جدة: أصيب شخصان على الأقل الأربعاء في هجوم بعبوة ناسفة في مقبرة لغير المسلمين في جدة في غرب السعودية خلال إحياء دبلوماسيين اوروبيين ذكرى اتفاق الهدنة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 1918.

وهو الاعتداء الثاني في جدة بعد هجوم في 29 تشرين الأول/اكتوبر استهدف حارس أمن في القنصلية الفرنسية.

وقع الهجومان بعد سلسلة اعتداءات نفذها إسلاميون متطرفون في فرنسا والنمسا على خلفية نشر الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد، وموقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لجهة إدراج نشر الرسوم في إطار حرية التعبير في فرنسا.

وأعلن المتحدث الإعلامي لإمارة منطقة مكة المكرمة سلطان الدوسري أن الاعتداء الذي وصفه بأنه "فاشل وجبان" وقع "أثناء حضور القنصل الفرنسي لمناسبة في محافظة جدة"، مضيفا أنه أسفر عن "إصابة أحد موظفي القنصلية اليونانية ورجل أمن سعودي بإصابتين طفيفتين".

ووردت تقارير عن إصابة بريطاني في الاعتداء لم تؤكدها لا السلطات السعودية ولا البريطانية.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان "استهدفت المراسم التي كانت تجري في ذكرى انتهاء الحرب العالمية الأولى في مقبرة لغير المسلمين في جدة والتي كان يشارك فيها عدد من القناصل بينهم قنصل فرنسا، باعتداء بعبوة ناسفة هذا الصباح، ما أدى الى وقوع عدد من الجرحى".

ونددت الخارجية بـ"حزم بالعمل الجبان غير المبرر"، داعية السلطات السعودية إلى التحقيق في هذا العمل و"تحديد الجناة ومحاكمتهم".

وعلى تويتر، طالبت بعثة الاتحاد الأوروبي في المملكة بفتح "تحقيق سريع ومعمّق" في الاعتداء، فيما طالب وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بـ"معاقبة المسؤولين عن هذا العمل الجبان".

وتضم المقبرة التي تعود إلى ما قبل 1923، العام الذي أعلن فيه قيام المملكة العربية السعودية بتسميتها الحالية، رفات كثر من غير المسلمين بينهم جندي فرنسي قتل إبان الحرب العالمية الأولى وآخر بريطاني قتل إبان الحرب العالمية الثانية.

وأغلقت شرطة المرور السعودية الطرق المؤدية إلى المقبرة في وسط جدة، بحسب مصور لوكالة فرانس برس في موقع الحادث.

والشهر الماضي، أصاب مواطن سعودي بسكين حارسا بجروح أمام القنصلية الفرنسية في جدة في اليوم ذاته الذي قتل فيه رجل ثلاثة أشخاص في كنيسة في نيس بجنوب فرنسا.

وحثت السفارة الفرنسية في الرياض رعاياها في المملكة على "توخي الحذر الشديد".

واحتفلت دول عدة من بينها فرنسا وبلجيكا الأربعاء بالذكرى الـ102 للهدنة المبرمة بين ألمانيا والحلفاء والتي مثّلت نهاية الحرب العالمية الأولى.

احتجاجات وغضب

أثارت تصريحات الرئيس الفرنسي حول الرسوم وحول الإسلام المتطرف خلال الأسابيع الماضية غضبا في الشرق الأوسط وفي العالم الإسلامي. وحصلت احتجاجات ضد فرنسا في عدد من الدول الإسلامية، وحضّت جهات على مقاطعة المنتجات الفرنسية.

وسعى ماكرون إلى تهدئة الغضب، مؤكدا في مقابلة مع قناة "الجزيرة" أنه يتفّهم أن تكون الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد أثارت "صدمة" لدى مسلمين، لكنه ندد بـ"العنف" وبـ"تحريف" تصريحاته، وتصويرها وكأنه هاجم الدين الإسلامي.

وقد استنكرت السعودية الرسوم الكاريكاتورية التي نشرت في صحيفة "شارلي إيبدو"، مؤكدة في الوقت ذاته إدانتها "كل عمل إرهابي" ورافضة أي محاولة للربط بين "الإسلام والإرهاب".

وعقدت فرنسا والنمسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي الثلاثاء قمة مصغرة عبر الفيديو لمحاولة تعزيز "الرد الأوروبي على الإرهاب"، بعد اعتداءات في فرنسا وفيينا.

ويسلط الاعتداء في جدة الضوء مجددا على السعودية التي تشهد حملة انفتاح بعد عقود من التشدد في إطار خطة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد ووقف الارتهان للنفط، وخصوصا عبر جذب الاستثمارات في قطاعي الترفيه والسياحة.

والعام الماضي، أقدم مواطن يمني على طعن أربعة إسبان بالسكين خلال عرض مسرحي في حديقة في الرياض بالهواء الطلق. وكان ذلك الاعتداء الأوّل ضد واحدة من نشاطات الترفيه التي باتت تنظمها الرياض ومدن سعودية أخرى بانتظام.

ويحذّر بعض السعوديين من أن إدخال مثل هذه الإصلاحات في مجتمع محافظ للغاية ينطوي على مخاطر.

وتم تنفيذ حكم الإعدام باليمني في شهر نيسان/أبريل الماضي، بحسب السلطات التي كانت اتّهمت فرع تنظيم القاعدة في اليمن بالوقوف خلف الاعتداء.

ووقع الاعتداء في جدة قبل نحو عشرة أيام على استضافة المملكة اجتماعات مجموعة قمة العشرين السنوية عبر الفيديو.