ايلاف من لندن: اطلق البرلمان العراقي فجر الخميس بعد جلسة مطولة شهدت مشادات كلامية وانسحاب النواب الاكراد يد الحكومة للبدء بصرف رواتب الموظفين والمتقاعدين المتأخرة وتمويل عمليات الانفاق العام للاشهر الثلاثة المتبقية من العام الحالي وذلك بتمريره لقانون يجيز لها اقتراض مبلغ 10 مليارات دولار من الخارج والداخل.

فقد مرر البرلمان العراقي قانونا لسد العجز المالي الذي تعاني منه الدولة وسمح للحكومة اقتراض مبلغ 10 مليارات دولار سيخصص 20% منها للمشاريع الاستثمارية.

وتضمن القانون الجديد تقدير إيرادات الدولة للاشهر الثلاثة الاخيرة من العام الحالي 2020 بحوالي 9 مليارات دولار وإجمالي النفقات الضرورية خلال الفترة نفسها بعشرين مليار دولار .

اتهامات بمعاملة الاكراد بعنصرية
وشهدت جلسة البرلمان مشادات كلامية بين النواب الشيعة والاكراد بسبب فقرة في القانون تقضي بتحديد حصة إقليم كوردستان من مجموع الإنفاق الفعلي (النفقات الجارية ونفقات المشاريع الاستثمارية) بعد استبعاد النفقات السيادية "بشرط التزام إقليم كردستان بتسديد أقيام النفط المصدر من الإقليم وبالكميات التي تحددها شركة تسويق النفط العراقية سومو حصراً والإيرادات غير النفطية الاتحادية وفي حالة عدم التزام الإقليم لا يجوز تسديد النفقات للإقليم ويتحمل المخالف لهذا النص المسؤولية القانونية".
وقد ادى ذلك الى انسحاب النواب الاكراد من الجلسة احتجاجا على هذه الفقرة في القانون وتقرر تاجيل المصادقة عليها بعد اجراء مناقشات حولها في وقت لاحق.

واثر ذلك اعتبرت فيان صبري رئيس كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني في البرلمان العراقي فيان صبري الفقبرة الخاصة إقليم كوردستان في قانون الاقتراض مجحفاً بحق الاكراد.

وقالت صبري في تصريحات صحافية نقلتها وسائل اعلام كردية ان النواب الاكراد شاركوا في جلسة البرلمان بناء على وعود من رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي وعدد آخر من النواب بتأجيل الفقرة الخاصة بإقليم كوردستان في قانون تمويل العجز المالي "لكننا تفاجأنا بعرض المادة للتصويت وإطلاق إساءات تطال إقليم كردستان من قبل بعض النواب ما دفعنا لمغادرة القاعة وبعدها تم تمرير القانون، بأهواء عنصرية".

فجوة مالية

ويشير القانون الى وجود فجوة مالية بعشرة مليارات دولار سيتم تمويلها من خلال الاقتراض الخارجي والمحلي عن طريق اصدار حوالات الخزينة والسندات والصكوك والقروض المحلية وكذلك الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية والبنوك الاجنبية لتمويل هذه الفجوة.

ووزع البرلمان بحسب وثائق اطلعت عليها "ايلاف" مفردات صرف القرض خلال الاشهر الثلاثة المتبقية من العام الحالي 2020 لدفع لرواتب الموظفين والمتقاعدين المدنيين والعسكريين ورواتب الحماية الاجتماعية والبطاقة التموينية وبرنامج مكافحة جائحة كورونا ولكلفة انتاج النفظ الخام والغاز وللمهجرين وللمشاريع الاستثمرية.. اضافة الى تخصيصات لانجاز عملية الانتخابات المبكرة المقررة في 6 حزيران يونيو المقبل ولخدمات الرئاسات الثلاث لجمهورية والحكومة والبرلمان والاجهزة الامنية والصحية وبقية الوزارات.

ومن بين التخصيصات الاخرى ايضا مبالغ لدعم المزارعين ولبرنامج استقرار المحافظات ولمشاريع محافظة ذي قار الجنوبية.
كما خصص القانون مبلغ 300 مليون دولار لانجاز ميناء الفاو الكبير في محافظة البصرة الجنوبية والذي سيعتبر الاكبر خليجيا والعاشر عالميا وقرر اعتماد البصمات في الرواتب لغرض ضمان عدم وجود "فضائيين" وهم الموظفين الوهميين الذين تصرف لهم رواتب من دون حقيقة وجودهم.

وتشير الاسباب الموجبة لاصدار هذا القانون الى انها تأتي لتأخر المصادقة على مشروع قانون الموازنة الاتحادية العامة لعام 2020 واستمراراسعار النفط الخام عند مستويات منخفضة وبما يضمن استمرار تمويل رواتب الموظفين والمتقاعدين وشبكة الحماية الاجتماعية والادوية والبطاقة التموينية ومستحقات الفلاحين والمقاولين والنفقات الضرورية الاخرى.

اقرار القانون يطلق صرف رواتب الموظفين والمتقاعدين
وسبق تصويت البرلمان على قانون العجز المالي عقد اللجنة المالية النيابية اجتماعاً بحضور رؤساء الكتل البرلمانية لوضع اللمسات الأخيرة على القانون قبيل التصويت عليه. وأعلنت اللجنة عن اتفاق مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي على تمرير قانون الاقتراض والمبلغ الذي تراه مناسباً بما يضمن تأمين رواتب الموظفين.

والى الآن لم يتسلم الموظفون رواتبهم للشهر الماضي برغم مرور 11 يوما على موعدها في حين اكد وزير المالية علي عبد الأمير علاوي الاسبوع الماضي أن الرواتب ستصرف مباشرة في حال إقرار البرلمان لقانون الاقتراض.
ولجأ العراق إلى الاقتراض قبل أشهر لتأمين رواتب موظفي الدولة إثر تراجع أسعار النفط بفعل جائحة كورونا التي شلت اقتصادات العالم.

يشار الى ان قيمة الموازنة العامة للبلاد المقترحة للعام الحالي 2020 التي لم يتم اقرارها لحد الان تبلغ 100 مليار دولار وبعجز تجاوز 58 مليار دولار وذلك بسبب تراجع الإيرادات المالية إثر تدني أسعار النفط في الأسواق العالمية وانتشار فيروس كورونا.
وقد تم تمويل 40 مليار دولار من العجز المالي للموازنة والمتبقي منه يبلغ حوالي 19 مليار دولار.

والعراق ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك بمتوسط 4.5 ملايين برميل يوميا وهو يعتمد بنسبة 97 بالمئة على إيرادات النفط لتمويل موازنة البلاد السنوية.

واتخذت حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي منذ توليها السلطة في أيار مايو الماضي سلسلة إجراءات تقشفية هدفت إلى خفض النفقات تماشيا مع تراجع الإيرادات وأجرت تعديلات واسعة في إدارة الإيرادات المالية أبرزها المنافذ الحدودية في مسعى لإنهاء الفساد ورفد خزينة الدولة بالأموال.