الى تهيئة كل مستلزمات النجاح لإجراء انتخابات مبكرة عادلة ونزيهة تساعد على تحقيق إصلاح نظام الدولة ومؤسساتها والتخلص من الفساد، باعتبارها قواعد أساسية للقضاء على الإرهاب والعنف، وهذا يتطلب عقداً سياسياً جديداً يؤسس لحكم رشيد لا يسمح باستمرارِ كبوات الوضع الحالي.

وقال إن تصحيح المسارات مرتبط ايضاً بشكل وثيق مع تعزيزِ هيبة الدولة وسيادتها وتكريس قوة القانون منوّهاً الى أن ما حصلَ خلال الأيام القليلة الماضية من جرائم قتل وترويعٍ في الفرحاتية وخانقين وكركوك يؤكد أن الإرهاب والعنف ما زالا يشكلانِ تهديداً للأمن والسلم المجتمعي في العراق.

رئيس البرلمان : موقف ماكرون مؤسف يدعو للتصويب
ومن جهته، اعرب رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي عن أسفه لتصريحات الرئيس الفرنسي المسيئة لنبي الإسلام منوها الى ان جرائم الانتقام والقتل بحجة الدفاع عن الإسلام بأنها لا تقلُّ في إساءتها لصورة الإسلام.
وقال الحلبوسي في بيان بمناسبة ذكرى المولد النبوي إن "رسالة الإسلام التي جاء بها الرسول الكريم والمتمثلة بالعدل والتسامح والسلام والإنسانية، تحمِّلُ المسلمين قبل غيرهم مسؤولية حمايتها وصونها والالتزام بمبادئها العظيمة، وتفرض على كلِّ المنصفين احترامها وتقديرها".
وأشار إلى أن "ما حدث قبل أيام من إساءة بالغة وتجاوز من قبل الرئاسة الفرنسية بحق نبي الرحمة والإنسانية هو محلُّ أسف بالغ و يستلزم التصويب وإعادة النظر"، لافتا إلى أن "جرائم الانتقام والقتل بحجة الدفاع عن الإسلام لا تقلُّ في إساءتها لصورة الإسلام ونبيّه ومبادئه السمحة".

وشهد العراق بين عامي 2006 و2008 حربا طائفية داخلية تغولت فيها الجماعات المسلحة المدعومة من ايران التي دفعتها الى ارتكاب جرائم ضد المكون السني في البلاد.. فيما سيطر تنظيم داعش بين عامي 2014 و2017 على ثلث مساحة العراق تحت شعار مواجهة الشيعة المكون الاكبر في البلاد.

يشار الى ان الاحتفال بالمولد النبوي هذا العالم يأتي في خضم حملة شرسة يتعرض لها الاسلام حيث اثارت رسوم كاريكاتورية ضد النبي محمد نشرت في فرنسا ودافع عنها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون موجة غضب واسعة بين مسلمي العالم.

وشهدت بغداد الاثنين الماضي تظاهر مئات العراقيين الغاضبين قرب مبنى السفارة الفرنسية احتجاجا على الاساءة للنبي محمد، حيث احرق المتظاهرون العلم الفرنسي وصور ماكرون ورفعوا شعارات تدعو الى مقاطعة البضائع الفرنسية والتصدي للاساءة للدين الاسلامي.

ومن جهتها، طالبت المفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان المنظمات الدولية بالنهوض بمسؤولياتها الإنسانية وواجباتها المجتمعية والأخلاقية لمنع الإساءات المتكررة إلى الرسول والدين الإسلامي تحت مظلة حرية التعبير لبث بذور الكراهية والبغضاء والعمل بجدية لنشر ثقافة التسامح والسلام بين شعوب العالم.

ودعت المفوضية الى تشريع قانون دولي يجرم الإساءة للأديان لافتة إلى أن ترسيخ حقوق الإنسان ينبع من احترام وتقديس الديانات والرسالات السماوية .